23 ديسمبر، 2024 1:31 م

لطريق الثالث…. برؤية…(دولية ـ إقليمية ـ عراقية) !

لطريق الثالث…. برؤية…(دولية ـ إقليمية ـ عراقية) !

لم تكن أحداث المناطق الغربية (التظاهرات والاعتصامات) ناتجة من مظلومية اجتماعية وسياسية (وهذه الحقيقة تدركها القيادات في تلك المناطق فهي صاحبة الحظوة والدعم من رئيس الحكومة نوري المالكي بدليل تمتع اغلب  القيادات العشائرية والسياسية بعلاقات جيدة مع دولة رئيس الوزراء)، فقد ظهرت تلك الإحداث وكأنها أرادة شعبية بمطالب مشروعة كما يراها المراقب، بيد أن الحقيقة مجافية لذلك وان حاول الكثير من قيادات التظاهرات إخفاءها والدفاع عنها مع وجود من جرفه العقل الجمعي دون دراية بما خطط لخارطة الحراك الجماهيري!
فالحقيقة أن مشروعاً إقليميا يدار بجدار تركي وأموال قطرية يهدف إلى (تقسيم المقسم)، لتفتيت قوى الممانعة وتدجينها لضمان امن الكيان الصهيوني انطلق في آن واحد وعلى مرحلتين سيناريو سوري (تظاهرات ـ اعتصامات ـ صراع مسلح ـ تقسيم ) ومرحلة أخرى تتمثل بتكوين رأي عام ناقم في المنطقة السنية تكون الحاضنة له مدينة الرمادي ومن ثم يمتد إلى مناطق الأغلبية السنية يكون نواة دولة العراق الإسلامية في الشام والعراق !وقد رصد لهذا الهدف قبل سنتين (100)مليون دولار لشراء وسائل أعلام  محلية وأجنبية كان له الدور الكبير في ضخ كم هائل من المعلومات لتغذية وإذكاء النعرة الطائفية والتصديق بمفهوم إقصاء وتهميش السنة (كما في قانون المساءلة والعدالة الذي يدفع فاتورته الشيعة أكثر من السنة)!
استدراج الحكومة …(فقاعة )!!
مما ساهم في تنفيذ ما خطط له قبل نهاية السيناريو السوري تعامل الحكومة مع المتظاهرين بفعل التعبئة الإعلامية المغرضة بادئ الأمر والاستهانة بحجم الادعاءات فهي تعرف عدم مصداقيتها ووقعت بخطأ وصف حقيقتها (فقاعة )ف (ليس كل ما يعرف يقال)!وكان الأجدر بالحكومة الانحناء إلى مطالب المتظاهرين وتحقيق مطالبهم المحصورة بين السلطة القضائية والتنفيذية لسحب البساط أو تأخير مشاريع التمزيق ! فمنحت الحكومة بذلك المتطرفين من أذناب القاعدة وخلاياها النائمة والبعثيين فرصة اعتلاء منصات التظاهر، وبذلك كشف ميزان المعادلة فسارعت الحكومة إلى التجاوب مع مطالب المتظاهرين لتلافي الانزلاق والعودة إلى الأحداث الطائفية(2006 ـ 2007 ) التي بدت رائحتها تفوح من  خطابات منصة ساحات المتظاهرين فشكلت اللجان “الدينية والعشائرية والسياسية” لتحقيق  ما هو مشروع وكفله الدستور، ولكن دون جدوى فسقف مطالب المتظاهرين بدا يحلق بعيدا كلما حاولت الحكومة الوصول لتحقيقه وبذلك وضعت الأحداث البلاد في ثلاث طرق(العودة إلى الاستبدادـ  الحرب الطائفية ثم التقسيم ـ معالجة الأزمة عراق واحد  ) رفض العراقيين من خلال استطلاعات أجنبية ومحلية  اثنين منهما ولم يبقى سوى خيار  الطريق الثالث المتمثل بعراق واحد تضمن فيه مصالح جميع العراقيين بما فيها المصالح الإقليمية والدولية وسنقرئه برؤية دولية ـ إقليمية عراقية!
