23 ديسمبر، 2024 1:57 م

نحن شعب تطارده علامات الأستفهام, لا تفسره ولا تلغيه, على ظهره سرج لا يعرف عن هوية راكبه ولا الأتجاه الذي يسير عليه ولا نهاية يتوقف عندها ليستريح ثم يتسائل: لماذا اذن انا شعب..؟؟.
ان يتسائل, فتلك معصية يجلد عليها بسياط مراجع اتخذت من مقدساته القاباً, قدره ان السياسة والأقتصاد شأن امريكي ولحكومته حق ممارسة شعائرها الدينية في حالة غياب تستوحي فيه بلاغة التصريحات والمواعظ وزفير الأفتاء.
امريكا لها سمائنا وارضنا, تركيا استقرت فينا والأبواب مفتوحة امام اسرائيل  لتتبضع ما تبقى من اسرار دولتنا واثارنا, وطن لا شمال له وغربه يقاتله وعشائر جنوبه تفترسه بأنياب الأسلحة الثقيلة, انظمة الجوار لكل منها قدم في سلطاته الثلاثة وكتل الدلالين تمثلها في مجلس المزاد الوطني, ونحن لا شيء اكثر من اصوات نافقة نرميها في حاويات الأقتراع لتخرج عنها عملية سياسية تعرف من اين تؤكل منا الكتف.
جغرافيتنا استورثتها احزاب العوائل, ثرواتنا استولت عليها الكتل السياسية لمراجع الطوائف والمذاهب, وزاراتنا السيادية منها والخدمية سيطرت عليها بيوتات قدست نفسها بعد ان زورت لها مكاناً في تاريخنا, ولا شيء نحن سوى ارقام على خارطة العوائل.
دولتنا لا تملك تاريخاً وطنياً وحكومتنا بيضة تركتها الصفقات الدولية الأقليمية فاسدة, تتبادل ادوارها كالقراد لأمتصاص ما تحت جلد جغرافيتنا من خيرات, وطن كان لنا يوماً ولا نتذكر متى, الواقع ينبئنا على انه اصبح مزرعة اوصى بملكيتها الأجداد لمن ارتدى العمامة حتى ولو كان فاسداً.
سماحة صبي المرجعية اجتمع مع سماحة الصبي الآخر, تداولا آخر المستجدات السياسية والأمنية والتطورات العالمية والأقليمية, تصريحات  يتصيدون فيها سحتهم في الماء العكر لمعاناة العراقيين, السماحات وبعد عام 2003 وبقدرة امريكية اصبحوا السباقين في تسلق سلم الفساد حتى تجاوزوا قمته بعد ان كبسوا اصواتنا الأنتخابية في اكياس كتلهم المجاهدة, اقصد اصواتنا نحن الذين انتحرنا بها.
السماحات الصغار الذين كسروا كلس بيضاتهم تواً, يوعدونا بشفاعتهم في ان نجد الى جانبهم حول طاولة الأمام علي (ع) ما تيسر من الحريم والصبيان, شعوذات اعادت قتل الأمام الحسين (ع) فينا, رفقتنا معهم كرفقة يزيد ابن معوية, فسادنا معه وجهالتنا مع سيد الشهداء فخسرنا الدنيا والآخرة وربحوا كل ما كان لنا, خسرنا الحياة وربحوها سلطة ومال وافواج حريم افسدوا ربيعها.
نحن شعب عراقي كان ودولة ربما كانت وحكومة لا تنتسب الينا وانتحلت القاب مقدساتنا, نهرول خلفها لنمسك بأذيال السراب او يكرمنا الوهم يقضة وعي نكسر فيها سياط الطاعة الغبية علنا نصل في النهاية الى افق نصلح فيه القطع الذي احدثه زيف تاريخ غيرنا ففصلنا عن تاريخنا.
ربما سنجد عذراً لنا نحن الذين لا شيء اصبحنا, منذ خمسة عقود, نتلفت حولنا فلم نجد ما كان لنا سوى اطلال انكسارات وهزائم وهياكل نضالات لا تسمع ما ننشده لها في وقتنا الضائع, كانوا مثقفين وطنيين وقد استثقفهم الأرتزاق, لم نجد بينهم من هو مؤهلاً لأصلاح عطب معنوياتنا, بعضهم يحدثنا عن عملية سياسية وحكومة شراكة حقيقية او فريق متجانس قوي يحظى بالمقبولية واحيانا مصالحة وطنية بين فدائيي الأمس وفدائيي اليوم في عراق جديد.
عندما يفقد المثقف دوره  , يصبح الحاضر معوقاً ويفقد المستقبل روحه, وعندما يسقط المثقف فهناك قيم وطننية قد سبقته في السقوط واصبح الواقع كمسجد مهجور اتى الطاعون على اهله, قد يسألني البعض :
ـــ ما العمل اذن .. ؟؟ 
ــ لا اعلم.
ـــ اين ستصل الأنتكاسة بنا .. ؟؟
ــ لا اعلم ايضاً.
شيء واحد اعلمه كما يعلمه غيري, ان العراق لا يمكن ان تدفن جنازته او نرتدي حداده, انه مسكون بثقافة البراكين والعراقيون شعب بسبعة ارواح وعندما ينفجر من تحت طبقات الأنحطاط والتخلف, يدمر حاضراً ليس له ويعيد صياغة ماهيته ويجدد هويته وهذا هو الأمل اليقين والحقيقة الخالدة التي نمسك بعروتها وصمتنا يختزن كلمة العراق الأخيرة ومن اعماق غيبة التاريخ الوطني ستصرخ حقيقتنا.