18 ديسمبر، 2024 8:22 م

إذا ساد الفساد فسدَ العباد , وصار الباطل حقا والحق باطلا , والفساد دينا ومذهبا ودستورا في البلاد.
والقائلون بإصلاح الفساد بعد أن تحكّم بمصير الدولة , وإستحوذ على جوهر ما فيها من الطاقات والقدرات , وصارت له فرق مسلحة وأحزاب ومليشيات , إنما يتوهمون وبهذيناتهم يتمرّغون , ويمارسون سياسة أضعف الإيمان.

ما ينفع مع الفساد هو سياسة آخر الدواء الكي , بمعنى أن الفساد بحاجة إلى بتر وإزالة تامة وقلع من جذوره , لكي تتعافى البلاد من شروره.

ومشكلة بعض المجتمعات أنها أوردت الفساد موردا حسنا , وتفاعلت معه على أنه المقياس الذي بموجبه تتحكم بالبلاد والعباد , وشرعنته وأيّدته عمائم تتاجر بدين , وبهذا رسّخت وجوده ودوره في صناعة الحياة المزرية.

ويبدو أن الفساد يتناسب طرديا مع زيادة عدد العمائم والأحزاب المدّعية بدين , لأنها تسوّغ المآثم وتبررها بما يحلو لها من التأويلات والتفسيرات النابعة من أفياض أهوائها التي تسميها دينا.

ولكي يتم القضاء على الفساد لا بد من إلغاء الأحزاب المسماة دينية , وتأكيد القيم والمعاني الوطنية , والركون إلى عقد إجتماعي وطني إنساني عادل يكفل الحقوق ويحدد الواجبات , ويضع المواطن أمام مسؤوليته تجاه نفسه وبلاده.

كما أن القضاء على الجهل والأمية والغفلة والتبعية وإعمال العقل , وحث الناس على التفكير وإبداء الرأي , لها دورها وتأثيرها الكبير في طرد الفساد من المجتمع.

والعودة إلى جوهر القيم والتقاليد والأعراف التي تواصلت بها الأجيال تصون المجتمع وتحاصر الفساد وتنهيه.

ومن أولويات القضاء على الفساد محاصرة العمائم المتاجرة بالدين , ومحاسبتها قانونيا وإخضاعها لإرادة الدولة والقانون , وتمزيق وشاح القدسية الذي تتراأى به , لتضلل وتخدع وتصادر حقوق الناس ومصيرهم.
وبدون القوة الضاربة الفاعلة لن نجد دواءً للفساد!!
فهل أن الفساد صار سرطانا عنيدا ينذر بموت المجتمع والدين؟!!