المملكة المتحدة وأمريكا!!
بعد عشر سنوات على التغيير يبدو أن  (أمريكا والمملكة المتحدة) يعيدون رسم الخارطة العراقية من جديد وتخلًوا عن نظرية ( حلفاء الخارج ) ويسعون  إلى أنتاج قوى (سياسية ـ  دينية ـ عشائرية) من الداخل فضلا عن تقوية خصوم السيد المالكي من داخل البيت الشيعي  ومن العرب السنة إضافة للقوى الكردستانية التي مثلت معقل المعارضة السياسة وكاد اجتماع اربيل الذي ضم قوى سياسية مختلفة ( الأكراد والعراقية والتيار الصدري) أن يطيح بالمالكي وكان قاب قوسين   من تحقيق نصاب ( سحب الثقة)، (لولا دعم عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى بالوقت الضائع لرئيس الوزراء بذريعة (أننا لا يمكن أن نمضي بالعراق إلى المجهول ونختصر البلد بشخص ، ومطالبته المجتمعين بتقديم البديل قبل الإطاحة بالمالكي )!!
الاتحاد الأوربي !
يسعى إلى أيجاد حليف من خارج سياقات المؤسسة السياسية والاشتغال على (توكنقراط )الداخل والخارج ومن مختلف التوجهات (العلمانية والإسلامية السنية والشيعية من الأكراد والعرب ) تؤسس لخارطة سياسية جديدة تدفع بالبلد إلى استعادة عافيته السياسية والاقتصادية وبالتالي اخذ مكانته الطبيعية كقاعدة استقرار شرق أوسطية يمكن أن يكون محور المعادلة القادمة في منطقة توصف أنها الأكثر اضطرابا في العالم وهذا ما يشكل  اهتمام (الغرب وأمريكا) “معاً ” باستقرار العراق كبلد تعويض احتياطي(بقرة حلوب) في حالة نشوب أي صراع مسلح بين أطراف التصعيد وأهمها الصراع ( الإيراني ـ الإسرائيلي ) .
 
 
الإقليم( إيران ـ تركيا ) !
الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي ترتبط مع العرق بشريط حدودي يجاوز الألف كيلو متر يشكل العراق سوقا كبيرا لصادراتها عبر المنافذ  الحدودية وبذات الوقت مشروعا سياسيا وعمقا استراتيجيا لا يمكن التخلي عنه  تسعى لتحكيم أدوات الاستمكان عبر القنوات الدبلوماسية والثقافية يساعدها بذلك غياب الدبلوماسية العربية بسبب القطيعة ورفض غالبية الدول العربية لتغيير ما بعد 2003 في العراق .
في الجهة المقابلة حلم السلطان العثماني العائد تحت مظلة حزب العدالة والتنمية الإسلامي بزعامة( اردوكان) الذي أصبح بين ليلة وضحاها حامي عرين المشاريع (الاسلاموية السنية) ومعقل “الأخوان المسلمين” ،على خط آخر يسعى للانضمام للاتحاد الأوربي الذي يفرض عليه شروط  تنفيذ الحقوق المدنية والحريات العامة من قبيل (تجارة الجنس وبيع الخمور …والخ مما يتعارض وأحكام الشريعة الإسلامية )! دخل حلبة الصراع العراقية بذريعة مواجهة النفوذ الإيراني بالعراق بطلب  وتمويل من دول  الخليج العربي لضمان بعضا أوراق اللعبة العراقية وتلبية   ل(واوردر أمريكا ) لتأمين خط الغاز العراقي التركي الذي سينتهي العمل به عام (2014 ) لتغطية حاجة الغرب من الغاز الطبيعي في حال نشوب الحرب بين ( إسرائيل والجمهورية الإسلامية الإيرانية ).
