23 ديسمبر، 2024 12:30 ص

لبنان صغيرة بمساحاتها كبيرة بجراحاتها

لبنان صغيرة بمساحاتها كبيرة بجراحاتها

بلد في جنوب الارض ولكنه احلى من بلدان الشمال ،”جبل الغيم الازرق وقمر الندي والزنبق”، تغني فيه العصافير وتتناوب على ارضه الغيوث ، هاديء الصباحات طيب النسمات ، كان يقصده المصطافون ويتشافى على ارضه كل عليل ، وتُصوَّر على ربوعه افلام الحب وقصص الجمال .
مراعيه التي تغنّت بها مواكب جبران ، وسمراته التي تشوقت اليها قصائد بشارة وسهراته التي صدحت بها اصوات نصري ووديع . كل شيء فيه مصمّم للمحبة والعيش الهَني ، و(زْغيَّر ووِسْع الدِّنِي) ،،ياوطني .كما تقول أيقونته.
كلّ هذا السلام والجمال لم يشفعا له ، حتى تظاهرات ابنائه اهازيج وسلام رغم قهرهم وحزنهم وضياع حقوقهم ، فلم يبطشوا ، وكل هذا ماشفع للبلد الجميل الصغير ،! فهو صغير ولكن حربه الطائفية عشرين سنة! وحروبه مع اسرائيل خمسين واعمار قادة مليشياته تصل الى التسعين ! هو صغير صحيح ولكن مصارفه الفاسدة كبيرة وصفقات سياسييه مخيفة وتحالفات قادته مرعبة ، فلم يشفع له الجمال والسَّرو والارز والتفاح والبحر والثلج وزرقة السماء ،، ولاذنب له الا انه عربي .!
وعندما تكون بلدا عربيا ، فلابد ان تدفع الكثير الكثير.!تدفع حتى ضريبة كونك جميلا، وتدفع قبلها ضريبة تقاعس ابناءك عن حمايتك وضريبة تخاذلهم عن نصرتك ، وتهاونهم في رفعتك ، وتدفع ضريبة طموحات ايران وخبث آل نهيان ووضاعة بن سلمان!
عندما تكون بلدا عربيا جميلا عليك ان تؤدي-وعلى أرضك- ضريبة تضارب مصالح المستعمرين من اول فرنسا العنصرية الى آخر المسعورين الامريكيين ، وعليك ان تدخل حربا لاناقة لك فيها ولاجمل .
عندما تكون بلدا عربيا عليك ان تلاقي مصير العائلة النقية التي ابوها معربد سكّير غافل ، وجيرانها الاشرار يتحينون الفرص لنهش لحمها وهتك عرضها، فعندما تكون غزالا حائرا في البرية فعليك ان تكون نهشا للضباع ،تنظر الى نفسك كيف تؤكل وانت حيّ .
وعندما تكون بلدا عربيا جميلا فعليك ان تُحكم من العمائم السود والبيض ، وان تحوّل مصارفك الى غسيل اموال وأغبياء ابناءك الى مليشيات ومغَرّري شبابك الى منسلخين ومثقفيهم الى مطبّلين وطلابهم الى كسالى فاشلين ، ونابغيهم الى محاصَرين ، واصحاب الاقلام الحرة الى مُحارَبين مقَتّلين .وعندما تكون بلدا عربيا مسالما فستكون مستودعا لسلاح غيرك ، يوم يُستخدم فمن أعدائِك ويوم ينفجر ففي أحيائك ، وعندما لاتحمي بيتك من عدو “بثياب صديق” فسيهدمه على راسك ، وعندما تنزع سلاحَك فعليك ان تنتظر اتراحَك.
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه،،،،،يُهَدّم، ومن لايظلم الناس يُظلمِ