22 ديسمبر، 2024 12:03 م

لحظات مع الوقت المفقود…… خاطرة من داخل مستشفى ابن سينا العام…

لحظات مع الوقت المفقود…… خاطرة من داخل مستشفى ابن سينا العام…

لا اعرف الوقت ولا اعرف الساعة وكل ما اعرفه  انني دخلت الى استعلامات المستشفى. قسم القسطرة في الساعة السابعة صباحاً وبعدها سلمت كل الحاجيات الموجودة معي لابني الذي أتى مُرافقا لي.
لم يبقى معي الهاتف او الهويات الشخصية والساعة اليدوية وعندما دخلت الردهة في تلك الغرفة المشيدة
من قاطع الالمنيوم مع اللوحات الزجاجية…
وبعد لحظات قام الكادر الطبي بإجراء كل ماهو مطلوب من تجهيز للمريض قبل وصول الطبيب المختص..
ربما نصف ساعة مضت واذا بالمنادي ينادي باسمي على اعتباري المريض الاول وتم تجهيز عربة المرضى لنقلي الى صالة العمليات..
دخلت تلك الصالة الكبيرة المعقمة والتي يوجد فيها جهاز قسطرة القلب وملحقاته  ومع  كادر طبي مميز  يتكون من عدة اشخاص يقودهم الطبيب الاخصائي بجراحة القسطرة القلبية الدكتور عمار عباس حسن الجرجري..
شاب في يرعان الشباب يحمل معه الحماس لتلك المهنة الانسانية المقدسة..
بدأت الاجراءات بعملية البنج الموضعي وبعدها ادخال سلك تصويري من اعلى الرجل اليمنى ومتابعته عن طريق جهاز تصويري دقيق يتحول من جهة الى اخرى بصورة اوتوماتيكية.. تلاحظ هنا التطور العلمي الذي انعم الله به على بني البشر وكيف يستطيع هذا السلك الصغير تصوير كل اجزاء القلب وشرايينه وتشخيص المتضرر منه او المسدود جزئيا بسبب تراكمات الدهون…
كل هذه اللحظات تدخل في عالم التوثيق وتسجل فيديويا ويقوم الدكتور الأخصائي بعدها بكتابة تقرير خاص ومفصل عن حالة كل مريض…. انتهت اجراءات القسطرة لتعود الى نفس المكان الاول الذي دخلته ليقوم مسؤول صالة الدخول الممرض الفني دلشاد بإجراءاته  التي تتطلب السيطرة على ايقاف سيلان الدم من الوريد الرئيسي وبضغط يدوي يحتاج الى قوة من ذلك الشخص وبعدها يتم وضع كتلة صلبة ذات وزن ثقيل فوق ذلك الوريد ولمدة اربعة ساعات..
من هنا تبدأ الحسابات مع الوقت المجهول لأنك لاتعرف الوقت الان او تحديد الساعة وربما وضعك الصحي الذي يمنعك من الحركة نهائياً نشعر وكان دقائق الزمن قد توقفت وانك تعيش في وقت ضائع لاتعرف من عدد دقائقه وساعته اي شيء.. ملل كبير في تلك اللحظات وانت بعيد عن جهاز الموبايل ولاتعرف ماهو منشور في صفحات التواصل الاجتماعي وربما اذا كنت من المدخنين فان الحرمان من السيجارة سوف يرافقك في هذه الصالة التي اخذت من وقتك اربعة ساعات تقريبا… وبعدها انتهت فترة علاج النزيف لنعود الى عالم خارج الردهة وتجد هناك من ينتظرك من اهلك واصدقاءك وهم قلقون جدا عليك…
وما ان يوصلك ذلك الرجل الشهم وهو يدفع بعربانة المرضى وانت جالس فيها الى السيارة الشخصية التي تقف بانتظارك.. هنا ترى الشمس والنور وانت تحمل معك الصحة والعافية…
سارت بنا السيارة متوجهة الى المنزل وبعد ان تمت استعادة هاتفي وجدت عشرات المكالمات واذا يرن جرس الهاتف والمتكلم الدكتور سعد الخطابي يسال عن صحتي وجاء لزيارتي الى الردهة فابلغه الدكتور بخروجي قبل قليل واعتذر عن عدم زيارتي لانشغاله بواجباته الرسمية ووجه لي الدعوة على الغداء انا ومن معي ولكنني اعتذرت منه بسبب حالتي الصحية ويبقى الدكتور الشيخ سعد الخطابي ابوشام مطلوب تلك الدعوة في المستقبل..
هذه خاطرتي كتبتها لكم اليوم من داخل احد ردهات مستشفى ابن سينا العام في مدينة الموصل  …
ودمتم سالمين….