18 ديسمبر، 2024 11:14 م

لا للخرافات والاوهام

لا للخرافات والاوهام

-1-
الخرافات دودةٌ تقضم العقل
وتذرو أشلاءَه القدسيّهْ
فاذا ما بدت فثّمَ شقاء
واذا عششت فدنياً شقيّهْ
( حسين الصدر)
لا شيء انكى من اتخاذ الدجل والتحريف بضاعةً تطرح في اسواق الوعظ، والتربية القائمة على تهميش العقلانية ، واقصاء المعطيات العلمية والموضوعية .
-2-

وفي كتب الوعظ ، وبعض ما يسمّى بكتب الأخلاق ، أطنانٌ من الخزعبلات والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان …
وكلُّ ذلك هو من بقايا ما دسّه الوضّاعون في كتب الحديث مما لا أَصْلَ له على الاطلاق .
وقديما قيل :
{ حدّث العاقل بما لا يليق ، فان صدّق فلا عقل له }
والاحاديث الموضوعة من طراز ( من لحس أنفه بلسانه دخل الجنة)
وقد قرات ان المستمعين لراوي الحديث المكذوب – آنِفِ الذِكْر- سارعوا الى لحُس آنافهم بألسنتهم فلم يوفقوا ..!!
والكلام ليس في (الواضع) المعادي لله ولرسوله (ص) فقط، بل في (السامع) الذي يلغي عقله ، ويتفاعل مع الدجاليّن المخرفين ..!!
وكقول بعض من وُصف بانه من العُبّاد الزُهّاد :
( كنتُ ذات ليلة في الحجر أصلي فسمعت كلاماً بين الكعبة والاستار :
الى الله اشكو ثم اليك يا جبريل من الطائفين حولي من تفكههم بالحديث ولغوهم ، ولهولهم ،
لئن لم ينتهوا لانتفضن انتفاضة يرجع كل حجر مني الى الجبل الذي قُطع منه )
انه يقول :
ان احجار الكعبة تنطق بالفصيح من الشكوى ولا يسمع كلامها الاّ هو..!!
-3-

جاء في كتاب (ربيع الابرار ونصوص الاخبار ) للزمخشري ج1 /116 :
” ويروى أنَّ الشمس انكسفت يوم مات ابراهيم بن ماريه فقالوا :
انكسفت الشمس لموته فقال عليه الصلاة والسلام :
انّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله ،
لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياتهِ
فاذا رأيتم هذا فافزعوا الى الصلاة والدعاء حتى تنجلي ”
ان المسلمين لشدة حبهم لرسول الله (ص)، وعظيم تقديسهم لمكانته، ربطوا بين موت ابنه (ابراهيم) – وأُمُّه ماريه القبطيّة ، التي أهداها المقوفس صاحب الاسكندرية للرسول (ص) ،}
وقد ولد ابراهيم في ذي الحجة سنة 8 هجرية، وتوفي لعشر ليال خلون من ربيع الاول سنة 10 هجرية – وبين كسوف الشمس يوم وفاته، اذا اعتبروا كسوف الشمس حدثاً كونياً كبيراً في دلالاته على عمق الحزن السماوي على وفاة ابراهيم …، وهذا مالم يرتضه الرسول (ص)، ولم يوافقهم عليه، فسارع الى بيان الحقيقة المتمثلة بقوله (ص) :
( انّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تكسفان لموت أحد ولا لحياته )
لقد خشي عليهم من أنْ يبتدعوا ما شاء لهم الخيال من أوهام … وآثر أنْ يجهر بالحقيقة المجردة عن كل ضميمة أخرى ، اعلاءً لشأن العقل وتنزيها لأمر الدين .
وهكذا يجب ان يكون الوعاظ وعلماء الاخلاق .
-4-

ومن نافلة القول التذكير بانّ الرسول (ص) لم يَبْقَ له ولدٌ ذَكَرٌ على قيد الحياة وكلهم ماتوا في حياته .
وشاء الله تعالى ان يكون عقبه من الزهراء البتول فاطمة سيدة نساء العالمين (ع) وليس من سواها
ومنها أعطاه الله الكثير الكثير كما قال تعالى :
( إنا أعطيناك الكوثر)
-5-

لقد ردّ (ص) على من اعتبر الكسوف حزنا على ابراهيم ، بالرغم من أن هذه المقولة تصبّ لصالحه وتشير الى عظيم منزلته ،
ولكنه لم يكن يبحث عن مجد مزعوم ،ومناقب مصطنعة، بعد ان بلغ أعلى درجات المجد والخلود باعتباره سيد النبيين والمرسلين وخاتمهم ، وقائد البشرية الصالحة الى رحاب الحق .
وصدق الرب المتعال حين خاطبه قائلاً :
(وانك لعلى خلق عظيم)
-6-

ويخطأ من يعتقد ان عهد الخرافات والأباطيل قد انقضى ووّلى ،
انّ منابر المسلمين تشهد هذه الايام – وللاسف الشديد- ألوانا من التحريف والتضليل …
وهنا نكرر دعوتنا الى تأسيس نقابة (للخطباء) ، تضع لها نظاما داخليا متوازنا ، يحول بين الجهلة والمخرفين وبين امتطاء منابر المسلمين ..