18 ديسمبر، 2024 11:20 م

تظاهرات باريس … والعراق .!

تظاهرات باريس … والعراق .!

A \ : إذ على مدى الأيام القلائل الماضية والى غاية اليوم , تشهد العاصمة الفرنسية ومدنٌ اخرى تظاهراتٌ واسعة النطاق وآخذة بالتوسع والإمتداد النوعي الذي جرّ بعض النقابات والإتحادات المهنية للإنضمام اليها , للمطالبة بتغيير سنّ الإحالة على التقاعد من 62 الى 64 عاماً ومن دون موافقة الجمعية الوطنية او البرلمان .. في خضّم ذلك لوحظَ وشوهِدَ عبر شاشات القنوات الفضائية وبضمنها التلفزيون الفرنسي , أنّ اعداداً كبيرةً من المتظاهرين هم في سنّ الشباب .! وهذا دليلٌ آخر على تحريكهم من جهاتٍ معيّنة او محددة , علماً أنّ موضوع الإحالة على التقاعد سواءً في فرنسا ومعظم الدول الغربية فإنّما يشمل كلا القطّاعين الخاص والعام .
الى الآن لم نطرح ما هو جديد , وكأننا لم نبدأ الحديث بعد .!
ما ينقص المتظاهرون الفرنسيون وما يفتقدوه , فهو معلومة محددة من العراق , لم يسمعوا بها من قبل ولم تراود احلامهم في كلا الغفوةِ والصحوة .! فمنذ سنواتٍ غير قليلة صدرَ قرارٌ حكوميٌ من اعلى سلطةٍ في الدولة العراقية < وهو قرار فريد من نوعه ولم تسبقه سابقة في ايٍّ من دول العالم > وهو : تمديد سنّ التقاعد الى 70عاماً .! ولكن ليس لموظفي الدولة ومؤسساتها الحكومية , وإنّما فقط للمفصولين السياسيين ! علماً أنّه لم يكن هنالك ايّ مفصولٍ سياسيٍ في انظمة الحكم السابقة , وكان المقصود بذلك الأشخاص الفارّين والهاربين من العراق قبل الإحتلال , وتحتَ وفوقَ أيّة اسبابٍ ما , حيث اعتبرتهم السلطة العراقية كمجاهدين ومناضلين , وكان ذلك القرار قد صدر في حقبة رئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي .
B \ يلاحظ المتابعون والمشاهدون لمجمل التظاهرات التي حدثت في فرنسا على مدى السنين السابقة , ولأسبابٍ واهدافٍ متباينة , أنَّ تلكم التظاهرات كانت تتسم بنوعٍ من العنف يبدأُ ولا ينتهي بتهشيم زجاج السيارات او العجلات المتوقفة على جوانب ارصفة الشوارع , ويتبعها تكسير وتهشيم واجهات المحال التجارية بجانب اشتباكاتٍ محدودةٍ مع رجال الشرطة , ودون أن نعلّق على عبثيّة هذا السلوك ومنحى تلكُنّ التظاهرات من جوانبٍ سوسيولوجية وسيكولوجية , فنسجّل أنّ مثل ذلك لم يحدث في تظاهرات ساحة التحرير في بغداد , ولا حتى في تظاهرات الأشقّاء اللبنانيين في بيروت وسواها في السنوات السابقة , وايضاً في التظاهرات العارمة للأخوة المصريين في إسقاط الرئيس الراحل حسني مبارك وازاحته عن الحكم , كما ذات الأمر تكرر في بعضِ عواصمٍ عربيةٍ اخرى … أقلَّ ما نقولهُ هنا , فإنّه الفرق الشاسع والواسع بين الحضارة العربية وبين حضارة الغرب وفرنسا تحديداً , والتي ارتبط إسمها بالإنفراد الأول في إعلان حقوق الأنسان السابق منذ اقتحام سجن الباستيل الذائع الصيت واتخذت تسمية ” الثورة الفرنسية ” آنذاك في الإطاحة بالنظام الملكي والتحوّل الى النظام الجمهوري , وبدا وغدا من شديد الوضوح أنّ تكنولوجيا وتقنيّات الغرب لا علاقة لها بالمبادئ والفكر والحضارة , ويصعب عليها الإرتقاء الى هذه المنزلة من الفكر الأنساني