23 ديسمبر، 2024 6:11 ص

لسان حال أردوغان : بقاءُ تركيا, ببقاء داعش!

لسان حال أردوغان : بقاءُ تركيا, ببقاء داعش!

كان لعبور القوات التركية للحدود العراقية, وقعا اختلفت مديات قوته وضعفه, فبين مندد, وبين مبرر , وبين مستنكر, وبين شارع يغلي, وبين أكراد متهمون بالتواطئ, وحكومة متهمة بالعجز والخذلان, وبين ضبابية صورة, لأكثر المتابعين والمراقبين للشأن السياسي!
ومع توافر الكثير من القراءات التي حاولت تفسير ما جرى, وهضمه واستخراج مكنوناته الخفية, نجد أن أغلب القراءات (السلبية), تميل إلى أن لتركيا مطامع في أراضي الموصل! أو أنها تحاول تنفيذ أجندة أمريكية سرية! بينما الجانب المدافع- وهي القيادة التركية- كانت تصر على أن خطوتها هذه جاءت بناءا على اتفاقية مسبقة, أبرمتها مع المالكي وحكومته! فلم يذكروا لنا مضمون هذه الاتفاقية, بشكلها التفصيلي الصحيح المدعم بالأدلة والشواهد, فمرة يقولون بأنها اتفاقية تدريب, لعناصر الحشد والبيشمركة وثوار العشائر, مع العلم أنها أدخلت فرق قتالية كبيرة, مهيأة ومستعدة لخوض معارك عسكرية!
وفي أخرى تدعي أنها عبرت الحدود, من أجل ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني الذي يمارس أعضائه في فترات متباعدة بعض العمليات المسلحة البسيطة في تركيا! وأن دخولها الأراضي العراقية, هو من أجل الحفاظ على الأمن القومي التركي!
تميز السلوك السياسي الإقليمي التركي, بوجود الكثير من العلامات السلبية عليه, شُخصت من قبل المراقبين الإقليميين والدوليين, فمرة يُتهم بأنه قد فتح حدوده على مصراعيها, لعبور عصابات الإرهاب عبر أراضيه إلى العراق وسوريا, ومرة يُتهم بأنه العميل النفطي رقم واحد لتنظيم داعش الإرهابي, والمحور الإقتصادي الأساسي الداعم للحالة المالية لتنظيم داعش, ومرة يُتهم بأنه راعٍ لمشروع سني طائفي كبير في المنطقة؛ كل هذه الإشارات والعلامات, جعلت من تركيا محطا لتركيز الأضواء عليها من قبل الدول المعادية لداعش وللإرهاب التكفيري.
دخول روسيا بثقلها العسكري والإقتصادي, في المعادلة الإقليمية, جعل تركيا تستشعر الخطر كثيرا, خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققته القوات الروسية في سوريا, والتي أدت إلى قلب المعادلة؛ وفي لعراق أيضا, كان الوضع مشابها, من حيث كثرة الأضرار التي أصابت التنظيمات الإرهابية المسيطرة على الكثير من الأراضي العراقية, فكانت ضربات الحشد الشعبي والجيش العراقي, مع وجود الفتوى الدينية المرجعية, ووجد الدعم الإيراني؛ مع التلويح كل مرة باحتمالية الاستعانة بالقوة الروسية, كبديل لقوات التحالف المشتركة بالمعركة ضد داعش في العراق.
الجانب الأمريكي لم يكن له موقفا بالضد من تركيا هذه المرة, وتركيا لم يكن لها دورا سلبيا بالضد من داعش الإرهابي! بل في كثير من الأحيان, كان هناك تهديد تركي ضمني, بأن القضاء على داعش بشكل تام, إنما يعني ضرب القوات الإسلامية السنية في المنطقة, وهذا قد يقود إلى إصطفاف قومي- طائفي عربي سني في المنطقة, يزيد من قوة داعش وبأسها.
تواجد القوة الروسية بسلاحها, وأجهزة مراقبتها التي غطت مساحات واسعة في المنطقة, جعل من التحرك الترك-داعشي بسيط ومقيد جدا, فكان دخول القوات التركية على العراق, خاصة بعد إنقطاع السبل وتقيد الحركة بين داعش العراق وداعش سوريا, جاءت الخطوة التركية, لتبين وتثبت بأن القضاء النهائي والمبرم على داعش, هو أحلام يقظة أصيب بها أعداء داعش الإرهابي, لذا جاءت خطوتهم وتجاسرهم بدخول الأراضي العراقية بحجة ملاحقة حزب العمال الكردستاني, جاء كطريقة أخيرة لمد جسر المعونة والتأييد والدعم التركي للتنظيمات الإرهابية . فبقاء داعش, هو بقاء لقوة المشروع الطائفي التركي في المنطقة!