17 نوفمبر، 2024 3:42 م
Search
Close this search box.

لحظات الفرح ..وعوالم الحزن..وتأثيراتها على حياة الإنسان!!

لحظات الفرح ..وعوالم الحزن..وتأثيراتها على حياة الإنسان!!

من المؤسف أن حالة الفرح التي تسعد قلب أي إنسان لاتدوم سوى لحظات، حتى وان إستمر تاثيرها لبعض الوقت، لكن الحزن ، هو اللحظة الشعورية الأكثر إيلاما وقسوة على النفس، وتمتد فترة الحزن لأيام ، وربما أشهرا وعند البعض لسنوات، وبخاصة العراقيين منهم، الذين هم مولعون بمشاعر الحزن والأسى والحرمان ، وهو الطابع الخاص الذي يشكل معظم معالم شخصيتهم على مر الزمان !!

وتعابير الفرح تنتج عنها تأثيرات نفسية وعضوية غاية في الإيجابية ، فهي تغرس الشعور بقيمة لحظة الفرح ، وتحرك كوامن الجسد ومشاعره الايجابية، وهي ربما تزيد من تدفق الدم في الجسم، وترى بعض البشر وكأنه طائر يحلق في السماء من شدة الفرح، إن كانت تلك المناسبة تقدم له منعطفا تاريخيا في حياته ، أو تقلب موازين حياته كما يقال!!

أما تأثيرات الحزن على النفس الانسانية فتكون كبيرة ، وقد تدمي القلوب ، بل هي تؤدي الى تدهور صحة الانسان ، في احيان كثيرة ، وقد تنقلب عليه احوال الدنيا من سيء الى أسوا ، وله تأثيرات نفسية وعضوية على جسم من يتعرض للحزن لفترة طويلة، وتبدو مظاهر الاكتئاب وتدني المعنويات وتغير معالم السلوك الفردي واضحة للعيان!!

ومشكلة الفرح انه (قصير المدى) وقد تنتهي لحظة تاثيرها خلال دقائق أو لحظات، وسرعان مايعود المرء الى حالته الاعتيادية ، بعد ان يرى نفسه وقد استقرت بعض الشيء، وتمت الاستجابة للرغبة والأمنية، وها هي أصبحت ربما بين قوسين او ادنى من التحقق أو إنها تحققت أصلا!!

أما حالة الحزن ، فهي ترسم معالم شخصية أي إنسان ، بحيث تكون هي الطاغية لفترة طويلة، وقد تنتهي مرحلة الحزن من إنسان بعد فترة وجيزة، وهذا يعتمد على قوة شخصية الإنسان وتحكمه في الاقدار التي يواجهها في كل الظروف!!

بل ان الشعب العراقي يكاد يكون أكثر شعوب الارض تعلقا بالحزن ، وتمتد فترات استقراره داخل أنفسهم لسنوات، وهو الحالة الأكثر طغيانا في الشخصية العراقية، بل يكاد يكون السمة الثابتة الى حد ما في تكوين الشخصية العراقية..وقصائد الشعراء وفي المناسبات الدينية تحفل بالعديد من تلك السمات الموغلة في إشاعة معالم الحزن والأسى والحرمان ، أما الأغاني العراقية فيشكل الحزن نسبة 90 % منها ، في حين لاتشكل كلمات الفرح نسبة أقل من 5 % في أكثر تقدير!!

وما إن نغوص في عمق قصص انبيائنا عليهم السلام ، وقصص الأولين وقصص مختلف العصور التي مرت بها البشرية، حتى نعثر على أطنان من روايات الحزن والأسى ومن النكسات والالام والمصائب، جراء التهديدات التي تعرضت لها البشرية وبخاصة في الحروب والأزمات واوقات الفتن واشتداد الصراع ، ولكن لم يقل لنا أحد مدى ما تركته من آثار مريرة ومخلفات مأساوية على النفس البشرية، ويكاد العراق من اكثر بلدان العالم، من كانت (المأساة) و (معالم الحزن) هي من تشكل تاريخه الحافل ، بالأحزان والالام ، أما حالات (الفرح) ، فلن تعد في التاريخ، كونها لن تستمر سوى للحظات!!

وفي حياتنا اليومية كعراقيين، تكاد لحظات الفرح ، لاتشكل شيئا كبيرا في حياتنا، وهي لا تأتي الا نادرا وفي اقل الأحوال، بينما تطغي معالم الحزن والأسى على وجوهنا لسنوات، وكانت الانظمة المتعاقبة على حكم العراق هي من أوغلت في تعريض حياة العراقيين للكثير من المخاطر والانتكاسات، وبقي العراقيون اكثر دول العالم تخلفا وترديا في ركوب معالم الحضارة ، برغم ان بلدهم يعد اكثر شعوب الارض إمتلاكا لإرث حضاري ، لايعد ولا يحصى، لكن القائمين على شؤوننا ، تركونا وحدنا نجتر آلامنا ونكساتنا وتتدهور احوال بلدنا يوما بعد آخر، ومن سيء الى أسوأ، حتى غلف الحزن طابع حياتنا وكانه قدرنا الذي نعيش فصوله كل يوم!!

هذه خلاصة سريعة، وددنا عرضها ، لحالتي الحزن والفرح، ومقدار تأثير كل واحدة منها على الانسان والمجتمع ، ولم نجد من المصادر أو الدراسات النفسية والاجتماعية ، ما يشير الى تحليل مضامين تلك الظواهر بشكل مفصل، ، وقد إعتمدت على قدراتي المتواضعة في التحليل النفسي ، لاطلاع من يريد الغوص في هذا الموضوع ، الذي لم يحظ بالاهتمام ، على رغم حيويته، وكوننا نعيش فصوله بين حين وآخر، وهو ما يشكل معظم معالم شخصياتنا ، ويرسم توجهاتها على أكثر من صعيد!!

أحدث المقالات