22 ديسمبر، 2024 8:13 م

لا يريدونها محكمة

لا يريدونها محكمة

ورد في الفقرة (ثانيا ) من المادة (92 ) من الدستور العراقي : ( تتكون المحكمة الاتحادية العليا ، من عددٍ من القضاة و خبراء في الفقه الإسلامي ، و فقهاء القانون ، يحدد عددهم ، و تنظم طريقة اختيارهم ، و عمل المحكمة ؛ بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ) .
و يعرف الدستور العراقي المحكمة الاتحادية في الفقرة أولا من ذات المادة (92 ) بالأتي : ( المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة ماليا و أدارياَ )
تعريف المحكمة الاتحادية و مما تتكون على الرغم من زج ( خبراء في الفقه الإسلامي ) و هو عنوان عائم ، إلا أنه واقع كنص بجدلية يشد طرفيها الآخر ، فالنص يتحدث عن خبراء بالفقه الإسلامي من غير أن يكونوا قضاة ، أي بمعنى العنوان أكاديميا ينطبق على أساتذة علم الفقه ؛ و قد يشتمل و ها أنا أقول ( و قد ) على المعاني التي يضعها المعجم الخاص بالمجتمعات العلمية الدينية ، فكما هو معروف أكبر خبراء الفقه الإسلامي بل جهابذة الفقه في العراق و العالم الإسلامي لا ينتمون إلى التصنيف الأكاديمي بعناوينهم و مقاماتهم العلمية ، و في الحقيقة لا أريد أن أبقى في هذه الدوامة ؛ يكفيني أن أقول أن هنالك تصنيفين لمن ينتمي لعلم الفقه ( رسمي ، غير رسمي )
ما يهمني هو أن النص الدستوري ينص على أن يكون خبراء الفقه الإسلامي جزء من هيئة المحكمة الاتحادية العليا ، و لا أعرف هل ستبقى بهذه الحالة محكمة أصلا !؟ فالأمر لا يشبه ما يحصل في بعض البلدان الإسلامية كالجمهورية الإسلامية في إيران التي يرأس سلطتها و مؤسساتها القضائية قضاة و لديهم معرفة و خبرة بالفقه الإسلامي
المحكمة مقر للتقاضي ؛ و خبير الفقه الإسلامي بالمعنى الحديث ليس قاضيا في محكمة .. طبعا بودي كثيرا و قد أفعلها في مقال آخر أن أتحدث عن ماذا يعني أن خبيرا أو فقيها يقوم بعملية التقاضي ، و هذا المعنى يشير أن مجلس النواب الذي يروم التصويت على قانون المحكمة الاتحادية العليا قد يذهب من أجل تكييف وضع خبراءه إلى تغيير عنوان هذه المحكمة إلى مجلس دستوري أو أي شيء من هذا القبيل ، لان واضعي نص الخبراء يعرفون جيدا أن ليس بينهم قاضيا و خبير بالفقه الإسلامي بحجم عضو في المحكمة الاتحادية العليا .
قد يستند أصحاب نظرية خبراء بالفقه الإسلامي في المحكمة الدستورية إلى الفقرة (أ) من المادة (2) من الدستور و التي تنص ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام ) ، و هنا سيقعون بأكثر من مأزق فأحكام الإسلام ليست فقهية فقط ، و الشيء الثاني سيشترط ذات الدستور عليهم أن تشتمل هيئة المحكمة خبراء بمبادىء الديمقراطية لأنها هي الأخرى لا يجوز أن يسن أي قانون يتعارض مع ثوابتها بحسب الفقرة (ب) من المادة الدستورية الثانية ، و خبراء الديمقراطية بطبيعة الحال هم المتخصصون بالفكر السياسي .
و لربما يطرح سؤال عن كيف عملت المحكمة الاتحادية طيلة هذه السنوات من غير خبراء بالفقه الإسلامي ؟ و جواب هذا السؤال هو ذاته الحل الأنجع لجدليات و مآزق النص الدستوري و حيثياته ، و يتضمن أن المحكمة الاتحادية المتكونة من قضاة و بهذا يصدق عليها محكمة من غير أي شك ، تعتمد على في الموضوعات التي لا ترتبط باختصاص أعضائها ، بالرجوع إلى المرجعيات ، فمن يريد أن تحضر مقولة الفقه الإسلامي هل سيجد بخيار العودة إلى مراجع الفقه ( الفقهاء ) و استشارتهم كما تفعل المحكمة ألان ليس في الفقه الإسلامي بل بموضوعات الإعلام و التكنلوجية و غيرها من الموضوعات الحديثة حاجة إلى تضمين المحكمة غير قضاة !؟
 و إذا كان هنالك قضاة بحجم أعضاء في المحكمة الدستورية و لديهم الخبرة في الفقه الإسلامي فأهلا و سهلا .