كافة التشريعات سواء كانت سماوية أو وضعية, تؤكد على أن يلتزم المتعاقدين بما تعاقدوا عليه, فإن نكث أحد المتعاقدين فعليه وزر نكثه.
الأخوة في الدين, عقد بين من يعتنقوا نفس الديانه, وهناك عقد للمواطنة, يأتي من خلال السكن بوطن واحد, ونوع آخر من العقود عبارة عن الحِلف أو الشراكة.
هذه بعض من العقود العامة, التي تخص حياتنا, كأفراد أو مجموعات, فإذا نجح العمل فهو لجميع المتفقين, حسب العقد ولا يجوز لأحدٍ من الشركاء, الاستحواذ على عمل الجمع.
بعض الاحيان يحدث ما يعكر صفو الشراكة, مما يخل بالعقد المبرم, بسبب النفس وماتسول لصاحبها, أو بتأثير خارجي.
نحن كمجتمع اسلامي, حدد لنا الباري عز وجل, مساراً بآية واضحة في سورة المائده, الاية الأولى, حيث جاء نصها” يا أيُّها الَّذينَ آمنوا أّوفوا بالعقود”
ذلك ضمان للطرفين الإلتزام به. هناك من يتعاقد لكنه يحيد عن عقده! عندما يرى أنه قادر على السير لوحده, غير مكترث لغدر الزمان! أو اكتشافِ أمره أمام ألشريك, ناهيك عن أن العمل يصبح باطلاً إذا خالف العقد. هنالك اتفاقات سياسية تقع أيضاً تحت بند العقود, كإتفاق بعض الأحزاب السياسية في تحالف لتكوين كتلة لها مصالح مشتركة على قواعد ثابته, ولا يحق لأحدها النكث, فإن جرى عكس ذلك, فيتحمل الناكث نتيجة عمله. لكن البعض يرى أن السياسة فن الممكن, هذا صحيح ولا نقول بأنه شاذ عن الحياة السياسية, فمن الممكن فسخ العقد, وعدم وضع قدم خارج الاتفاق وأخرى داخله, فإن نجح بمايريد, نادى لنفسه, وإن أخطأ قال نحن شركاء! ويفرض على الغالبية الرضوخ لأمره! نظام الاغلبية السياسية جربناه في العراق الحديث, لظروفٍ طارئةٍ كادت تطيح بالعملية السياسية, وإرجاعها للمربع الاول, فتكون التحالف الوطني, من الاحزاب الشيعية مع الاكراد, ولإستحالة تشكيل حكومة أغلبية حينها, فقد تم طرح مبدأ الشراكه, تم ذلك وتكونت الحكومة, إلا أنها حادت عن الطريق, لوجود عقودٍ خارج نطاق التحالف الوطني! بالرغم من الاخطاء ونقص الخدمات والصراعات السياسية, إلا أن التحالف لم يفم بطرد من نكث. مما حدى بدولة القانون التي تمتلك أكبر عدد من مقاعد التخالف الوطني, أن تستحوذ على أهم القرارات لاستحواذها على مناصب رئيس مجلس الوزراء, وزارة الداخلية وكالة, وزارة الدفاع وكالة, الطاقة وغيرها. هذا الامر جعلها تؤثر بشكل أو بآخر على أصوات الناخبين؛ تماديا للبقاء على رأس الهرم! إلا أنها بالرغم من ذلك لم تحصل على ما يؤهلها للريادة, فاستبدلت شعارها من الأغلبية السياسية, إلى مشاركة الجميع, لكي يضيع الابتر بين البتران كما يقول المثل العراقي, والامثلة تضرب ولا تقاس.
إضافة إلى ما تقدم فإن الأزمات المتلاحقة, للأربع سنوات الأخيرة, أخذت بالتفاقم, وبدلاً من أن تتراجع دولة القانون عن نكثها لعقد الشراكة, أخذت تتهم الشركاء بالدواعش, ثم تطبق مبادراتهم! بيد أن الوضع المتأزم وفرار القادة العسكريين والسيطرة على الموصل ومناطق أخرى من صلاح الدين وكركوك, إضافة الى إستنزاف القوة العسكرية, في حرب داعش بالأنبار, يحتم على دولة القانون, أن ترجع لوضع يدها بيد التحالف الوطني, لحراجة الموقف الأمني. فهل سيحصل ذلك؟ للإنطلاق للعمل بشكل جديد, يجعل من التحالف مؤسسة قوية دائمة التأثير, ثابتة القواعد والأسس, أم أنهم سيماطلون كعادتهم, سعياً لكسب الوقت واستدراج الطامعين لتقسيم المناصب؟
نرى من الأصلح أن البيت العراقي يحتاج الى لم الشمل, وترك ما حصل أثناء الدعاية الانتخابية, فالخطر القادم تمساح يأكل كل ذي حركة, بغض النظر عن نوعه وجنسه.