النخب: هم أحسن وأفضل القوم , المختار من كل شيئ , المختارون من المجتمع الذين لهم مؤهلات معينة.
في واقع أليم ينهكنا ويسحقنا ويحشرنا في خنادق خانقة وزوايا حادة , وقادة هذا الواقع ومهندسوه هم نخب الأمة بأنواعهم , لأنهم صدويون ومقلدون ويرددون ما يضخه الآخرون في رؤوسهم.
ولو بحثتم في إنتاجهم الذي يسمى فكري , منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى اليوم , فلن تجدوا أصيلا وروحا متواصلة مع إرادة الأمة.
فالسائد لكل منهم مشروعه المستند على نظريات الآخرين , ووفقا لرؤى أستاذه الذذي إنبهر به في دراسته في الجامعات الأجنبية , وأكثرهم يرفع رايات السربون , وما أنجزوا سوى تطبيق نظريات الغير على واقع لا يعرفها ولا تعرفه.
ومعظمهم يتمسكون بالديكارتية ومناهجها وأوجعوا رؤوس الأجيال بها , وما أطعمت من جوع ولا آمنت من خوف.
ولو نظرت في العديد من الفلاسفة والمفكرين لوجدت لديهم عشرات الكتب التي تتناول موضوعات يحسبونها لصالح الأمة , وهذا الصالح كالسراب الذي يطاردونه , أو كخيط دخان لا يمسكون به , وجميعهم يبرر عجزه بالدين , وكأن الأمة لوحدها ذات دين , بينما العديد من الأمم ربما أكثر تدينا بأديانهاا من أمة العرب بدينها.
فنخب تلك الأمم أسست لإنطلاقها وتواصلها مع العصر , والسبب أنهم لم يعتمدوا على الآخرين , وإنما تفكروا بحرية وبحثوا ودرسوا واقعهم بعلمية , وتفكير منهجي يراعي المنطق , فتوصلوا إلى حلول ومسارات ذات قيمة نوعية وفعالة في صناعة الحاضر والمستقبل.
وعلى مدار العقود الصعبة , لم يتعلم المفكرون وباقي النخب العربية , ولا يزالون يدورون بذات الدائرة المفرغة التي تزيد المشاكل تعضيلا , وتمنح الأجيال ما يحط من قيم الأمة وقدراتها ودورها , ويفرغهم من مشاعر الثقة بالنفس , فما ينتجونه بكائيات وآليات لترسيخ ما هو قائم ويساهم في إستنقاع الأمة ورقادها وخمودها.
ويدّعون أنهم يفكرون , ويبحثون ويكتبون وينشرون.
والواقع يشير إلى أنهم جعلوا الغثيث سمينا , والإيجابي سلبيا , ولا يزالون يرددون أن المشكلة في الدين , وفي ذلك يسقطون عجزهم على الدين والدين منهم براء!!
فالعلة الجوهرية تكمن في الكراسي والنخب فهاتان القوتان فاعلتان في ترقيد الأمة وتخميدها ووأد أجيالها ببعضها , لكن تيار الوعي المعاصر سيزيح هذا الإقتراب السلبي , وسيصنع إرادته القادرة على الإنطلاق الإنساني الحضاري المطلق!!