التنديد الفرنسي”شديد اللهجة” الذي صدر عن ندوة نظمتها يوم الثلاثاء الماضي بباريس “اللجنة البرلمانية الفرنسية من أجل إيران ديمقراطية” شكك البرلمانيون الفرنسيون بجدوى إشراك السلطات الإيرانية في مؤتمر “جنيف 2” بشأن الأزمة السورية، وهو مايعني رفض فرنسي صريح لدور النظام الايراني و عدم الثقة بنواياه و بمصداقيته لحل الازمة.
هذه الندوة التي شارکت فيها السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية بصورة رسمية، لفتت الانظار مرة أخرى الى أن العديد من الاوساط السياسية و التشريعية الاوربية و الدولية صارت تميل الى الالتفات للمعارضة الايرانية النشيطة على الساحة و المتمثلة بالمجلس الوطني للمقاومة الايرانية الذي تقوده السيدة رجوي، وان الرؤى و الافکار التي تم طرحها في هذه الندوة قد أتت مخالفة و بصورة واضحة للتوجهات الامريکية بالتحاور و التشاور مع الرئيس الايراني حسن روحاني، بل وحتى انها و بشکل صريح شککت في تلك التوجهات و إعتبرتها مضيعة للجهد و الوقت، وان هذا الاتجاه السياسي يجسد في الواقع طروحات و أفکار المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بشأن کيفية التعامل مع النظام الايراني و عدم جدوى الاتصالات معه.
البرلمانيون الفرنسيون الذين قالوا في هذه الندوة ان”السياسة الإقليمية لطهران لم تعرف أي تغيير منذ وصول الزعيم الإصلاحي حسن روحاني إلى رئاسة البلاد في 14 من يونيو/حزيران الماضي” واعتبروا أن “نظام الملالي ما زال يسعى إلى التوسع في المنطقة وتصدير نموذج حكم استبدادي إلى بلدانها”، بل وان عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جان بيار ميشال قد ذهب أبعد من ذلك عندما قال”النظام الإيراني يجب أن يحاسب على مشاركته في قمع الثوار والمدنيين السوريين العزل” مضيفا أن فرنسا ودولا غربية أخرى “تملك أدلة تثبت أن الدور الإيراني في الصراع داخل سوريا لا يقتصر على الدعم السياسي والاقتصادي لنظام الرئيس بشار الأسد، وإنما يشمل أيضا إرسال العتاد والمقاتلين إلى ميادين المواجهة في البلاد”، تأتي هذه التصريحات و المواقف الحازمة و الصارمة في وقت يحاول روحاني مسك العصا من وسطها و توفير فرصة ما لکي يلتقط نظامه أنفاسه إستعدادا للمراحل القادمة.
لکن التأکيد على الدور الايراني في سوريا، لم يمنع من تسليط الاضواء أيضا على نفس الدور في العراق حيث شدد نواب فرنسيون على أن إقدام القوات العراقية بداية سبتمبر/أيلول الماضي على قتل 52 معارضا إيرانيا يقيمون في معسكر أشرف شمالي بغداد “كان امتثالا لإملاءات طهران”، وفي الوقت الذي أيدت السيدة رجوي هذا الرأي فإنها إنتقدت أيضا و بشدة الزيارة التي بدأها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى واشنطن قائلة “إذا كانت الولايات المتحدة تفضل مصافحة رجل قاتل، فإني أدعو الرئيس باراك أوباما إلى أن يطلب من المالكي الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن”، وفي کل الاحوال فإن هذه الندوة يمکن إعتبارها منطلقا مهما يمهد لموقف اوربي بهذا الاتجاه من طهران و دمشق و بغداد.
[email protected]