18 ديسمبر، 2024 5:55 م

لا أعرفنَّك بعد الموت تندبوني

لا أعرفنَّك بعد الموت تندبوني

يوم الأربعاء (20 سبتمبر أيلول/2023م ) ضربت فيضانات مدمرة مدينة درنة التي تقع شرق ليبيا ادت الى مقتل الآف من سكانها فضلا عن تدمير احياء سكنية بكاملها تم تقديرها برع المدينة ، وكل العالم بات يعرف ذلك لكن المأساة مهمها كان حجم دمارها ، فالناس لا تتوقف عن ذكرها بسبب ما خلفته من أذى وأسى0

كتب الناس كثيرا عن هذه الكارثة المأساوية غير أنني طالعت كثيراً من الصحف وهي تشير الى تصريح مسؤول ليبي تشير إليه تحت عنوان (( النائب الليبي)) والذي تقول عنه الأخبارعبروسائل الأعلام هذه ان هذا النائب الليبي قد حدد متهمين يتحملون مأساة درنة وتحديدا في ما يخص حادث انهيار السدين 0

ينطبق على تحرك النائب الليبي هذا وغيره من مسؤولي حكومتي الشرق والغرب الليبيتين بعد فوات الأوان بيت شعر لشاعرعربي قال فيه لصاحبه وهو ابنه اثناء ترافقهما في سفر :- (من البحر البسيط )

لا ألفينَّك بعد الموت ِ تندبني – وفي حياتيَ ما زودتني زادي 0

ومن زاوية نظر هذا البيت الشعري نجد ان المسؤولين الليبيين في حكومتي الطرفين كانوا غائبين تماما عن كارثة درنة قبل وبعد وقوعها ، فقبل وقوعها اكدت حتى جهات خارجية ان حجم الكارثة كان يمكن ان يكون اقل بكثير لو كانت هناك تدابير استباقية واجراءات عاجلة والتي كانت موجودة بالفعل على شكل تحذيرات من دوائرالمناخ والأنواء الجوية المحلية والعالمية لم تهتم بها القطبية الثنائية الحاكمة في ليبيا ولم تعرها أدنى اهتمام 0

لذلك تم اتهام هذه القطبية بالتقصير وقد أتى ها الاتهام من قبل محاور عديدة :- (من منظمات عُرفت بجديتها وحرفيتها، من بينها منظمة الأرصاد الجوية العالمية، التابعة للأمم المتحدة. قال رئيس المنظمة بيتري تالاس إن غالبية القتلى في درنة كان يمكن تجنيبُها الموت. وأفاد تالاس أن سنوات الصراع الأهلي في ليبيا دمرت القسم الأكبر من شبكة الرصد الجوي، كما ضربت الأنظمة المعلوماتية في البلد، مما جعل الفوضى تسود

وهذا يؤكد عقم الأجراءات الحكومية المتمثلة بتصريح رئيس حكومة الغرب :- رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة الذي أكد ، استكمال المرحلة الأخيرة من إنشاء جسر مؤقت لربط شطري مدينة درنة (شرق) التي قسمتها الفيضانات إلى نصفين0

وكذلك بما ذكرت وسائل الأعلام عن حكومة شرق ليبيا:- أن هذه الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي، منحت، صفة “مكفول الدولة” لكل طفل ليبي فقد ذويه خلال الأعصار0

اعود لأقول ما من مسؤول ليبي في حكومتي الشرق والغرب إلاّ وهو يتحمل قسطا من مأساة مدينة درنة الساحلية وهي فاجعة لا يمكن وصفها وذلك لضخامة الخسائر في الأرواح ودمار البيوت ومختلف اشكال البنايات علاوة على ان عدد الضحايا التي خلفها اعصار دانيال يصل الى 20الفاً ما بين ميت ومفقود 0

ولم تسلم السلطات الليبية المزدوجة حتى من نقد ولوم اهالي درنة والذي تمثل بقولهم المقصِّر للحكومة:- (أصبح الدرناويون يعتقدون أن السلطات لم تأخذالأإنذار الذي مثله مرور العاصفة من اليونان وبلغاريا وتركيا على محمل الجد، ولم تتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمواجه الأعصار والمعتمدة في المدن الساحلية في كل ارجاء العالم الأخرى0) 0

وكان هناك أيضاً اتهام بالتقصير للسلطتين الليبيتين اتي من طريق التلميح لرئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا فرحات بن قدارة الذي قال :- ان عاصفة دانيال لم تُلحق أضرارا بالمنشآت النفطية الرئيسة في ليبيا ، وعزا بن قدارة ذلك إلى الإجراءات الاستباقية، التي اتخذتها المؤسسة، لدى الأعلان عن قرب وصول العاصفة إلى السواحل الليبية.)

وكان اقوى لوم بالتقصير للسلطات الليبية قد جاء على لسان (الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فقد حمل المسؤولية المعنوية لـ«القادة المحليين» الذين اعتبرهم عاجزين، مؤكدا أن ضحايا السيول في درنة، سقطوا نتيجة الصراع والفوضى المناخية، وهم «ضحايا القادة الذين خذلوهم في إيجاد سبيل للسلام») 0

اعود الى النائب الليبي الصور والى القضاء الليبي لنؤشر ونقيِّم اجراءآتهم بعد الكارثة بحق المقصرين ماذا تنفع هذه الأجرءات العقابية بحق المقصرين ،، الطفل الليبي الذي فقد امه واباه او فقدهما كليها وماذا تنفع المرأة التي ترملت بفقد زوجها وهي اليوم بلا معيل لها ولأطفالها وماذا تنفع الأم التي ثكلت بفلذة كبدها وماذا تنفع الاب الليبي الذي عندما شعر ابنه بالموت في درنة فخاطب اباه عن بعد وقبل الموت طالبا منه السماح وهو يصرخ بين حدي سيف سكرات الموت ( سامحني يبوي )0

وماذا تنفع هذه الأجراءات ما قرأته في وسائل الأعلام عن قرية ليبية عن مواطن ليبي قوله :- أن هناك في درنة قرية ساحلية صغيرة يقال لها (الوردية) يعيش اهلها على تقديم الخدمات والحاجات للسياح قد ابتلعها البحربالكامل مع اهلها البالغ عددهم (500) 0

أعود لأقول على لسان ضحايا اعصار دانيال في درنة على لسان الرجال والنساء والأطفال الذين ابتلعهم الموت :-

لا ألفينَّك بعد الموت تندبني — وفي حياتي ما وزدتني زادي

ماذا تنفع اجراءات السلطة الليبية الذين اصبح قاع البحر قبرهم والذين دفنتهم الأنقاض والذين زرع التباعد بينهم موج البحر والأطفال الذين تكفلت الدولة بهم بعد فقدانهم لذويهم ، ماذا وماذا ثم ماذا ؟؟ التي تحمل الكثير من الأجوبة المأساوية في جعبتها الدموع الغزيرة والآهات العميقة والشهقات المبرِّحة والأنات القاتلة للأب والأم والطفل والأخ والأخت والزوج والزوجة والحبيب والقريب والنسيب والصديق الوفي0

(( إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم ))