23 ديسمبر، 2024 8:41 ص

كتبت أكثر من مرة عن الجريمة التي إرتكبها محافظ واسط السابق محمود ملا طلال، وغيره من المحافظين بمنح الشركات والمقاولين العاملين في محافظاتهم صكوكا بدون رصيد وهي أول ظاهرة من نوعها تحدث في كل تاريخ العراق، وقد حذرت حينها- وكان ذلك قبل خمسة أشهر- من التبعات الإجتماعية والإقتصادية إن لم ينتبه المسؤولون الى هذأ الأمر ويجدوا حلا له، وبما أن المسؤولين مشغولون ب”حصة الإقليم” و”حصة البصرة” و”طمطمة جريمة سبايكر” و”الحصول على نسبة من صفقات الفساد” ولاحقا متابعة ما يكشفه موقع ويكيليكس من تورط بعض بعلاقات مشبوهة مع أطراف خارجية والإستعداد للرد عليها أو-وهذا ما سيحصل- الإتفاق على صفقة جديدة من نوع (سد لي وأسدلك) التي تدار بها مجمل ما يطلق عليه (العملية السياسية) في العراق بعد 2003 ولغاية الأن، لم يجد ساستنا حلا لموضوع (الصكوك بدون رصيد) التي منحتها الحكومة للمقاولين والشركات، وكان من إحدى نتائجها أن إشتكى عدد من المتعاملين مع هذه الشركات على أصحابها وأودعوهم السجون بدعاوي (صكوك بدون رصيد) التي منحها أصحاب هذه الشركات لهؤلاء لضمان حقوقهم وليس لغرض الوفاء أو الصرف، ولأن قضاتنا يتعاملون مع نصوص قانونية جامدة تعتبرتحريرمثل هذه الصكوك (جريمة) يحاسب عليها القانون، تم إيداع المقاولين السجون ومراكز الشرطة، فيما لم يتطرق لا الإدعاء العام ولا مفوضية النزاهة ولا أحزاب أي من المسؤولين عن تحرير الصكوك التي منحت للمقاولين (بدون رصيد) ضدهم، بل العكس تماما فقد تم تعيين محافظ واسط السابق- على سبيل المثال- مستشارا للسيد عمارالحكيم مسؤولا عن متابعة المحافظين من كتلة “المواطن” التي ينتمي لها!

الموضوع فيه أكثرمن حديث، فالمقاولين قد منحوا الصكوك للمتعاملين معهم من المقاولين الثانويين بحسن نية “لضمان حقوقهم” وليس للصرف أو الوفاء، وهؤلاء قد قبلوها ويعلمون إنها بدون رصيد وهي للضمان فقط، فيما المحافظين ومنهم محمود ملا طلال، قد منح المقاولين صكوكا لغرض الصرف وهم يعلمون إنها بدون رصيد فأي الجانبين أحق بالمحاسبة؟ والمقاولون قد بنوا للدولة مشاريع من أموالهم وأموال الناس “المقاولين الثانويين” وبإنتظار أن تجود عليهم الدولة التي يتسيدها “المتدينون” مثل “كتلة المواطن” التي ينتمي لها محافظ واسط السابق وغيرها، بمجرد رد الأموال التي أنفقوها وإنتظروا شهورا ولم يحدث ذلك، فماذا فعلت الحكومة؟ أودعت المقاولين الذين سلبت أموالهم وأموال شركاءهم السجون! وأبقت على مرتكبي (جريمة الصكوك البدون رصيد) في مناصبهم بل رقت بعضهم لمناصب أرفع!

كنت متابعا لقضية أحد هؤلاء المقاولين الذي تربطني معه علاقة قربى، كشفت متابعتي لهذه القضية عن حجم الفساد المعشعش في مراكز الشرطة وعن حجم الروتين والتعطيل والفوضى بالإجراءات القضائية، فمثلا لكي يتنازل المشتكي عن المشكو منه، يقدم المشتكي طلبا الى القاضي بالتنازل، يتم إرسال الطلب مع المشتكي الى ضابط الدعوى الذي يدون إفادة المشتكي بالتنازل، طبعا يجب الدفع للضابط في هذه المرحلة وإلا أخرالدعوى الى وقت طويل جدا، قدر ما يسمح به القانون أو الفساد، يتم بعدها تقديم المشكو منه الى القاضي، في يوم أخر طبعا،

لتدوين إفادته عن سبب منحه الصك للمشكو منه “الذي تنازل”، وتعاد بعدها الى الضابط الذي سينفذ ما سيطلبه القاضي منه، وهو في أغلب الأحيان تقديم المشتكي له “لتصديق اقواله قضائيا بالتنازل” وهو ما يسمى “التسيير” وهو مسموح في يومين فقط من ايام الإسبوع، ويستطيع الضابط تأخير اي من هذه الخطوات اياما بل اسابيع إذا لم يقبض من أهل المشكو منه، وأحيانا كثيرة من المشتكي أيضا، فبالنسبة لأغلبهم يتم التعامل مع الموقوفين بإعتبارهم “مصدر رزق” وليس بشرا ولهم عوائل وأطفال وأهل بإنتظارهم.

بعد أن تصدق اقوال المشتكي بالتنازل أمام القاضي، التي ربما تستغرق شهرا- حسب الدفع- يكتب القاضي يطلق سراح الموقوف بكفالة يتم تحديدها من قبله، إجراءات الكفالة بدورها تستغرق اياما وحسب الدفع أيضا.

ماذا إذا لم يدفع أهل المشكو منه؟ سيتم حينها تأخير كل الإجراءات أعلاه، وبما أن قاضي التحقيق لا يجد مستجدات عند تجديد موقوفية الموقوف، لأن الضابط المسؤول لم يعرضها له، فسيقضي بإحالة القضية الى محكمة الجنح، وحينها ستتم مقايضة أهل المشكو منه مجددا وسيضطرون بعد أن اثبت لهم الضابط قدرته على التلاعب بمصير إبنهم الى الدفع. وسيطلب حينها من المشتكي “تقديم طلب جديد بالتنازل” لأن الأول، قد مضى عليه بضعة ايام –الايام التي خبأه فيها- ولا يمكن تقديمه للقاضي الأن خوفا من المحاسبة، وسيقوم المشتكي بتقديم طلب جديد لتأخذ عملية الفساد” شكلها “القانوني”!

قريبي الذي أتابع قضيته قد تنازل عنه جميع المشتكين ولازال موقوفا في أحد مراكز الشرطة-لا اريد ذكره خوفا عليه- ولازال ضابط الشرطة يبتز أهله لإطلاق سراحه فيما يقوم باقي منتسبي المركز من الضباط والمراتب بإبتزازكل من يراجع له لغرض جلب الطعام والملبس له، والحديث عن حجم الرشاوي حديث علني وصريح وكأن الموضوع تجارة وبيع وشراء.

لا أريد كشف باقي ما يحدث في مراكز الشرطة وسأدع ذلك الى مقال أخرفي وقت أخرقد أكشف فيه بعض الاسماء والشخصيات، وإن كان ثمة من يهمه الأمر ويريد- كما يشاع- تصحيح الحال فهذا إيميلي في اسفل المقال وأنا مستعد لكشف المزيد.

[email protected]