19 ديسمبر، 2024 1:06 ص

لا سياسية في الدين ولادين في السياسية

لا سياسية في الدين ولادين في السياسية

احببت ان اتناول السلطة الدينية لا بوصفي سياسي منتمي لحزب ولا رجل دين مختص , بل من المهتمين بالدين ومن خارج المؤسسة الدينية , فبدءت بالقران الكريم كمصدر اول للتشريع فبحثت فيه عن مفردات لها علاقة بالحكم والسلطة , فكلمة الدولة لم ترد في القران الكريم الا مرة واحدة (…َكيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ:7 الحشر) والخلافة لم ترد فيه مطلقا , اذن من اين جاء اصطلاح الخلافة الاسلامية او الدولة الاسلامية ؟! اما كلمة سياسية فلم فهي الاخرى ترد في القران الكريم فقط وردت في الحديث النبوي مرة واحدة من جهة المعنى لا اللفظ عن طريق ابو هريرة ((كانت بنو اسرائيل تسوسهم الانبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وانه لا نبي بعدي)) وطالما ثبت عدم وجود اصل في التشريع الاسلامي القران والسنة لمفاهيم دولة – خلافة – سياسة , اذن لا سياسية في الدين ولادين في السياسية , ومن يسيس الدين او يدين السياسة فهو صاحب غرض شخصي يستغل الدين لاغراض سياسية ويخضع الدين للسياسية , فالدولة هي التي حكمت الاسلام وليس الاسلام من حكم الدولة .

ان الخلافة التي رضخ لحكمها المسلمين حتى وان كانت سالبة بانتفاء الموضوع , فقد كانت اسلوبا وليس نظاما بدليل كل خليفة طريقة تنصيبه يختلف عن الاخر , اما من يقول كانت الخلافة عن طريق الشورى فهذا الكلام فيه تدليس وجفاء للحقيقية , فالخلافة كما يراها الفقهاء غير ملزمة من حيث نتائجها بدليل هي معلمة وليست ملزمة , ولو كانت كذلك لما تحول الحكم الاسلامي الى وراثي على غرار نظام هرقل وكسرى ,حتى اصبحت وسيلتها السيف وليس الشورى , وقد وجدنا يعض الخلفاء وبطانتهم من الفقهاء كنزوا الذهب والفضة واتخذوا الجواري والغلمان عبيدا لهم , اذن لا يوجد مفهوم اسلامي موثوق يبين كيفية الوصول للسلطة .

هذا الواقع الذي تحدثت به بايجاز يمثل الفترة منذ وفاة النبي الاعظم محمد (صلى) والى اليوم حتى ان المؤرخ الطبري قال (عندما توفى النبي (ص) كان المسلمون كالشياه في الليلة الممطرة لانهم فقدوا القيادة ) نعم فقدوا القيادة الى يومنا هذا , فكل من تصدى للمسؤولية فيما بعد كانت مرحلته حروب دامية وازهاق للارواح وتحديات مصيرية.

اليوم الحدود والعقوبات الدينية اصبحت ليس لها مكان في العصر الحديث,فاي دولة تدعي الاسلام قول لهم كيف تتعاملون مع السارق ؟ سيقولون لك العقوبة بيد القاضي اذن رجعنا الى حكم الدولة العلمانية لا الاسلامية , واسالهم ماذا تفعلون لشارب الخمر والزاني ستكون اجابتهم كالاولى , ولهذا فاكثر دول تمارس المحرمات فيها من زنا وخمر ومخدرات هي الدول الاسلامية , اذن اين الدولة الاسلامية وتطبيقاتها الشرعية , فهل تستطيع دولة تدعي انها اسلامية ان تجرا وتفرض جزية على مواطنيها من غير المسلمين ؟! الجواب كلا , فعناك عقوبات طبقت في صدر الاسم بعضها لازالت مقززة للنفس كحادثة ام قرفة (فاطمة بنت ربيعة ) التي شرخت نصفين بجرها بفرسين متعاكستين واهداء ابنتها الى سلمى بن الاكوع , طبعا تهمتها الارتداد عن الدين في حين هي نوع من الاغتيال السياسي ثم النبي (ص) حرم قتل النساء والصبيان فكيف تقتل ام قرفة؟! هذه مشكلة والنبي نهى عن التمثيل فكيف مثل بها؟ هذه مشكلة اخرى , والمصيبة الاعم ان النبي لم يقتل مرتدا او منافقا مطلقا فكيف قتلت ام قرفة شاعرة من أعز العرب ممن يُضرب بهم المثل في العزة والمنعة؟! هذا حكم واحد لازالت اثاره عالقة في ذهون الاجيال , فكيف لو طبقت هذه الاحكام اليوم ؟

اننا نرى الناس بحاجة الى سلطة مدنية لا تتعارض مع الاعتقاد بالتدين شرط احترام التعددية الدينية والثقافية وعدم إقصاء أحد بحجة الاختلاف في الدين أو الفكر لأن المجتمع المدني يقوم على أساس التعددية وحرية الاختلاف في الرأي والمعتقد , اما محاولة فرض رؤية واحدة أو عقيدة واحدة يخرج المجتمع من إطاره المدني إلى الديني المنغلق وهذا ما يروج له رجال الدين يعيشون في الماضي اكثر من الحاضر ولهم الاستعداد بابادة الرافضين لمعتقدهم , فاشاعوا مقولة (لحوم العلماء مسمومة ) وهذا تهافت عقلي وارهاب فكري وتكمميم للافواه التي تنتقدهم , والحقيقية الدين غايته عظيمة ولكن وسيلته مخيبة للامال بسبب رجال دين مسيسين خدعوا الناس البسطاء , فاشاعوا الاساطير والاوهام لبلوغ غايتهم الدنيوية لا الدينية .