23 ديسمبر، 2024 4:28 ص

لا تستقر تركيا سياسيا وامنيا إلا باقتدار حزبا واحدا في الساحة السياسية لها

لا تستقر تركيا سياسيا وامنيا إلا باقتدار حزبا واحدا في الساحة السياسية لها

بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية التركية للدورة 25 في 7 حزيران الماضي أفرزت نتائج الانتخابات بتغيير الخارطة السياسية التركية مما أدخلت البلاد في صراع حزبي جديد على السلطة بين أحزابها الرئيسية حيث لم يتمكن أي حزب هذه المرة من تشكيل الحكومة وذلك لتشتت غالبية أصوات وفكر الناخب التركي وإيمانها بفكر الأحزاب المختلفة المنافسة في الانتخابات بعدما كان الحزب الحكام العدالة والتنمية هو المستقطب والجامع لغالبيتها والفائزة بالانتخابات الماضية للدورات السابقة حيث ولد لدى الشعب التركي هذا الحدث الجديد مخاوف وهواجس كبيرة أثرت فيهم وأرجعت بذاكرتهم إلى الوراء إلى مشهد الائتلافات السياسية بين الأحزاب المتصارعة والذي كان بسببها يعيش فيها البلد من عدم وجود الاستقرار السياسي والأمني والضعف الاقتصادي وغلاء المعيشة وتأخر عجلة التقدم العمراني كوضعنا الحالي في العراق الذي نعيشها حاليا وان المتتبع للمشهد السياسي و الانتخابي التركي يرى إن فترة استقرار تركيا وتطورها الاقتصادي هي كانت عند تولي حزبا واحدا على السلطة وكان هذا الحزب هو العدالة والتنمية التركي  ( AKP ) الذي جاء إلى الساحة بأفكار وتخطيط وأهداف كبيرة لخدمة الشعب التركي رغم كونها قد تأسست حديثا فتمكنوا من تغيير البلد من وضع سيئ إلى أفضل حالاتها بحيث تطورت تركيا ثلاثة أضعاف وأصبحت تنافس القوى العالمية على الساحة وبلغ اقتصادها العاشر على العالم بينما كانت ما قبل الأخير منها وأصبحت سيدة الشرق الأوسط والدولة العظمى فيها متكاملة ومتنامية من كافة الجوانب العسكرية والاقتصادية فتمكن هذا الحزب عبر برنامجه من تلبية متطلبات الشارع التركي التي كان يفتقدها وتغيره الوضع المعيشي لهم فنالوا عندها الاستقرار الذي كانوا يحلمون به لسنوات طوال وبهذه الانتخابات الأخيرة حصلت أزمة حقيقية لتشكيل الحكومة لعدم توافق الأطراف السياسية كحكومة ائتلافية لتشكيلها والذي لعب هنا الحزب الحاكم دورا كبيرا أراد من خلالها فك العقدة بطرح فكرة الشراكة الائتلافية مع الأحزاب الراغبة بذلك والتي جوبهت بالرفض وكانت تلك خطوة ذكية من هذا الحزب الذي أعلن استعداده لذلك وبين موقفه الصريح أمام الشعب التركي لتشكيل الحكومة وان كانت ائتلافية ولحدوث هذه الأزمة السياسية الداخلية من جانب ومن جانب أخر التغييرات الحاصلة في الساحة الإقليمية للشرق الأوسط ومنها دول الجوار كالعراق وسوريا التي هي محطة اهتمام لتركيا التي لها مخاوف حقيقية منها وخصوصا بتهديد أمنها القومي والتي تسعى لأخذ الحيطة والحذر من التطورات الجديدة والوقوف أمام مخاطرها بكل قوة بالرغم من وقوفها أمام الدول الكبيرة كروسيا التي تلعب حاليا دورا مهما في المنطقة وهي تحمل في نفس الوقت عداءا عبر التاريخ لها وان كل هذا يعتمد على الاستقرار السياسي للبلد وهي بتشكيل الحكومة لانشغالها من بعد ذلك بالسياسة الخارجية دون الداخلية وهنا أدرك الناخب التركي انه قد اخطأ بالفعل لعدم تمكنه من اختيار حزبا واحدا لإدارة الدولة بعدما رأى بعودة الأحداث إلى المربع الأول القديم وان الانتخابات المرتقبة مطلع شهر تشرين الثاني وبرأي إن الناخب التركي سوف يضع ثقله مجددا على حزب واحد وارى إن ذلك سيكون مجددا هو حزب العدالة والتنمية ( AKP ) وهو الأوفر حظا بذلك بعدما تمكن من استرجاع ما فقده من قاعدته الانتخابية العريضة وإقناعه للشعب أن يؤمن بادرة الحزب الواحد للدولة لكي ينعم بالاستقرار وإضافة إلى ذلك شرحه مخاطر ما سيحصل لو تكرر المشهد القديم من جديد بتوازن الأصوات للأحزاب يوم الانتخاب والشعب التركي بات يخاف جدا من ذلك بعدما يرى ما يحصل في سوريا والعراق من أحداث مأساوية وخصوصا في لبنان التي لا ترى النور أبدا واستقرارا سياسيا لعدة سنوات نتيجة صراع الأحزاب فيها وبالتأكيد هنا سوف تكون منافسة حقيقية قوية جدا لم تشهد لها مثيل بين الأحزاب المتنافسة والتي ستضع كل منها  ثقلها بالساحة عبر هذه الانتخابات البرلمانية إلا إن الأحزاب المعارضة قد دخلت في مشاكل داخلية لها بخروج شخصيات مهمة منها كحزب الحركة القومية ( MHP ) الذي خرج منها عضوين كبيرين مهمين وهما الدكتور سنان اوغان والسيد توركوت توركيش ابن مؤسس الحزب وكذلك هناك خلافات أيضا داخل حزب الشعب الجمهوري ( CHP ) مما سيجعل هذه الخلافات خسارة في أصواتهم بالقاعدة الانتخابية لهم وتعتبر هذه الانتخابات امتحانا حقيقيا لرؤساء الأحزاب وفي النهائية سيتبين من هو الفائز والخاسر فيها .