اشتعل فتيل الأزمة، واحتل داعش ثلث مساحة العراق، وبات يحاول تثبيت مواقفه الرجعية في ارضنا الطاهرة.. فيما غاب كل من كنا نعتقد انه قادر على تجسيد دور المنقذ..
صمتَ، وأختفى، وتلاشى عن الأنظار أولئك الذين كانوا يناشدون بالسلم الأهلي والإصلاح السياسي، والوحدة الوطنية، والتكاتف والتآخي والتآزر ووحدة الصف وغيرها من المفردات الجاهزة، التي مللنا سماعها من كل الاطراف السياسية المتناحرة فيما بينها..
بات الحشد الشعبي والقوات المسلحة يلعبان دور حارس المرمى في ملعب الجثث اللامنتهي، يجسدان دور حارس مبتدئ غير كفء لحراسة المرمى، وهو الامر الذي جعلنا نخسر بامتياز.. نخسر مباراتنا ضد الارهاب ونخسر آلاف الشباب.. ونخسر المدن والشرف والتاريخ….
قبل أيام، أعلن الناطق باسم الحشد الشعبي (كريم النوري) ان قوات الحشد تستعد حالياً لاستعادة مدينة الموصل، مشيراً الى ان قوات الحشد ترفض مشاركة قوات الحشد الوطني او ما أسماها (الحشد الذي يقوده اثيل النجيفي)..
اعتقدت للوهلة الاولى ان هناك لبس او خطأ في إعداد ونقل الخبر.. مما دعاني لاعادة القراءة..
توقفت عن المقطع الاول من الخبر وانتشرت في روحي سعادة غريبة، وتأملت ام الربيعين وهي تعود الى شموخها المسلوب والى ربيعها الزاهر، تأملت نينوى وهي تخلع ثوبها الداعشي الاسود، وترتدي ثوب المجد العراقي الناصع..
غير ان صدمة كبيرة صعقت روحي، وسلبت مني أحلامي الوردية واحالتها الى كابوس مفزع..
وجدت نفسي أعيش لحظة انشطار وانقسام طائفي، غيب بياض التحرير الذي كنت أحلم به..
ازدحمت الاسئلة في رأسي.. هل الحشد الوطني قوة خارجية لا تنتمي لتراب هذا الوطن، هل هم اعداء للعراق، هل سيشكلون قوة متحالفة مع داعش؟
بالتأكيد لا.. فهم أبناء نينوى، ومعظمهم من رجال الشرطة المحلية في المحافظة ممن تعرضوا وعوائلهم للموت والأذى على نحو مباشر.. رجال كانوا قد رهنوا حياتهم بأمر القائد العام للقوات المسلحة، وطالبوا بالتسليح والدعم عشرات المرات..
تساؤلاتي تجعلي اعتقد انها مؤامرة ضد النجيفي فحسب، فان كانت هكذا فهي مؤامرة بمنتهى الرخص والسخافة، مؤامرة ضد شخص على حساب بلد كامل..
الحشد الشعبي والقوات المسلحة لم ولن يتمكنوا من تحرير نينوى وهم بهذه العزلة، عن ابناء المدينة الأعرف والأقدر بتفاصيلها..
وكلنا أمل بان يعيد القائد العام للقوات المسلحة إعادة تنظيم وترتيب الاوراق فلا تحرير لنينوى إلا بسواعد رجالها..