20 ديسمبر، 2024 8:04 ص

تعبر مواقف و كتابات البعض من أخواننا في الوطن عن شعور ذاتي تختلط فيه الحسرة على ماضي التعايش السلمي مع ايحاءات بتحميل المسلمين مسؤولية من يجري من ظلم انساني لشركاء الوطن من باقي ابناء المعتقدات الدينية، الذي يتاثرون بحملة تضليل واسعة لتحميل المسلمين مسؤولية مباشرة في مظالم داعش، بينما يُغض النظرعن بدايات نشأتها في مطابخ مخابرات اقليمية و دولية تلتقي عند هدف تخريب العراق أرضا و شعبا في اخطر صفحات التاريخ العراقي، ما يتطلب يقظة وطنية لا حملة اجتهادات عشوائية.
نتفهم جيدا بل و نشترك مع النائب فيان دخيل بذرف الدموع على جريمة سبي و تهجير آهلنا الصابئة، الذين لم يكونوا موضع تخوين أو ترعيب من مسلمي العراق على مختلف مشاربهم، ونؤكد بلسان عراقي الحرص الكبير على تركيبة مجتمع خصه الله بطيف استثنائي في المنطقة و العالم، أخوة كانوا دوما حزام ظهر للعراق في الملمات و واحة خير و محبة في غيرها من المناسبات، ليس المسملون سبب النكبة الانسانية المتواصلة في العراق منذ حزيران 2014 بل سياسات الاحتلال التي باركها السياسيون الحالمون بالمناصب دون الأعتبار مبكرا بمخاطرها الاجتماعية و الانسانية، التي يدفع المواطنون ثمنها اليوم بشكل جماعي، بينما يوظفها سياسيون للبقاء في دائرة الضوء على جثث الأبرياء أحياءا و أمواتا.
المسلمون العراقيون ليسوا دواعش ولن يكونوا كذلك، و محاولة تحميلهم مسؤولية ما يجري من ظلم و قتل و تهجير تهمة في غير محلها، فبمجرد القاء نظرة على جغرافية الخراب سيكتشف العقلاء أن مخططا في الخفاء تم ترتيبه لتغيير شكل الوطن أرضا و شعبا.. من الانبار الى بابل مرورا ببغداد وديالى و كركوك و نينوى فان قائمة الخراب متشابهة في الضحايا والبيوت المهدمة و الحقول المهجورة و النفوس المنكسرة، باسثناء كردستان التي حافظت على كل شيء رغم أن الدواعش” تحرشوا” بها قبل غيرها!!
نتفهم آنين العزيز ماجد عزيزة وهو يبكي نخوة عراقية في الموصل و عتبه الكبير و الواضح على المسملين لأنهم لم ينتصروا لأخوانهم المسيحيين بقوله” نحن نغادر مدينتنا الموصل مطرودين وقد أذلنا حاملي راية الاسلام الجديد ، نغادرها لأول مرة في التاريخ ، لابد لنا في هذا الموقف ان نقدم شكرنا لأهلنا فيها ، أهلنا الذين كنا نعتقد بأنهم سيحمونا كما كانوا يفعلون ، وسيقفون بوجه عتاة مجرمي القرن الحادي والعشرين ويقولون لهم ان هؤلاء هم الأصلاء وهم الذين اسسوا هذه المدينة ، كنا نطمئن النفس في ان لنا جار عزيز ، وابن محلة شهم ، واخوان تبرز اخلاقهم يوم الشدة ..لكننا خذلنا ونحن نغادر”.. هذا العتب فيه حرض على الأخوة و تعلق
بالأرض و التاريخ والذكريات، معك عزيزي ماجد نحن الى لهجة الموصليين الجميلة و ذلك الحرص على تأمين لقمة العيش لأشهر بعقلية الحرص على مواجهة المفاجئات لكننا جميع وقعنا في خطأ الحسابات يوم لم نتخذ موقف عراقيا من مغريات السلطة التي اشاعت الخوف و الاحتقان و قطعت جسور المحبة بين النفوس لكن صديقي ماجد لن تكون ” السرجحانة” غريبة عن حمام العليل ولا حي الزهور رافضا لجسر التواصل مع باب الطوب، بينما جسور الموصل الخمسة ستبقى شريان حياة عراقي سيتسعيد النبض قريبا لتعزف الموصل لحن الربيع و نحج اليها للتبارك بمعالمها الدينية و التاريخية بلا انتقائية لتقرع أجراس الكنائس مع موعد رفع الآذان.. ونصلي جميعا في بيت الله الكبير نينوى مصدر الهام العشق و الوفاء و الثقافة.
المسملون في العراق يتميزون عن غيرهم بالتسامح والاعتدال لذلك لم يظهر متطرفا في صفوفهم وليسوا قادة في مشاريع القتل و التخريب العرقي أو المذهبي قبل أن يُبتلى العراق بكل أشكال الشطط السياسي و الأمني التي أوجدها الاحتلال و ساهم بانشطارها برؤوس غير عراقية ليجعل من التشدد الديني وسيلة لتلغيم اجواء التسامح في العراق، ما يستدعي توحيد الصفوف لادانة هذا المشروع بدلا من تحميل ضحاياه مسؤولية ما يجري من ويلات انسانية موزعة بشكل دقيق على جميع العراقيين.
مسلمو العراق ضحية فهم يتصدرون قوائم النزوح والحرمان .. كانوا أغلبية في العدة و العدد لكنهم تحولوا الى مجاميع مهجرة الى أمد غير معلوم.. وهم ايضا بانتظار وقفة مؤازرة و انصاف من أخوانهم في الوطن..لا تقديم صورة مشوشة في الفضاء الأوروبي، فالتخنذق الديني كن و سيبقى نقيضا للولاء الوطني .. الشماتة ليست من شيم العراقيين لذلك نحتاج الى فهم جديد لفتنة داعش التي تستهدف الاسلام قبل غيره لانها الحقت ضررا جسيما بمباديء العدل و التسامح و المحبة على أيادي مغمسة بدم الطيبين و متسامحة جدا مع العملاء و المرتزقة.. داعش ليست مشروع اسلاميا بل خنجر في ظهر الدين و الوطن و آهله ولن يكون هناك حلا بتوزيع الدم على القبائل بل بتوحيد الصف دفاع عن عراق نشترك فيه جميع و ليس من ملاذ غيره.. فالنازح و المهاجر كالسجين ينتظر لحظة اللقاء بالوطن للتبارك فيه لا ذبح أخوة ابنائه!!

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات