23 ديسمبر، 2024 4:38 ص

لا لتدويل قوانين الانتخابات والتعديلات الدستورية

لا لتدويل قوانين الانتخابات والتعديلات الدستورية

منذ أن بدأت التظاهرات في الاول من تشرين الاول / أكتوبر من العام الحالي ومن ثم تحوّلها الى إحتجاجات وإعتصامات واسعة ، بدأت معها الأصوات تتعالى عن ضرورة إجراء تعديلات دستورية وإعداد قانوني انتخابات مجلس النواب ومفوضية الانتخابات جديدين. وقد شُكِلت لجنة التعديلات الدستورية في مجلس النواب ومضت في عملها رغم الانتقادات الموجهة اليها كونها لجنة تضم ممثلين عن الاحزاب في مجلس النواب ، ولا تضم أعضاءاً مستقلين من أكاديميين وفقهاء القانون الدستوري ، وفي نفس الوقت شرعت رئاسة الجمهورية بتشكيل لجنة لكتابة مشروع قانون انتخابات مجلس النواب الجديد من أجل تحرز قصب السبق في ذلك ، ولكن اللجنة افضل من لجنة التعديلات الدستورية في عدم استقلالية اعضائها ، مثلما يطمح الشعب والمحتجين ، ما أدى الى تدارك الأمر في وقت متأخر وقبيل إنهاء عملها بتطعميها بعددٍ قليل من خبراء القانون والانتخابات بغية إضفاء نوع منالشرعية على عملها.

تضمن المشروع ثلاثة قوانين ، هي (قانون الانتخابات وقانون مفوضية الانتخابات وقانون مجالس المحافظات)، وقد توفرت أكثر من نسخة لمشروع القانون تم دمجها بتوجهات توافقية لترسل الى مجلس الوزراء تحت ذريعة وجود جانب مالي يتعلق بقانون مفوضية الانتخابات. إلا أن مجلس النواب عَمِلَ على إعداد قانون جديد وأرسله الى مجلس النواب في الثالث عشر من الشهر الجاري للتصويت عليه ومعه قانون مفوضية الانتخابات ، وفي هذه الأثناء دخلت المرجعية الدينية في النجف كضاغط وداعم للاسراع بتشريع قانون الانتخابات ومفوضيتها ، إذ أكدت على ذلك في أكثر من خطبة جمعة كانت آخرها الجمعة الماضية. وفي نفس الوقت دخلت السفارتين البريطانية والامريكية على الخط باتجاه التدخل في صياغة القانون ، فقد صرح السفير الامريكي في العراق (كريستوفر هيل) لعددِ من وسائل الاعلام انه أجرى مفاوضات مع جميع الكتل السياسية ووجد لديها توجها ايجابياً لاقرار القانون! وفي ذات السياق ، دعت المملكة المتحدة العراق الى استشارة الأمم المتحدة لتشريع قانون انتخابي جديد ، وأعلن السفير البريطاني في العراق (ستيفن هيكي) في تغريدة له بموقع تويتر بأنه أجرى اجتماعا مع رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي على نحو جيد للغاية ، مؤكداً على الحاجة لتشريع قانون انتخابي جديد بمشورة الامم المتحدة، لضمان المصداقية والشفافية وتلبية مطالب العراقيين !

وهكذا توفرت لدى بعثة الامم المتحدة في العراق عوامل الدعم بشأن التدخل لوقف التصويت على القانون هذا اليوم الخميس بعد أن وصل مرحلته الاخيرة ، إذ أعلنت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، (جينين هينيس بلاسخارت)، استعداد المنظمة الدولية لتوفير خبراء لمساعدة العراق بالانتخابات. وأعربت بلاسخارت وفريقها الاستشاري خلال لقائها رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي يوم أول أمس 26 تشرين الأول ، عن استعداد الأمم المتحدة لتقديم المساعدة وتوفير الخبراء الدوليين وتحقيق المعايير الدولية في آليات الانتخاب وعمل المفوضية لتمكين العراقيين من انتخاب ممثليهم بشكل شفاف وأكثر مقبولية.

إن التدخل في الارادة الوطنية بشأن إعداد وتشريع قانون الانتخابات وقانون المفوضية لا يخدم تطلعات الشعب العراقي عامة والمحتجين خاصة. ونحن نرى أن العديد من الدول ومن بينها دول عربية كمصر بالأمس والجزائراليوم ، لم تسمح لأية جهة خارجية بالتدخل في انتخاباتها وسمحت فقط لعددٍ محدود من المراقبين الدوليين بمراقبة سير الانتخابات ، فهل يتعلم من بيده القرار من بلدان تحرص على أن يكون قرارها وطنياً محضاً وسيادتها مصانة فعلاً ، وانتخاباتها غير مخترقة ؟