يشهد العراق اليوم وبعد حقبة طويلة من الإنهيارات المتتابعة وعلى المستويات كافة هي الأسوأ على مر تأريخه القريب والبعيد بلا منازع في ظل أحزاب مأزومة وحكومات مهزومة تتوارث بغض العراق مصحوبا برغبة عارمة لتدميره كليا بناء على أجندات دولية واقليمية تكره العراقيين وتضمر لهم من العداء السافر والمستتر ما تخر له الجبال هدا نجحت بوضعهم – على سكاطهم – في سدة الحكم لهذا الغرض ، أقول تشهد بلاد مابين النهرين إنعطافات كبرى تشعر وكأن يد الأقدار تتدخل في مجرياتها كليا لصالح الشعب العراقي المظلوم ، فهاهم كل مجرمي الحرب من القادة العسكريين والساسة الفاسدين والمعممين الطائفيين ومزدوجي الجنسية – المهتلفين – وثنائيي التبعية المنافقين يساقون وبتدبيرالهي مُذهل الى نهاياتهم الحتمية وقريبا الى مزابل التأريخ الذي لايرحم بعد أن كانوا بنظرالمغفلين والمستغفلين طيلة ثلاثة عقود مناضلين وأبطالا ، فيما عملية صيانة “الوطن” الغالي مستمرة لحين تنظيفه كليا من جميع الحشرات والأوبئة والآفات السياسية والحزبية الضارة وتطهيره من الأجندات السامة، ومن العصبيات والأدبيات الطائفية المشعة !
ولأننا لانؤمن بالوسطية واقعا وإن كنا نتشدق بها ونلوكها على الألسن صباح مساء فنحن ننظر الى معظم الحقائق نظرة أحادية الجانب ومن زاوية ضيقة وبعين واحدة هي ” عين الأعور الدجال ” أو عين ” حورس ” التي تزين الدولارالاميركي وتعد شعارا للماسونية ، لأن حكومة الظل والظلام العالمية إنما تريد أن للبشرية أن تنظر الى الوقائع بعين عوراء ترصد نصف الكأس الفارغ من دون نصفه الممتلئ الآخر فقط ما يجعل تلكم العين غير قادرة على تمييز الأحداث وقراءة ما وراءها ، وبالتالي عدم قدرتها على إستشراف المستقبل ولا أقول التنبؤ به ، فيما تعني لهم ” العين التي تضع كل شيء تحت السيطرة ” ولعل هذا ما يقوم به الإعلام المسيس والمضلل فضلا عن الناطقين الرسميين وبقية المتلونين ،ولقد جاءت سورة الكهف الكريمة ” المنجية من الدجال “ومن جملة روائعها لتحض المؤمنين على النظر الى واقع الحال بعينين ثاقبتين والى مجريات الأمور ببصيرتين نافذتين بعيدا عن السطحية ، يتضح ذلك جليا من سياق قصة النبي موسى عليه السلام مع العبد الصالح الذي كان ينظر الى ماوراء الحدث والى مآلاته أكثر من النظر الى الحدث ذاته وبغير تلك النظرة الثاقبة التي تجيد قراءة الماضي ، فهم الحاضر ، إستشراف المستقبل ، فإن التعامل مع الأحداث سيكون على أساس ” الأبيض والأسود ” لاغير كما نفعل نحن ولامنجاة بغيرالوسطية بينهما والتي من شأنها أن تجعل من بياناتك ، تصريحاتك ، كتاباتك ، بوستاتك على سبيل المثال بعيدة عن التطرف من جهة ( الأسود ) وعن الإفراط من جهة أخرى ( الأبيض ) والفضيلة كما يعلم الجميع هي وسط بين رذيلتين على طول الخط ذاك أن النظرة القاصرة لأحداث العراق الحالية تجعل المحلل ، الكاتب ، المراقب إما مع المتظاهرين كليا وإن أحرقوا وإن خربوا وإن عبثوا ، أو بالضد منهم كليا وان تعرضوا للقتل ، للاعتقال ، للخطف ، للملاحقة ،للظلم ما سيقود العراق الى الهاوية والى أتون الحرب الأهلية خلال أيام لا أكثر مع تصاعد حدة الصدامات بشكل مطرد ينذر بإنفلات الأمور تماما لتصبح خارج نطاق السيطرة ، كل ذلك بفعل “عين الأعور الدجال ” التي سبق لها أن دمرت المحافظات الغربية وأحالتها خرابا ينعب فيها البوم حين صمت نظراؤهم في الخلق وأخوتهم في الدين وشركاؤهم في الوطن ، كليا عن كل مأساتها وعن ما ألم بها وأهلها ولحق بحقهم من ظلم وحيف ما تزال آثاره بادية للعيان ولما تندمل جراحاتهم بعد ، وما كان ينبغي لشركاء الوطن أن يفعلوا ذلك البتة لأن مخطط التدمير جار على الكل من دون إستثناء وما أكل الثورالأبيض سوى