يقال ان ( نشالين ) تحديا بعضهما فحمل الأول( ليرة عثمانية ) وضعها في فمه لكي يصعب على الآخر الوصول إليها وعبر بها جسر الأئمة من جهة الكاظمية إلى الاعظمية ومعلوم أن الجهة المقابلة لضريح أبي حنيفة فيها سوق شعبي مزدحم بالناس ويكثر فيه بيع الدجاج فقام الثاني بسرعة بديهية يحسده عليها الشيطان نفسه وفك قطعة نقدية ذات العشرة فلوس إلى فلسان وانتظر مرور متحديه في المكان الاشد ازدحاما في السوق ولما اقترب منه نثر الفلسان في الأرض ونادى بأعلى صوته : ( يا أهل الرحم .. يا أهل الغيرة .. يا أهل المروءة ) رحم الله من اعانني في جمع ماسقط مني فتعاون معه الناس في جمع الفلسان وفي هذه الأثناء توقف النشال الذي يحتفظ بالليرة في فمه حتى يتمكن من حل لغز متحديه لكن المتحدي صاح بأعلى صوته : ( أهل الغيرة بعد ليرة ) وهنا رفع أحد المشغولين بجمع الفلسان راسه فرأى شخصا يضع ليرة في فمه ويعض عليها باسنانه فما كان من هذا الغيور الا معاجلته بسطرة على خده مصحوبة بسيل من الشتائم و ( الفشار ) البغدادي المضبوط وسحبها من فمه ووضعها في يد صاحب الفلسان وسط دهشة صاحبها الحقيقي من ذكاء غريمه النشال وجمال فكرة تفكيك العشرة إلى فلسان والتي حصل من خلالها على تعاطف الناس وبحثهم معه عن ماسقط منه وكيف جزء خطته إلى نثر الفلسان اولا والادعاء باختفاء ليرة ثانيا قصة هذين النشالين وقضية تحديهما لبعضهما وتحوط الأول في وضع الليرة في فمه حتى يصعب وصول متحديه إليها وذكاء الثاني في بعثرة الفلسان ومن ثم الادعاء بفقدان الليرة وطلب البحث عنها من الحاضرين هي نفسها تحصل اليوم لكن مع وجود النشالين بهيئة مختلفة واستبدال الفلسان بالدنانير العراقية والليرة بدولار أبناء العم سام فقط الذي لم يتغير هو نحن المستغفلين الذي أطلق علينا صاحب الفلسان : ( أهل المروءة وأهل الغيرة ) إذ كنا في الحالين ساحة لتحدي النشالين وسلاح بيد بعضهم ضد الآخر في تصفية الحساب بينهم وفي الأساس نحن المسروقين سواء كانت السرقة فلسان وليرة او دنانير ودولار أمريكي.
.