23 ديسمبر، 2024 7:54 ص

لا تربحوا الحرب وتخسروا السلام

لا تربحوا الحرب وتخسروا السلام

تسير وتيرة الحرب الحلبية على قدم وساق بعد أن انهارت قوى جميع الدول التي كانت خلف الجماعات المسلحة التي تغيرت نبرة إعلامنا العربي بتسميتها بالمقاومة وليس بداعش, فقد  وضعت السعودية  ودول الخليج وبقية من يدور في الفلك السياسي السني أكرر (السياسي  السني وليس التعبّدي) كل  ثقلهم في الفوز بتلك المعركة سلبا أم إيجابا, فكلاهما هو انتصار لها كما كانت تدعي, بينما سارت الأحداث بغير ما هو مرسوم لها فتصارعت ذات التنظيمات الإرهابية وذبح بعضها بعضا وخرجت تطالب بالتسامح من النظام الذي تقاتله, أخيراً كان على الدول الممولة للإرهاب أن تربح الحرب الإعلامية التي هي جزء من حرب البندقية, تلك هي صفة المظلومية التي أصابت النازحين من حلب, فلقد صورت وسائل الإعلام الآلاف وهم يخرجون من حلب بمشهد يبدو للغربيين بأنهم مشابه لمذابح الهولوكوست, كلٌ يحمل أطفاله ومتاعه هرباً من مذبحة قادها  الشيعة (كما يدعون), والمجتمع الغربي مجتمع عاطفي جدا لا تهزه الحرب ذاتها, بل تهزه وتغير رأيه شواهد الضحايا المدنيّة, وخصوصا الأطفال, وهو ما حرص عليه الإعلام العربي أن يقدمه خلال الأيام الثلاث, مما دعى فرنسا وبعض الدول واسرائيل من ضمنها الى محاولة دعوة مجلس الأمن للانعقاد.المهم الذي أريد توضيحه هنا ليس الحرب ذاتها, فهي محسومة, ولكن نقطة جوهرية غفل عنها الشيعة, وهو امتلاكهم سلاح فعال وكبير ومؤثر في الأمم ذلك هو سلاح المظلومية الذي رافقت التشيع منذ فجر تكوينهم, وقد تكون استراتيجية أبو  الشهداء عام 680 ميلادية هي خير من وضع ذلك المنهج بشكل لم تتعوده العرب فيما قبل, هذا مع غفلة الشعوب الشيعة عن أهميته وعمق تأثيره على روحية الفرد, فهذا غاندي يقول تعلمت من الحسين أن أكون مظلوما, وذاك الدعاء يقول اللهم اجعلني مظلوما, وآخر يقول لو كان لدينا نصف حسين كما لديكم لسدنا العالم.. وهكذا غيرها من المفاهيم التي أصبحت اليوم واضحة في عصر العولمة.
حذار أن تفقدوا تلك الصفة بل احتفظوا بها فهي أقوى سلاح لالتفاف الأمم حولكم, فكونوا دوما تحملون صفة الضحية لا صفة الجاني (البطل) المنتصر, فالمنتصرون يسحقهم التأريخ مع انتشارها في الكتب والأدبيات, ولكن الروحية اللاشعورية هي أقوى دوماً من العقل الشعوري, لأن الأول مسيطر على الثاني, وقد وجدنا اليوم التباكي على حلب من قبل من كان خلف الإرهاب وسانده أمام مناظر الأطفال والنساء  وهم يغادرون حلب خشية من مذابح الشيعة كما أعلنوها.
أمام الدول التي تحارب الإرهاب أن لا تطغى في قوتها, بل أن تتسم بالرحمة حتى مع الدواعش والذباحين (وإذا الذي يبنك وبينه عداوة كأنه ولي حميم), وأن يفوتوا الفرصة على من أشعل نار الإرهاب لأن يشعلوا حرباً أخرى يخسر بها دعاة الحق حقهم.