البداية لإلتهام بقية الثيران تباعا وعذرا للتشبيه الا أن المثل العربي الشهير جاء بهذا المنطوق الرمزي ، هذا لأن ” دجالي ” الاحزاب والكتل أقنعوهم بالنظر الى مأساة أشقائهم بعين ” حورس ” العوراء الطائفية المقيتة لا بعين ” القرآن الكريم ” الإنسانية الأخلاقية الإيمانية المبصرة ولو أنهم فعلوا ذلك ابتداءا لأبصروا بأم أعينهم حجم التعاطف الهائل معهم ولما صار معهم ما صارمنذ الأول من اكتوبر/ تشرين الأول الماضي ، وعلى أبناء المناطق الغربية بدورهم أن ” لايقعوا بذات الفخ ” الذي وقع فيه أشقاؤهم اذ أن بيان الرأي في التظاهرات وحجم التضحيات عبر بيانات وتصريحات لم نسمع سوى القليل منها حتى الآن لايستلزم ” المشاركة في التظاهرات ” حسبك أن تحذر المتظاهرين من مغبة تخريب الممتلكات العامة والخاصة فهذه من مجهضات الثورة وحرف لبوصلتها فضلا عن إنها ليست من صفات المطالبين بالتغيير والاصلاح وبناء الوطن وقلع الفاسدين من الجذور وطرد المستعمرين الشرقيين والغربيين من العراق مع دعوة الحكومة وأجهزتها الأمنية للكف عن سفك الدماء الطاهرة والتوقف عن سحق المتظاهرين المطالبين بحقوقهم المشروعة والكشف عن القناص والمندس والطرف الثالث وفضح الجهات التي تختطف الناشطين والمدونين والإعلاميين والمحامين وضربها بيد من حديد قبل أن يفعل الشعب الغاضب ذلك بنفسه عاجلا غير آجل ، والإسراع بإحالة الفاسدين والمفسدين الى القضاء والمسارعة بالإصلاح الحقيقي لا المزيف ، أو الاستقالة الفورية الجماعية ، إنك إن فعلت ذلك فقد شاركت في التظاهرات من أوسع أبوابها وأعربت عن رأيك فيها بكل صراحة وإن لم تنزل الى الميادين والساحات في موقف سيكبره لك التأريخ من غير أن تتهم بالعمالة والجاسوسية والتبعية والفسيفسائية والكونفوشيوسة والقمقمية التي دمغوك باطلا بها كما في كل مرة ، أما في حال سكوتك المطبق وان كانت لك أسبابك المنطقية من جراء الظلم الذي لحق بك فهذا لايحسب في مصلحتك ، لا تأريخيا ولا وطنيا ولا أخلاقيا ولادينيا وأذكرك بأنه وكما يقول البغادة ” اذا حلقوا لحية جارك بالقوة ..فعليك ان تصوبن لحيتك أغاتي”وهذا عين ما يجري في مناطق جنوبي ووسط العراق بعد انتهاء السيناريو التدميري في مناطقه الغربية !
وألفت الى أن الثقافة التي تحكم العراق منذ 16 عاما من أعلى الهرم الى أسفله هي ثقافة الجهلة والجرذ الثالث والتي أتمنى من شغاف القلب أن تنتقل مقاليد الحكم من جرائها الى آخرين ليسوا من ثنائيي الجنسية والتبعية ، يحبون بلادهم ولا يكرهونها ، ولم يحاربوا يوما في صفوف الأعداء ضدها ، لينتهي العراق والعراقيون من هذا الملف الأسود الذي ما ظهر في مكان وزمان ما الا ورافقته الخرافات والأباطيل وسياسة التجهيل المبرمج بكل أنواعها مصحوبة بالدم وبناء على ما تقدم فإن إسقاط الأنظمة الفاسدة يجب أن لاتقوده المعارضات المعقدة نفسيا واجتماعيا وسياسيا ، المُحركة كبيادق الشطرنج اقليميا ودوليا ، الغارقة بالأساطير أيدولوجيا ، المغرقة بالأكاذيب ميثولوجيا ، دعوا الشعوب العذراء الراغبة بالحياة والطامحة بالحرية هي التي تتولى زمام الأمور وتفعل ذلك بنفسها بعيدا عن غثائكم لأن الشعوب المغلوبة على أمرها بيضاء اليد ، نقية القلب ،متفتحة الذهن تريد أن تعيش بسلام ، أن تزرع ، أن تبني ، أن تعمر ، أن تصنع ، لا أن تنتقم وتثأرليلا ونهارا ، وشتان ما بين من يريد أن يصل الى الحكم ليبني ويعمرويصلح ويغير واقع الحال نحو الأفضل ، يحقق الرخاء والازدهار ، يرسي دعائم السلم الأهلي والعدالة الاجتماعية ، وبين من يريد أن يصل الى الحكم ليثأر ويهدم ويدمر ويسرق وينهب ويهرب فقط لاغير، شتان لأن “الجوكر” المعقد والمريض نفسيا لايصلح لحكم العراق إطلاقا !! اودعناكم أغاتي