رغم أن العرف و التقاليد القضائية العراقية تتسم بدرجة معينة من الكتمان الإعلامي و عدم الاعتناء بالترويج للعمل و الجهود التي تقوم به المؤسسات القضائية ، إلا أن النتائج الصادرة دوريا عن هذه المؤسسات كفيلة بإعطاء صورة جيدة لطبيعة و مستوى هذا العمل ، و على الرغم من ضرورات المرحلة المهنية في الواقع العراقي التي تفرض تغيير طبيعة عمل إعلام الجهات المختلفة ، خاصة ما يرتبط بالكشف عن جدية و مهنية الأعمال ، إلا أن المؤسسات القضائية لا زالت تلتزم بأعرافها و تقاليدها في الظهور الإعلامي ، و تقدم لذلك رؤاها الخاصة ، و لذا يجد المتلقي أنه لم يشاهد أي لقاء تلفزيوني للمسئولين الكبار للسلطة القضائية ، و يكتفي هؤلاء المسئولون بالبيان و الأخبار الرسمية و الندوات و المؤتمرات و فرص محددة كالاحتفالات و المناسبات للحديث للإعلام و الصحافة ، ليس هذا ما أريد أن أتحدث عنه فما يقدمه أهل القضاء عن خصوصية خطابهم الإعلامي له مبرراته المرتبطة بطبيعة العمل و الشخصية القضائية ، إلا أنني استهللت بهذا من أجل الإشارة إلى عمل لجان العفو العام القضائية ، فليس على أي متابع إلا أن يحل في مقر السلطة القضائية الاتحادية ، ليرى حجم هذه اللجان التي عكفت منذ أن شرع قانون العفو العام في مجلس النواب ، على تطبيقه بشكل منقطع النظير ، فهنالك المئات من القضاة و الموظفين باختلاف اختصاصاتهم الحقوقية و الإدارية و غيرها يقضون ساعات العمل بشكل متواصل و وفق جداول زمنية محددة لتطبيق هذا القانون ، ففي تأريخ السادس عشر من هذا الشهر الجاري أعلن المركز الإعلامي و على لسان الناطق الرسمي باسم السلطة القضائية أن اللجان القضائية في بغداد المشكلة في مجلس القضاء الأعلى بموجب قانون العفو رقم 27 لسنة 2016 حسمت 4742 دعوى من أصل 6805 أي بنسبة 70% من الدعاوى المعروضة أمامها ، و هذا العدد طبعا كما في نص الخبر في بغداد فقط
هذه الأعداد و هذا المنجز من العمل لو كان بمؤسسات أو جهات أخرى لأنتجت لأجله أفلام و برامج و غيرها من وسائل الترويج ، إلا أن السلطة القضائية مثلما ذكرنا تكتفي للإعلان عن كل هذا العمل ببيان مقتضب تشير إلى ما حسم من الدعاوى ، و فضلا عن حجم الإنجاز هنالك ما يرتبط بالانتظام و الشفافية في عمل هذه اللجان ، فهو الأخر واحد من إنجازات القضاء ؛ فحيث هذا العدد الهائل من الدعاوى تنتظم اللجان و تقوم بأعمالها بشكل انسيابي و سلاسة مميزة ، و أعتمد لأجل تحقيق إجراءات مبسطة كل ما يمكن استعماله من الوسائل الالكترونية و الأليات الإدارية المرنة .
