في كل دول العالم اذا حدثت مشكلة معينة فهم يحاولون معرفة السبب الحقيقي للمشكلة ، ولا يكتفون بمعالجة تفرعات المشكلة ، بل يجهدون أنفسهم بالبحث عن أصل المشكلة وأعادة دراستها من جميع الجوانب والنواحي حتى يجدو الخلل وبعد أن يتم تشخيصه تتم المعالجة ، ليمنعوا ظهور أية مشكلة مستقبلا! . لم أتي بجديد للقاريء أن قلت، أن كل مشاكل ومصائب العراق هي بسبب المحاصصة! ، فهي دودة الأرض التي سرت فيه وأكلت الأخضر واليابس وأشاعة الفساد والخراب والدمار في كل مفاصل الدولة العراقية بكل قطاعاتها العامة والخاصة! وهي الشيطان الذي دخل العملية السياسية ولم ولن يخرج منها أبدا!؟ ، بعد أن أصبحت واقع حال المشهد السياسي في العراق والذي لا مفك ولا مهرب منه!. ، فنحن نتكلم عن الفساد والفاسدين وأنتشارالفساد بكل أنواعه وصوره وأشكاله ، ونتكلم عن أنفلات الأخلاق وأنتشار المخدرات وأنفلات الأمن وأنفلات السلاح ، ونتكلم ونتكلم ونتكلم ، عن مصائبنا الكثيرة والكبيرة والتي لا حصر لها ، ونتظاهر عن كل شيء وعلى أي شيء ولكن ، لم نتظاهر ونستمر بالتظاهر!! ضد المحاصصة التي هي السبب في دمارنا وخراب العراق والسبب في كل مشاكلنا ومصائبنا!. المضحك المبكي في موضوع المحاصصة ، هو أن السياسيين وقادة الأحزاب السياسية هم أول الرافضين لها والذين ينتقدونها أمام الفضائيات ووسائل الأعلام وفي اللقاءات والندوات، ألا انهم متمسكين بها حد الموت سرا!!.؟ فهم من أحتظنوا المحاصصة وأحاطوها بكل عناية ورعاية وترتيب وتمسكوا بها بكل قوة! ( حتى وصل الأمرأن تعين عامل الخدمة لا يكون ألّا بالمحاصصة والتقسيم بين الأحزاب السياسية ، وهذا ما ذكره الكثيرمن السياسيين والنواب في اللقاءات وأمام الفضائيات ووسائل الأعلام بكل صراحة ووضوح!) . ثم من الطبيعي أن العراقيين لا يأملون خيرا ، في كل رئيس حكومة ينتخب أو ينصب أو يجيء به! مهما صال وجال وصاح وتكلم وقّدم ، لأنهم يعرفون أنه جاء من رحم المحاصصة والتوافقات الحزبية وليس على أساس الكفاءة والمواطنة وبالأنتخاب الديمقراطي الصحيح والعادل !؟ لأنه في الأول والآخر سيعمل من أجل مصلحته ومن أجل مصلحة الحزب والكتلة التي رشحته!؟ ، ثم أن المحاصصة تقيد رئيس الحكومة بعشرات القيود ، وبالتالي تجعله ضعيفا أمام شعبه وجمهوره ، لأنها تسلب أرادته الذاتية والشخصية والوطنية ، فهناك كتلة وحزب هي التي توجهه وترسم له الطريق!! . أن أخطر مافي المحاصصة أنها تقيد رئيس الحكومة من محاسبة وزرائه أو الضغط عليهم! من أجل مصلحة الوطن والشعب ، في أي موضوع معين وأي موضوع كان ، فهو يوجه فقط ولا يحاسب أن نفذوا توجيهاته أم لم ينفذوها!؟ وفي غالب الأحيان أنهم لم ينفذوها!!، وأن حاسب أحدا من الضباط والوزراء في حال حدوث خطأ كبير فتكون المحاسبة ضعيفة ولا تناسب حجم الخطأ والجرم الذي أرتكبه!؟. ولهذا تجد أمور البلاد سائبة تائهه ، بلا مركزية وبلا رقيب وبلا حساب ولا كتاب كما يقال! ، مهما كانت حجم الأخطاء والتجاوزات والفساد ، وهي بالتالي تنعكس على شخصية رئيس الحكومة نفسه الذي يفقد هيبته ومركزيته ليس أمام شعبه فحسب ، بل أمام العالم أجمع!! . ولأن العالم يعيش في زمن القوة واللاقانون الذي يصل لحد البلطجة في كثير من الأحيان! ، لذا فكل العالم أستضعفوا العراق