18 ديسمبر، 2024 5:03 م

لا أتذكر من طفولتي شيئا جميل

لا أتذكر من طفولتي شيئا جميل

منذ أن بدأت اكبر واميز بين الأشياء والاشخاص , والحقوق والواجبات بين المخبر السري و بين الوطني وبين الخائن , بين الحرية والتحرر بين النظافة وبين الوساخة بين التخلف وبين التحضر والتمدن بين الحرب وبين السلم بين حكم الدكتاتور وبين المظلوم بين الفقر وبين الجهل بين خوف ابي وأمي وأخوتي من المجهول والحاكم المجهول .
نعم .
هناك ولدت وهناك ترعرعت هناك بدأت طفولتي بين المزابل والفقر والتخلف بين حكم العشيرة وعرف العشيرة بين العادات والتقاليد الرجعية المتخلفة ،
بين فضلات المجاري التي تخرج من بيتنا وبيوت الجيران عبر فتحة صغير من كل بيت تخرج منها تلك الفضلات إلى الشارع .
نعم .
كنت اجلس في باب الدار على تلك الصخرة الجميلة التي وضعتها امي , واشاهد كل تلك القذارات و المقززات التي تمر من أمام بيتي وكل بيت في الحي ولا أشعر ولا اهتم لتلك الرائحة ولا يبالي لها جميع سكان أهل الحي لأننا لسنا من البشر .
أما دواب حجي علي فحدث ولا حرج فلم نعد نميز بين الروائح من شدة الفضلات التي تتركها هذه الدواب في الشارع , وأحيانا و نحن جالسون في البيت نأكل الطعام أو جالسون في غرفة الضيوف وبدون أحم ولا دستور وبدون سابقة إنذار تدخل علينا خرفان و ماعز حجي علي (رحمة الله ) الى داخل الدار .
نعم .
هذا حال طفولتي الجميلة التي بدأت في تلك الاحياء الفقيرة و المنسيه .
اما حال مدرستي المهترئه الرطبه .
على ما أذكر جميع شبابيكها مكسرة البلور وجميع مراوحها معطله ولا تعمل كي تقينا من حر الصيف القاسي ودرجات الحرارة المرتفعة .
اما في الشتاء لان شبابيك مدرستي كلها مكسرة البلور ، فلا تقينا من برد الشتاء القارص و اذا امطرت السماء يدخل الينا المطر من خلال الشبابيك المكسره .
أما مدرس الاسلامية كان يشرب الخمر ويأتي إلى المدرسة ومعه عصا سوداء من البلاستيك يضربنا بها بشده على ايدينا اذا كنا لا نحفظ الواجب الذي اعطانا اياه , وحتى مدرس اللغة العربية أستاذ عبدالامير كان يأتي إلى المدرسة ومعه الخمر في داخل حقيبته السوداء الصغيرة .
هذا هو حال التدريس في المناطق المنسية و المتخلفة عقليا و نفسيا .
نعم .
هذه طفولتي وهنا كبرت وهنا ترعرعت ، فنحن لسنا من أصناف البشر وما نحن بشر فالبشر لا يعشون بين المجاري و المستنقعات و القمامة و التخلف والنسيان .