23 ديسمبر، 2024 6:01 ص

لا اصلاح حقيقي قبل الاطاحة برؤوس الفساد

لا اصلاح حقيقي قبل الاطاحة برؤوس الفساد

تتعالى الاصوات  منذ فترة مطالبة بالاصلاح في العراق، والغريب ان اصوات الكتل المتنفذة الحاكمة بدأت هي ايضا  بالتحدث عن الاصلاح تناغما مع المطالبات الشعبية عبر تظاهراتها المستمرة منذ اشهر، فالمطلوب من عملية الاصلاح حسب رؤاهم ان تتم بعيدا عن المساس بأمتيازاتهم، ويحاولون بشتى الطرق النأي بانفسهم عن تهمة السرقة والفشل التي تطاردهم، وكأن المطلوب محاسبتهم من السراق والفاشلين ليسوا من  نفس هذه الكتل، التي تتربع على كراسي الحكم، منذ اكثر من عقد من السنين، وانما هم عبارة عن اشباح حسب منطوق تلك الكتل التي تحاول ذر الرماد في العيون وتبرئة نفسها عما جرى ويجري، من خراب ودمار وافلاس للدولة، وتخلف في شتى ميادين الحياة تحت ظل سلطتها، هؤلاء السياسيون يتحدثون عن حاجة العراق، لأصلاح سياسي واخرون غيرهم  ينادون بأصلاح اقتصادي وهلمجرا، لكن العلة الحقيقية ليست في هذه المطالبات، بل التعريف الحقيقي للاصلاح في العراق. هنا لا اتحدث عن عراق قبل سقوط النظام الدكتاتوري، بكل مساوئه وجرائمه، بل اتحدث عن عراق ما بعد ذلك النظام، وانضم الى الذين ينادون باصلاح شامل للأوضاع العامة في البلاد، بشكل حقيقي وجذري يقتلع جذور الفشل والفساد من الاساس.الكل يعلم ويعرف جيدا ان الداء يكمن في القوى السياسية التي تسنمت زمام الحكم بعد عام 2003 حين اتخذت مسارا خاطئا وخطرا في ادارة الدولة، فهذه القوى، بكل اجنحتها وفصائلها، اعلنت دون لبس وغموض عن طائفيتها السياسية، حتى انها اتخذت الطائفية والاثنية شعارا ومنهجا في ادراة الدولة في كل الدورات الانتخابية، بدلا من اتخاذ المنهج الذي يتواءم مع طبيعة المجتمع العراقي المتلون الاطياف، منهاج دولة المواطنة بدلا من دولة المكونات، وهذا هو بيت الداء، وهذا المنهج السياسي جلب وما زال يجلب للعراق الويلات والنكبات، لأن السلطة تقاسمتها هذه القوى طيلة الاعوام الماضية، وتغلغلت عناصرها في مفاصل الدولة دونما اعتبار للكفاءة والنزاهة، اذ نجد الانتهازيين والمتملقين والفاسدين وراكبي الموجات، لهم القدح المعلى في معظم مفاصل الدولة، بسبب الخواء السياسي للقوى المتنفذة وافتقارها الى الكوادر العلمية والسياسية النزيهة وهم ما يعرفون بالتكنوقراط، والقوى المتنفذة هذه، فضلت الاستعانة بتلك النماذج بدلا من استثمار الطاقات العراقية المشهودة لها بالكفاءة والنزاهة، والمعروف عنهم، بأنهم اصحاب مبادئ ويتمتعون بالخلق الرفيع ويأبون على انفسهم من الانغماس في مفاسد الحكم، وهذا ما لا يروق للقوى الطائفية والاثنية التي تمسك بزمام السلطة.فالداء اذن في رؤوس القوى الحاكمة المتنفذة، التي اضاعت واهدرت اموال الشعب العراقي وهي التي حرمت اصحاب الكفاءات من تبوء مكانها الطبيعي في ادارة الدولة، لأنها ستقطع طريق الفساد عن الرؤوس االطفبلية الكبيرة التي تعتاش عليه، وأمتلأت بطونها بالسحت الحرام غير مبالية بالاوضاع المزرية التي يأن تحت وطأتها ملايين العراقيين، فبدلا من جلب تلك الرؤوس الفاسدة المعروفة من بسطاء الناس قبل هؤلاء الحكام، الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، جراء الجرائم التي اقترفوها بحق الشعب العراقي، والزامهم بأعادة الاموال التي سرقوها من الشعب ، اخذت سلطتهم تمد يدها الى جيوب الفقراء ذلك باستقطاع مبالغ من رواتب الموظفين والمتقاعدين، واصدرت قررات بفرض ضرائب على الذين يرتادون المستشفيات والمراكز الصحية، وجلهم من الفقراء، بل تمادوا في غيهم عندما وصل بهم الحال بعدم دفع رواتب عمال البلديات وامانة العاصمة لاشهر عديدة غير مبالين بالنتائج الخطيرة التي ستترتب عن كل تلك الاجراءات السقيمة، التي ستؤدي حتما الى تفشي الجريمة المنظمة، وانخراط البعض في المنظات الارهابية بسبب الحاجة. واليوم يدور الحديث عن تغيير وزاري بذريعة الاصلاح، وكل تلك الاحاديث تدور في غرف مغلقة، فيما بين نفس المسببين لما يعانيه الشعب من ضيم وبؤس وشقاء وافتقاد للامن والاستقرار وتنامي الجريمة المنظمة، جراء سياساتهم الفاشلة وفسادهم الذي اضحى بلا حدود ومستمر لحد الان، يتحدثون عن الاصلاح وهم الذين جروا البلاد الى من نحن عليه، بسبب تغطيتهم على الفاسدين، والسبب يعود الى ان الايغال في كشف الفاسدين ستشملهم جميعا، سيشمل كل الذين تولوا الحكم منذ الانتخابات الاولى عام 2005، لحد اليوم، فهم منغمسين من رؤوسهم حتى اخمص اقدامهم بالفساد وهدر المال العام والفشل الذريع في ادارة دفة الحكم، لم يكتف هؤلاء بسرقة واهدار الاموال بل اضاعوا ثلث الاراضي العراقية التي استولت عليها عصابات داعش الارهابية، ويقدم الشعب العراقي اليوم، عبر قواته الامنية من الجيش والشرطة والحشد الشعبي تضحيات جسام في تحرير تلك المناطق التي سلمت الى قوى الارهاب، والحكام هم المسؤولون عن كل تلك الكوارث، فما لم يتم الاطاحة بهؤلاء وتقديمهم للعدالة لينالوا جزائهم العادل جراء جرائمهم بحق الشعب والوطن، فلا حديث حقيقي عن الاصلاح.‪© 2016 Microsoft‬ الشروط الخصوصية وملفات تعريف الارتباط المطوِّرون العربية