23 ديسمبر، 2024 12:57 ص

لاينمو العقل إلا بالمطالعة والتفكير

لاينمو العقل إلا بالمطالعة والتفكير

لاتموت قلوب وأفكار الشعوب وهي تتخذ من المطالعة سبل المعرفة وكيف تتعامل في حياتها اليومية مع المعتقدات والافكار والتقاليد المتشعبة في المجتمعات بطرق واعية وحضارية دون التعرض الى خلق مشاكل تؤدي الى ازمات قيل خيرجليس في الزمان هو كتاب وسمعنا أن الكتب بساتين العلماء وسبقونا في الوصف أن مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق كان في السابق يقراء ويطالع , الثقافة مجموعة من القيم والمبادىء وكشف الحقائق ولاتولج الثقافة الا من خلال مطالعة الكتب والتفكر وهي تكشف لك غوامض وكنوز المعرفة فالجسد لاينمو الا بالاكل والرياضة كذلك العقل لاينمو الا بالمطالعة والتفكير , فالكتب نوافذ ترى من خلالها رياض الحاضر وأثار الماضي واحلام المستقبل وتستطيع التصدي لكل التحديات والظروف دون خوف او ضر وايجاد حلول تتناسب مع كل تحدي يواجهك من خلال التجارب والحكم التي اثمرت عليها من المطالعة واستنباط الافكار من العقل , فالمطالعة هي امتداد للعلم والمعرفة ومكملة لحالة البحث التي حصلت عليها من خلال دراستك وليس هنالك مرحلة زمنية من عمر الانسان يتوقف فيها البحث والاستنتاج العلمي يقول الامام علي عليه السلام ( الجاهل ميت وان كان حي) اما العلماء واصحاب العقول فهم احياء وان كانوا قد غادروا الدنيا فسيبقى علمهم نافع وحسناتهم لاتنقطع فالائمة المعصومين اكدوا على حقيقة العلم والعبودية فجامعاتهم كانت تضم مئات العلماء زمن الامام الباقر والصادق عليهما السلام ومتنوعة العلوم ولاتقتصر على جانب معين , اليوم العراق يحتضر وبعيداً عن المطالعة والثقافة وغاب عن البحث وشراء الكتب بعد ان فتح الله لنا فضاء الحرية الكامل والحصول على امهات الكتب بمختلف مواضيعها التي غيبت عن انظارنا ومنعت من التداول في عهد الفترة المظلمة الا ان المكاتب تفتقر الى عشاق ورواد الكتب وبقت المكاتب في شارع المتنبي الذي يعتبر رئة العراق الثقافية ونافذته البصيرة للعالم العربي فقيرة قاحلة وبعضا من المكاتب اغلقت واخرى تحولت الى بيع القرطاسية وفي الجانب الأخر ان تر يوميا عشرات العنواين للصحف المحلية تفترش الطرق والساحات الى جانبها قطعة صغيرة وضعت من قبل الباعة ترشد القراء الى شراء خمسة صحف بسعر 500 دينار مع ان اغلب الباعة هم من الكسبة الحاصلون على شهادة البكلوريوس الجامعية اللذين لم يحالفهم الحظ والمنسوبية ان يمارسوا اختصاصهم في التعين ولم يبقى من جيل القراء الا نفر قليل وقد استفسرت عن تلك الحالة لدى صديق يعمل في مكتبة كبيرة وسط شارع المتنبي هو السيد (ابو امل ) عن عزوف الناس وشراء الكتب والمطالعة في الوقت الحاضر قال. ( اليوم انا في المكتب ابيع فقط كتاب الله(القرآن الكريم) ومفاتيح الجنان وقليل جدا من بعض الكتب التي تحافظ على قيمتها مثل كتب علي شريعتي وعلي الوردي حتى اضطر بعض اصحاب المكاتب الى غلق مكاتبهم والبحث عن قوتهم اليومي في مكان اخر يتناسب مع معطيات الوضع اليومي ,وحينما سألته عن سبب عزوف الناس عن المطالعة اجاب ان هنالك عدة عوامل منها تدخل رجال الدين بالسياسة ابعد الناس ان شراء الكتب الدينية ووجود منظومة الانترنيت والكتب الالكترونية وكذلك تنوع مصادر الثقافة والمطالعة ) وشاركه الراي الاستاذ فلاح ربيع زميلي في العمل وصاحب مكتب ومخزن لبيع الكتب القديمة والحديثه في شارع المتنبي ,رغم كل ماطراء من مستجدات على الثقافة والفكر وتنوع حصول الفرد على المعلومة من مواقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) وعن ارسال الرسائل التي تحمل عناوين وفديوات ثقافية عن طريق برنامج الواتساب والفايبر وكثرة الصحف والمواقع والشبكات الالكترونية الا ان الكتاب يبقى ذو قيمة عالية تتحكم فيه وتستطيع ان تحمله اينما تحل مع انه لايسبب الضرر بشكل مباشر للبصر كونه لايبث اشعاع كالحاسبة واجهزة الموبايل اثناء القراءة , وبما ان القراءة تحتاج الى اذهان صافية واجواء خاصة تشجع على المطالعة والبحث أن هذا لايقتصر عزوف الناس عن المطالعة والابتعاد عن شراء الكتب فقط على الاسباب المنوه عنها اعلاه في هذا المقال بل تضاف عوامل اخرى منها التحديات الامنية التي عصفت بالبلاد وشتت مفهوم التعايش السلمي للمواطنين والحروب المستمرة والنزوح مع تدهور الحالة الاقتصادية لكثير من شرائح المجتمع وانتشار البطالة بكثرة رغم ان اغلبهم من المثقفين وحملة الشهادات الجامعية والماجستير وقلة اقامة معارض الكتب المحلية والعربية المعروضه في العاصمة والمحافظات الآمنة والسياحية التي تستقطب الزوار من الخارج وقد ساهمت الدولة ايضا في تدهور الحالة الثقافية وخلقت فجوة كبيرة حينما لم تمد يد العون للمؤسسات الثقافية ودعم معارض الكتاب والمنتديات الادبية والثقافية ورعاية الكتاب والموهبين والاهتمام بخريجي الجامعات وفتح مجال لتعينهم لتحث الشعب على المثابرة بالعلم ومنع تعين اصحاب واقارب المسؤولين وتقليل حصة التعينات للاحزاب الحاكمة كخطوة اولى لدرء الخطر عن العلم والفكر والثقافة من الاهمال والضياع.