23 ديسمبر، 2024 12:58 م

لا نَخْلَةَ يا بَصْرائي

لا نَخْلَةَ يا بَصْرائي

مهداة إلى البصرة الحبيبة

أتَرُبيّنَ البَرْدي والصَّبّارْ
وتُريقينَ العَسَلَ البَرّيَّ
ما كـُنْتِ سادِرَة ًيَوْماً
ياسَيِّدَةَ التَّمْرِ الذَّهَبي
فأصابِعُكِ أَفْنانُ نُجوم
لكِنَّ الصُفـْصافَ الخُنـْثى
يَبْحَثُ عَمَّنْ يُخْصِبُهُ
في تُرْبَتِكِ البَيْضاءَ
هل يَثـْمُرُ
في ظلَّ بويْب
 الصّفْصافْ
أوتارُ الماءِ سَتَعْزِفُهُا
 كفُّ السّاحِرِ
ابْن الظـِّلِّ
 وَنُهَيْرٍ مَنـْسِيٍّ
عِنْدَ صَبايا الجُّمّارْ
قَدْ أَشْرَبُ مِنْكِ
ألَمَاً
وَبُحوري يَجْحَدُها
الغاوون
لكِنْ طِيبَ يَدَيْكِ
يَنْزِفُ
 وَجَداً مِنْ حُلُمي
لـكِ خافِيَةُ الوَسَنِ
وَبَقايا روحي
ما كُنْتِ وَهَبْتيني
قَدْ غاضَ الشُّطّارْ
النَّخـْلُ الغَيْبانْ(*)
تَقْذُفُهُ الأقدارْ
لا يَلْبَسُ إلاّ
عِطْرَ الأُنْثى
يَرْميني بالظِّلِّ
الباردِ ظُهْراً
وأنا الحَكّاءْ
 وَيَرْقُصُ
مَهْلاً رِقْصَ “السّامْري” 
حِينَ
تَدُّقُّ دُفوفُ الريحِ
وتَحْمَرُّ عَراجينُ الديري
كَيْ تَبْني أعْشاشاً
في سَعْفَتَهِ الأطْيارْ
الحَطّابونَ كِثارْ
هُمْ..
 قَتَلوا النَّخْلَ مِراراَ
لا تَبْكَيْ
يا شَهْوَةَ
 رَقْصِ الكَلِماتِ
فالضَّوْءُ ظَلامٌ
لا ضَيْرَ ولَوْ
أُلقاكِ سِرّاً
أجْمَلُ أوْقاتِ العِشْقْ
ما تَحْفَظُهُ الأَسْرارْ
أعْلَمُ يا بَصْرائي
حينَ أجيءُ
تَدُقّينَ عَلى الكاسورةِ
دَقّاً يُلْهِمُ أَجْنِحَةَ الطَّيرِ
فَتُصَفِّقُ روحي
 مَعْ سَعَفِ النخْلِ
إليكِ كَما “الخَشّابة”
النَّخْلَةُ لا يَبْصُرُها
العِمْيانْ
النَّخْلُ عَراجينُ
ضَواعٍ لا تَسْمَعُ
حِسّاً مِنْهُ
بَناتُ عُرَيْس
أو تَحْرُقَهُ النار
هَلْ تَقْدُرُ أفْعىً
أنْ تَبْلَعَ عَزْفَ
عَصافيرِ الغابْ
غَدا
 يأكُلُها شَوْكُ القُنْفِذْ
مُبْتَدِئاً بِالذَّيْلِ
آهٍ يا بَصْرُ
تُرى
مَنَ قتلَ اللؤْلؤَ
في قَلْبِ المَحّارْ
ماذا لو أتْرُكُ
في كَفَّيْكِ جَناحي
وَأُذيقـُكِ ما أجْمَعُهُ
مِنْ عَسَلٍ
ذوقيهِ لأشْفى
مِنْ وَجَعي
وَتَموتُ بِخَيْبَتِها
شَيْصاءُ البَرْحي
رُشَّيهِ عَنْدَ العَتَباتِ
كَيْ يَنْاى عَنْكِ
القَصَبُ القاتِلُ
وَيَغْتَلِمُ الوَرْدُ
بِشَذا النَّخَلات
دَعيها
تَتَكَحَّلُ مِنْ جُرْفَيكِ
بَغايا المَعْبَدْ
سَيُفَصِّدُها آبُ ضُحىً
يا سَيِّدَةَ الأقْمارْ

بغداد /الأربعاء
24‏ نيسان‏، 2013
(*) في زيارتي لبيت شقيقتي في أبي الخصيب، أراني زوجُها بعض النخلات المحمّلات بالثمر، وكان يشير إلى كل واحدة منها على حدة قائلاً:- هذه نخلة “غيبانة” وتلك مثلها وتلك أيضا.
 وحين سألته عن معنى “غيبانة” أجابني أنه لم يزرعْها بل ظهرت بصورة طبيعية، وهو لا يعرف اسمها ومثل هذه النخلة يدعوها الناس بالغيبانة، لذا وجدت أن استخدم هذا الملفوظ الجميل في هذا النص.
الكاسورة:- الطبلة
السامري :- رقصة معروفة في جنوب العراق وخصوصا السماوة والبصرة
الخشابة:- أحد انواع الفنون في البصرة
الديري والبرحي:- من أصناف التمور
الشيصاء: النخلة التي لم تـُلقـَّحْ