لا تتركوا الرجل وحيداً-6

لا تتركوا الرجل وحيداً-6

لكي تكون قادراً على التعامل مع الملفات الحساسة والقضايا الكبرى يجب ان يكون نظامك قوياً من الداخل، ومن الواضح ان هناك تشكيلاً جديداً لملامح الشرق الأوسط قد لا يقل دراماتيكية عما عُرف بأحداث (الربيع العربي) ومسرح التغيير في هذه المرحلة هو العراق والشام. ونحن بحاجة الى خطاب وطني جديد يحافظ على حقوق العراقيين ومكتسباتهم، ولا يسمح بالعبث بها نزولاً تحت رغبات السياسة وضغوط الخارج وجشع المتعطشين للسلطة.

ويجب ان يشعر المجتمع الدولي بصلابة الموقف العراقي ويجب ان تشعر دول الإقليم بقوة القرار الشعبي والرسمي فيما يتعلق بالخيارات المرتبطة بأمن العراق الوطني وسيادته وخياراته الاستراتيجية (ومنها الموقف من الحشد)، فالمواقف المترددة والمتضاربة والمـُرائية والانتهازية توحي للآخر بوجود خاصرة رخوة قد تُستغل بفرض خيارات لا تتناسب مع الحاجات العراقية

((عدم النظر بجدية الى التهديدات الامريكية بخصوص الحشد والفصائل نوع من الجنون، لكن التفكير بحل الحشد او اضعافه في مثل هذه الظروف جنون مطلق))

من المهم في هذه المرحلة ان يبدو خطاب الدولة موحداً وقوياً وقادراً على تجاوز التحديات، وبعيداً عن الانتهازية السياسية، ومن المهم ان يكون القرار السيادي موحداً وواضحاً ومدروساً يغلّب المصالح الوطنية العليا على الانفعالات واللغة الشعاراتية الصاخبة التي لا تقدم ولا تؤخر، ويجب اسكات الأصوات التي تريد اضعاف الدولة ووضع استقلال قرارها على المحك، فالعراق أهم من الجميع، ومن المهم ان تشعر هذه الحكومة والتي تليها بدعم جميع القوى السياسية في القضايا الاستراتيجية حتى تكون أكثر قدرة على القيام بواجبها تجاه البلاد وشعبها ومصالحها العليا، حتى لا يتعرض النظام بأكمله الى هزة قد لا يستطيع احتمالها. كما يجب ان يستعد هذا النظام للتحول وإصلاح بنيته الداخلية كي لا يتآكل.

بالعربي الفصيح: من الناحية الشكلية محمد شياع السوداني هو خيار شرعي جاء عبر آليات ديمقراطية وتوازنات افرزتها لحظته وحسابات من اختاره وصوّت له. وسيتحمل هؤلاء نجاحه وفشله، لذا تفرض التحديات الحالية على الأحزاب التي جاءت به مسؤولية دعمه والوقوف الى جانبه ليعبر بنا هذه المرحلة العصيبة، وبعدها يحلها الحلّال. لا الحفر تحته والعمل على الإطاحة به لأنه اغلق هاتفه بوجه بعض قيادات الإطار!

ومن الضروري اسناد الحكومة في القضايا الكبرى ولا يجب تركها لوحدها امام تلك الملفات المعقدة التي قد تكون أكبر من قدرة الحكومة على مواجهتها لوحدها، خصوصاً ان بعض تلك الملفات مفتوحة منذ عقود ولم تنجح أجيال من الحكام العرب في حلها، وبعض تلك التطورات تكبر مثل كرة الثلج وتهدد بأخطار مقبلة (ما يجري في سوريا مثلاً) ونحن دولة مازالت تحاول تضميد جراحها ولسنا السعودية او إيران او تركيا ونحن نعرف بئرنا العراقي وغطاه.

في نفس الوقت لا يعقل ان تبت حكومة عمرها أربع سنوات لم يبق منها سوى أشهر في قضايا استراتيجية حساسة قد يمتد تأثيرها لعقود، وقد تدفع البلاد جراء موقف لحظي او براغماتي ثمناً قد لا نستطيع تحمله. وقد يهدد أي قرار خاطئ بانفجار الأوضاع كما يحصل في سوريا الآن.

انا اعي ان حس التنافس الانتخابي قد يذكي بعض المواقف ويحرك الرغبة بعرقلة الحكومة ودق الاسافين، لكن على الجميع ان يعرف ان استقرار البلاد اهم من كل الطموحات السياسية، والحفاظ على وحدة البلاد واستقرار نظامها السياسي أهم من الأشخاص وطموحاتهم، فلا تتركوا رئيس الحكومة الحالي وحيداً، ساندوه بالرأي والمشورة والدعم، فالحكومة بغض النظر عمن يتولى رئاستهاهي ركنمن اركان الدولة، والحفاظ على استقلالية وصوابية وجرأة قرارات الحكومةوحساباتها الاستراتيجية هو جزء من الحفاظ على قدرة الدولة على مواجهةالعواصف.

أحدث المقالات

أحدث المقالات