الرؤية العراقية…
وسط هذا المشهد الدولي  الشائك شهدت الساحة السياسية العراقية تقاطعات وتجاذبات  رؤى بين القوى السياسية المتصدرة للمشهد السياسي العراقي على شكل وهيئة خارطة  الدولة لعراقية المفترضة  بعد أن  كشفت حركة الاحتجاجات في المناطق السنية عن خط الانحدار إلى وادي الطائفية السحيق التي تنفخ في رماده قوى الشر من الداخل والخارج !!
 القائمة العراقية…
القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي تحاول العودة إلى الوحدة ولملمة أوراقها لمبعثرة مرة أخرى والعودة  إلى تحالف (علاوي ـ النجيفي ـ المطلك ) ثم تمضي بنظام التحالف المرحلي مع جبهتين جبهة رجال الأعمال ( خميس الخنجر ـ محمد النجيفي …والخ) وتالي مع جبهة رجال الدين المعتدلين  ( عبد الملك السعدي ـ احمد عبد الفور السامرائي …وآخرين)وثالث مع بعض شيوخ العشائر في (الانبار ـ الموصل ـ   وصلاح الدين ـ ديالى ـ وكركوك) لتحقيق أغلبية سياسية تمكنها من تكرير المعادلة السياسية الحالية وإعادة إنتاجها عبر تعديل بعض مواد الدستور التي ألحقت ضرراً بشريحة كبيرة من جمهورهم (المسائلة والعدالة ـ مبدأ التوازن ـ الشراكة )!
كتلة المواطن …
دأبت كتلة الحكيم (المواطن ) على أمساك العصا من الوسط بقوة ومثلت بمناسبات الصراع المستمرة بين الحكومة المركزية وإطراف المعارضة (الكردستانية  ـ التيار الصدري ـ القائمة العراقية ) نقطة العودة والالتقاء وقاعة الحكيم تحولت الى محط رحال أطراف الصراع ( الحكومة ـ المعارضة ) على حد سواء .
تسعى الى تنمية وانتاج نموذج (الكتلة العابرة) للطائفية والعرقية والمذهبية(المواطن ـ التيار الصدري ـ رجال دين سنة ـ شخصيات سياسية معتدلة من مختلف الأطراف ) وتبقي باب الانضمام مفتوح للجميع،  كونها هضمت درس السنين العشر الماضية بواقعية لذلك استثمرت عناصر قوتها ( الخطاب المعتدل ـ ثقة الأطراف السياسية ـ المقبولية الدولية  الإقليمية والمحلية).
طبعاً أن مشروع يرتكز على هذه الثلاثية التي كانت سبباً للخلاف يمكن أن يعبر إلى بر الأمان أذا ما كتب له النجاح .
دولة القانون …
التي تتزعم الحكومة منذ دورتين دفعت ضريبة تصديها للمشهد السياسي ( من يتصدى أولا تكسر الجرة في رأسه)! ،ولم تتعض من درس الدورة الأولى، مضت في سياسة أضعاف الجميع فتقيدت  بحبال شراكها التي نصبتها للآخرين فوقعت فريسة للصراعات والتجاذبات مع القوى السياسية التي أرهقتها وفرضت عليها سياسة (الهروب إلى الأمام ونقل الضوء )!
شكلت صدمة انتخابات مجالس المحافظات لها جرس الإنذار وعامل أيجاب  فرض عليها أعادة ترتيب الأوراق وتشريح المتغيرات بموازين القوى الفائزة  والاستعداد للنزول بقوة إلى انتخابات البرلمان نهاية العام الحالي .
تنتظر انحلال فرط القوى السياسية (العراقية ـ التيار الصدري ـ كتلة المواطن…والقوى الأخرى ) لجمعه والعودة للصدارة لتسيد المشهد السياسي من جديد ، وهذا سيتوقف على فشل القوى التي فازت بمجالس المحافظات الحالية في تقديم الخدمات لمواطني محافظاتهم الأمر الذي تدركه تماماً القوى الفائزة.