في إنتظار تحديد الموقف النهائي للرئيس الامريکي من الاتفاق النووي و أثاره و يثيره ذلك من جدل و لغط و تأثيرات متباينة خصوصا على إيران حيث يعيش نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية أياما عصيبة و يقف على مفترق خطير و حساس جدا قد يغير من مسار و سياق الکثير من الامور على صعيد الاوضاع في إيران.
الاتفاق النووي الذي أبرمته دول مجموعة 5+1، والذي کانت عملية مقايضة قامت بموجبه إيران بعملية إيقاف”إفتراضي”، لبرنامجها النووي، وفي مقابل ذلك، رفع حصار کان محکما عليها کان يشمل الجانب النفطي أيضا، الى جانب قيام الرئيس السابق أوباما بإرسال طائرة أمريکية محملة بأکثر من مليار دولار، بالاضافة الى تجاهل غربي للدور الايراني”السافر”في المنطقة والذي وصل الى اليمن و بدأ يرشق السعودية من هناك بصواريخه محلية الصنع و يتفاخر بذلك، والذي يجب أن نضعه هنا أمامنا إن طهران التي حصلت على هذه المکتسبات، فإنها و بإعتراف وزارة الداخلية لمقاطعة شمال الراين”نورد راين وستفالن”، قامت ب32 محاولة من أجل شراء أجهزة و معدات يمکن إستخدامها في البرنامج النووي وذلك بعد إبرام الاتفاق النووي!
ليست هي المرة الاولى التي يحصل فيها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على مکاسب و إمتيازات في مقابل تنازلات محددة، بل وإنه وخلال عهد الرئيس الاسبق بيل کلينتون، أيام کان محمد خاتمي رئيسا لإيران، تمت صفقة سياسية کان الهدف منها”إعادة تأهيل”إيران و إنفتاحها على العالم و تخليها عن تشدددها وسيرها في طريق الاعتدال، فتم إدراج منظمة مجاهدي خلق التي هي أقوى فصيل إيراني معارض لايکف عن مواصلة نشاطاته و تحرکاته ضد النظام السياسي في إيران، ضمن قائمة المنظمات الارهابية، لکن الذي جرى بعد ذلك هو إن إيران و عوضا عن وعودها”المخملية”تلك جاءت بالمتشدد و المتطرف أحمدي نجاد الى الحکم، أي کانت صفقة دونما مقابل لصالح إيران!
الصفقة السابقة التي کانت لصالح طهران100%، کانت إدارة کلينتون تعلق آمالا واهية على ما يسمى بالجناح الاعتدالي في النظام الحاکم في إيران، لکن لم يتحقق شئ من ذلك وانما أثبت النظام الايراني قدرته و قوته أمام الشعب الايراني ومن إنه قد صار أمرا واقعا، إذ يتم إعتبار منظمة مجاهدي خلق إرهابية في حين إنه کانت هناك الکثير من التقارير الاستخبارية في ذلك الوقت تٶکد تورط هذا النظام في عمليات إرهابية و دعم و مساندة الارهابيين، غير إن هناك ملاحظة مهمة أخرى يجب أن نأخذها بنظر الاعتبار، وهي إن المشروع النووي الايراني قد کان في أوجه في عهد خاتمي وکان العمل فيه جار على قدم و ساق.
الاتفاق النووي الذي تم عقده في عام 2015، لم يکن بالمستوى المطلوب الذي يضمن کبح جماح طموحات النظام الايراني، خصوصا وإنه يحتوي على العديد من الثغرات و العيوب التي تتيح لطهران إستغلالها لصالحها خصوصا وإن بلدان المنطقة لم تشعر بالراحة و الطمأنينة تجاهه بعد أن نجم عن توسيع التدخلات الايرانية و تفعيل و تنشيط الاحزاب و الميليشيات التابعة لها في بلدان المنطقة، رغم إنه من الصعب جدا أن يلتزم هذا النظام بإتفاق لايصب في مصلحته ولذلك فإن تعديل الاتفاق و جعله أکثر صرامة بما يضمن عدم تمکن طهران من إنتهاکه و خرقه مسألة أکثر من ضرورية.