وتجاوزوا عليه ، لأن قوة الدولة وهيبتها ، هي من قوة رئيس الدولة وهيبته ومركزيته في أدارة أمور البلاد ، وهذه ومع الأسف كانت صورة العراق أمام العالم منذ 21 سنة ولحد الآن!. نعود بالقول ، فالمحاصصة هي التي شرعنت الفساد بالعراق بكل صوره وأشكاله وأنواعه وتفاصيله والمحاصصة وبأختصار شديد تعني الوقوق ضد كل شيء صحيح فهي ضد النزاهة وضد الكفاءة ، وضد كل القيم والمباديء الأنسانية والأجتماعية والدينية النبيلة! وهي فعلا كما يصفها ( القاضي عبد الستار روضان / المدعي العام في محكمة جنايات أربيل / هي مقبرة للكفاءات ، وتقديم غير الكفؤوين لأستلام المنالصب السيادية!) ، فالمحاصصة هي التي وضعت العراق على طريق الفوضى وعدم الأستقرار وبالتالي جعلت من العراق دولة فاشلة!. وهنا لا بد من الأشارة والتوضيح : أنه لا يوجد أي سند قانوني أو دستوري لنظام المحاصصة في الدستور العراقي! ، أقول ، ما دام الأمر كذلك ، أذاً من أين أتت؟ ومن الذي أقّرها لتكون الأساس والفيصل في العملية السياسية بالعراق!؟ ولماذا؟؟ . يقال أن الحاكم المدني السابق للعراق السيء الذكر ( بول بريمر) هو الذي أعطى الأشارة والموافقة والضوء الأخضر بذلك! ، طيب ، أذا كان الأمر كذلك ، فهل كلام بريمر هو قرآن عليكم؟ ثم أن (بريمر) قد ولى وذهب وترك العراق منذ 20 عاما ، فلماذا لا يصار الى أعادة النظر في موضوع المحاصصة ، بأجتماع موسع يعقده كافة رؤوساء الأحزاب والكتل السياسية لغرض ألغاء العمل بالمحاصصة وعدم أعتمادها سياسيا في تعيين الوزراء والوكلاء والمدراء العامين وأية درجة أخرى وتناط هذه الأمور برئيس الحكومة المنتخب!؟ أليس كذلك؟ أليس هذا هو الصحيح والذي يعمل به كل رؤوساء وقادة ودول العالم؟ . فهل يعقل ، أن قادة العملية السياسية وقادة الأحزاب مثلا ، لا يعرفون بأن المحاصصة لا تشوه العملية الأنتخابية فحسب ، بل تسيء للديمقراطية وتشوهها وتفرغها من محتواها؟! ، وهل يعقل أن قادة الأحزاب السياسية لا يعرفون بأن المحاصصة هي من تضع الشخص غير المناسب بالمكان غير المناسب في كل المناصب وفي المجالات والتخصصات بدأ من رئيس الحكومة فرئيس البرلمان فرئيس الجمهورية! ، فلنا أن نتصور كيف يكون حال البلاد عندما تكون سلطاتها الثلاثة تقر بالمحاصصة وليس بالأنتخاب الجماهيري الديمقراطي! ( السلطة التشريعية / سني ، السلطة التنفيذية / شيعي ، رئاسة الجمهورية / كردي) . لا أوجه اللوم على أحد أبدا ، أن كان الحاكم المدني للعراق السيء الذكر ( بول بريمر) هو من أعطى الضوء الأخضر بالعمل بنظام المحاصصة!؟ ، فالأمريكان جاوؤا لخراب ودمار العراق ويعرفون تماما أن المحاصصة كافية وكفيلة بذلك! ، ولا ألوم قادة الأحزاب السياسية وزعاماتها ، لأنهم يبحثون عن مصالحهم ومصالح أحزابهم وكتلهم!؟ وهم يعترفون بذلك أمام الفضائيات وكل وسائل الأعلام!؟ ، ولكن الأمرالذي يحيرني ولربما يتفق معي الكثيرين بذلك هو أن : أن المحاصصة بدأت مع بدأ العملية السياسية في العراق ، ومنذ أول تشكيل حكومي ، والمرجعية الرشيدة ، كانت موجودة بكل ثقلها ، وهي صمام أمان العراق والتي تعرف كل شيء وهي التي لا يخفى عنها أي شيء! ، فأين كانت من المحاصصة؟ ، التي دمرت العراق وأوصلته الى الحال الذي صار فيه بلدا فاشلا وبأمتياز؟؟!.