ترّددت في اليومين الأخيرين أنباء عن اجتماع مزعوم لمراجع الدين الأربعة الكبار في النجف الأشرف , وأنّ هذا الاجتماع قد تمّخض عن اتفاق للمراجع الأربعة يدعون فيه التحالف الوطني للاجتماع واختيار رئيس جديد للوزراء يكون مستّقلا وبديلا لرئيس الوزراء نوري كامل المالكي , ويكون مقبولا عند كافة الأطراف السياسية في البلد , وبالرغم من عدم صحة حصول مثل هذا الاجتماع , إلا أنّ أطرافا سياسية بدأت ترّوج لفكرة اختيار بديل لنوري المالكي , حتى وإن حقق فوزا كاسحا في الانتخابات , وهذه الأطراف تريد أن توحي للناس أنّ مراجع الدين الكبار في النجف الأشرف يدعمون مثل هذا الخيار ويرفضون توّلي نوري المالكي لولاية ثالثة .
والحقيقة إنّ ترويج مثل هذه الإشاعات الكاذبة تقف ورائه أطرافا إقليمية وداخلية متباينة الأهداف والنوايا , فمن المؤكد أنّ اطرافا إقليمية لا تريد عودة المالكي للسلطة , وهذه الأطراف غير مخفية على أحد , وأجنداتها معروفة للجميع , وقد جندّت لها الأموال والرجال لتحقيقها , وهنالك أيضا أطرافا داخلية هي الأخرى لا تريد عودة المالكي للسلطة , وكل طرف من هذه الأطراف له أسبابه الخاصة به , فاسباب رفض مسعود البارزاني لنوري المالكي تختلف عن أسباب رفض أسامة النجيفي أو اياد علاوي أو عمار الحكيم أو مقتدى الصدر , فهم جميعا موتورون من نوري المالكي , فهذه الأطراف جميعا هي التي ترّوج لفكرة أنّ مراجع الدين الكبار لا يريدون عودة نوري المالكي للسلطة , لكنّ من يملك شيئا بسيطا من المعقولية يستطيع أن يعرف وبسهولة أنّ هذه الإشاعات كاذبة ومغرضة , وهي لا تعدو أن تكون أكثر من أحلام مريضة عشعشت في عقول مريضة .
فإذا كان المراجع الأربعة الكبار لا يريدون عودة نوري المالكي للسلطة , فلماذا دعوا الناس للمشاركة الفاعلة في الانتخابات ؟ ولماذا أعلنوا جميعا عدا الشيخ بشير النجفي , وقوفهم على مسافة واحدة من جميع الكتل السياسية المتنافسة ؟ وإذا كانوا لا يريدون فعلا عودة المالكي كما يزعم مطلقي هذه الإشاعات الكاذبة , فلماذا لم يفتوا بعدم انتخابه كما فعل الشيخ بشير النجفي ؟ وماذا سيقول هؤلاء المراجع العظام إذا كان المالكي يمّثل إرادة الشعب وخياره ؟ هل سيقفون ضدّ إرادة الشعب وخياره إرضاءا لهذا الطرف السياسي أو ذالك الطرف ؟ أم أنّهم سيحترمون هذه الإرادة باعتبارها تمّثل ولاية الشعب على نفسه ؟ ولماذا تصرّ هذه الأطراف المغرضة على زج مراجع الدين في معمعة الصراعات السياسية ؟ أليست هذه محاولة شيطانية من أجل اسقاط هيبة المرجعية ومكانتها الدينية والاجتماعية بين الناس ؟ لماذا هذا الاصرار على إسقاط هيبة مراجعنا العظام ؟ .
إنّ ترويج مثل هذه الإشاعات لا تحتاج إلى جهد لمعرفة دوافعها , فالأخبار المتواترة عن فوز نوري المالكي الكاسح في بغداد وباقي محافظات العراق , جعل هذه الأطراف تفقد رشدها وتلهث وراء السراب , فالمالكي أيّها السادة فيما إذا حقق هذا الفوز الكاسح , فهو يمّثل إرادة الشعب وخياره , ومراجعنا العظام لا يمكن أن يقفوا في يوم من الأيام بالضد من إرادة أبناء شعبهم وخياره , وهم يعلمون جيدا أنّ لا قرار فوق إرادة الشعب وخياره .