شعرت بسعادة اليوم وأنا أذهب لتحديث سجلي الانتخابي، ربما سينزعج البعض من هذه البداية، فقد سجلت بغداد النسبة الأدنى بين المحافظات في عدد المواطنين الذين قاموا بتحديث سجلاتهم الانتخابية، بينما سجلت البصرة النسبة الأعلى.
بالأمس، قرأت بعض الدعوات على الفيس بوك، والتي تحذر من المشاركة في الإنتخابات كونها جريمة. وأنا أيضا أضم صوتي الى هذه الاصوات، فالمشاركة في الانتخابات، بنفس الطريقة، هي جريمة، لكن.. أن أترك لهم صوتي ليسرقوه ثانية، فهي جريمة أكبر.
على مدى دورتين انتخابيتين، لم يشهد العراقيين سوى التراجع على كل المستويات حتى فقدوا ثقتهم تماما بمعظم، إن لم نقل كل الرموز السياسية والكتل والاحزاب، فما بين فساد وسرقة أموال وبيع ضمائر ومتاجرة بالدم العراقي، (ضاع الخيط والعصفور)، وغدا الشعب مجرد جسرا للصعود الى الكرسي، وأصبحت الإنتخابات فرصة ذهبية لمن تربعوا على رقابنا طيلة تلك السنوات، لأن يعودوا للجلوس فوق رؤوسنا هذه المرة، فهل سنسمح لهم؟
لاأنكر إني أخطأت شأني شأن الكثيرمن المواطنين يوم ذهبت للإدلاء بصوتي خلال الانتخابات الماضية لأجل من ظننت إنهم سيحمون بلدي، و سيوقفون إراقة الدم العراقي. أعترف إني خدعت وصدقت هذا وذاك، صدقت شعاراتهم الداعية لنصرة الفقير والمتسول والجائع، وتلك المتشدقة بالوحدة الوطنية ونبذ الطائفية ومحاربة الفساد ونصرة الأرامل والحرية والديمقراطية و..و..و.. شعارات كثيرة تبعثرت على لافتات تزينها صور تشترك في براءة الوجه، وابتسامة، وشعر مصبوغ. فهل سأرضى بأن يخدعوني ثانية؟
البعض يقول إن النتيجة معروفة سلفا، وإن المراكز الانتخابية والصناديق معروضة للبيع، ومن يدفع سعرا أعلى سيحصل على الغنيمة، ربما نعم، وربما لا، لكن مشاركة أعلى نسبة من المواطنين في الانتخابات قد تحبط كل خططهم.
ربما شاهد بعضكم ذهاب بعض السياسيين لتحديث سجلاتهم الانتخابية، وهو مايعتبر أيضا جزءا من الدعاية الانتخابية لهم، وان إدعى البعض إنها محاولة لتشجيع الناس على تحديث سجلاتهم الانتخابية، فهل تظنون إنهم يريدون منا الذهاب حقا الى المراكز الانتخابية للادلاء بأصواتنا؟
أنا، عن نفسي أظن العكس، فهم يتمنون أن لانذهب، كي يذهب أتباعهم فقط، وكي يمارسوا أساليبهم الجهنمية في سرقة اصوات من تخلفوا على المشاركة في الإنتخابات، وهكذا نكون قد شاركنا في جريمة ذبح الوطن ثانية.
عندما يدور النقاش حول المشاركة في الانتخابات، تقفز عبارات مؤلمة مثل (واحنه شعلينه)، (شمحصلين)، (أول وتالي إلهم)، بينما يسخر البعض من حماسي كونه (وطنية زايدة). والمؤلم هنا، إننا وبعد عشر سنوات من نهاية الحكم السابق، مازلنا نظن ان الوطن ملك الحكومة، وان الانتخابات لأجل الحكومة، فمن يحب الحكومة يذهب للانتخابات ومن يكرهها يتخلف عن ذلك.
العكس هو مايجب أن يحدث، فلم يعد الوطن للقائد، هو لنا ومسؤوليتنا إنقاذه من بين أيديهم، ومن يبحث منكم عن تغيير، يجب أن يذهب للانتخابات ليختار شخصا بديلا إن كان بين المرشحين الجدد من يصلح لأن يكون بديلا مناسبا. وفي حالة عدم وجود البديل، يمكنكم الذهاب واسقاط الاستمارة الانتخابية، أي الامتناع عن التصويت، وبذلك تقطعون عليهم الطريق فلا يستطيعون سرقتكم ثانية.