إذا لـم يـحتـكـم مـوظـف الـدولـة إلـى الـقـيـم الأصـيـلـة والأخـلاق الـمـثـلـى فـي تـعامـلـه مـع مـراجـعـيـه ، فـليـحتـكـم إلـى مـبـادئ الـديـن ! ألـم يـقـل نـبـيـكـم مـحـمـد ( ص ) إن الـكـلـمـة الـطـيـبـة صـدقـة ؟ ألـم يـقـل : أحـبـب لأخـيـك مـا تـحـب لـنـفـسـك ؟ أولـم يـقـل تـعـالـى ( إذا حـيـيـتـم بـتـحـيـة فـحـيـوا بـأحـسـن مـنـهـا ) ؟ ألـم يـشـيـر ديـن الإسـلام إلـى أن إلـقـاء الـسـلام ( مـستـحـب ) والـرد عـلـيـه ( واجـب ) … كـواجـب الـصـلاة ؟
فـلــمـاذا يـتـغافـل الـغـالـبـيـة الـعـظـمـى مـن مـوظـفـيـنـا فـي دوائـر الـدولـة كـافـة عـن هـذه الـمـفـاهـيـم الـبـسـيـطـة ، والـمـبـسـّـطـة ؟ فـتـراه عـنـدمـا تـقـدم عـلـيـه لإنـجـاز مـعـامـلتـك غـاضـبـا ً ، مـتـجـهـم الـوجـه ، نـحـسـا ً ، مكفهرا ،ً نـكـدا ً، غـلـيـظ الـخـلـق ، جـاف الـكـلام ، حـانـقـا ً ، مـتـغـطـرسـا ً ، سـيئ الـمـعـامـلـة والتـعـامـل .
مـاذا كـسـبـنـا مـن الإسـلام ؟ إذ الإسـلام ( مـعـامـلـة ) قـبـل أن يـكـون عـبـادة وتـشـريـعـا ً وفـتـاوى واستـنـبـاط للأحـكـام ، فـعـلـى أي مـلـة نـحـن سـائـرون ؟
فـمـوظـفـو الـدولـة ابـتـداء ً مـن الـمـدراء الـعـامـين ونـزولا ً إلـى أدنـى الـهـرم يـتـعـامـلـون مـع الـمـراجـعـيـن وكـأنـهـم ( قـطـعـان مـن الـخـراف ) وهـم يـعـمـلـون ( بالسـخـرة ) لا كـمـاهـم يـتـقـاضـون رواتـب عـالـيـة ، ومـستـحـقـات نـهـايـة خـدمـة عـلـى وظـائـفـهـم التـي يـفتـرض أن يـتـفـانـوا فـيـهـا ، مـن أجـل تـقـديـم أفـضـل الأداء الـوظـيـفـي وبـسـرعـة ٍ وإتـقـان ، لا أن تـضـل الـمـعـامـلات مـكـدسـة ومـركـونـة فـي أدراج مـكـاتـبـهـم لأشـهـر ٍ أو ربـمـا لـسـنـوات ، وعـنـدمـا تـتـوسـل إلـيـه عـن مـعـرفـة سـبـب هـذا الـتـأخـيـر غـيـر الـمـعـقـول ، فـسـوف يـمـطـرك بـسـيـل مـن الـمـبـررات الـواهـيـة ، والأعـذار الـشـنـيـعـة والـمـقـرفـة والـقـبـيـحـة .
أعـادتـنـي الـذاكـرة إلـى الـوراء ، وأنـا أراجـع أحـد الـمـصـارف الـحـكـومـيـة فـي بـغـداد وطـريـقـة تـعـامـل الـمـوظـفـيـن مـع زبـائـنـهـم ، أعـادتـنـي إلـى أيـام خـوال ٍ كـنت أسـتـلـم راتـب مـعـونـة الـعـاطـلـيـن عـن الـعـمـل فـي ( بلاد الـنـصـارى ) حـيـنـمـا تـدفـع لـي مـوظـفـة الـصـنـدوق راتـبـي كـل أسـبـوعـيـن وتــرادفـهـا مـبـاشـرة ً بـعـبـارة (Thank you ) وعـنـدمـا سـألتـهـا ذات يـوم عـن سـبـب هـذه التـشـكـرات ؟ أجـابـتـنـي بـغـايـة التـواضـع : لأنـكـم وفـرتـم لـي الـعـمـل ، فـأنـا بـدونـكـم بـلا عـمـل ، فـشـكـرا ً لـكـم أيـهـا الـعـاطـلـون !