19 ديسمبر، 2024 12:26 ص

لاوقت مستقطع ..العالم بين صراع الأقطاب والحرب العالمية الثالثة ؟؟

لاوقت مستقطع ..العالم بين صراع الأقطاب والحرب العالمية الثالثة ؟؟

مع عودة أجتماعات برلين  لدول ما يسمى “برباعية النورماندي “,,من غير الواضح للأن ان كانت الخطة التي أرست معالمها وثيقة التفاهم بين الالمان والروس والفرنسيين والاوكرانيين مؤخرآ”بمؤتمر مينسك –رباعية النورماندي “,ان كانت ستنجح بايجاد حلول مقبولة بخصوص وقف القتال والمعارك والسير بوثيقة سلام بين الحكومة الاوكرانية والمعارضين لها باقليمي دونيتسك ولوغانسك شرقي اوكرانيا , ولكن هنا لايمكن لأي متابع أن ينكر مدى وحجم الخلاف الدائر حول اوكرانيا ,وخصوصآ بين واشنطن وموسكو فبعض المتابعين يقرأون أنه بهذه المرحلة  تحديدآ فان كلا الدولتين الروسية والامريكية تعيشان الان بحالة حرب سياسية ساخنة جدآ قد تتطور مستقبلآ لصدام عسكري غير مباشر،، وعلى الاغلب سيكون مسرح هذا التصادم العسكري هي ألاراضي الشرق أوكرانية ألانفصالية وتحديدآ من مدينتي دونيتسك ولوغانسك،وما يعزز هذا الطرح مادار من حجم خلاف على هامش قمة العشرين  بالعام الماضي  ,فبعد قمة ساخنة جدآ عاشتها مدينة بريزبين الأسترالية، بدأ واضحآ مدى أتساع رقعة الخلاف بين موسكو من جهة،، وواشنطن وحلفائها الغرب أوروبيين من جهة أخرى حول الملف الاوكراني تحديدآ،، وقد بلغت ذروة هذه الخلافات المتصاعدة،، حينما صدق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  بأواخر كانون الأول من العام الماضي على الصيغة الجديدة للعقيدة العسكرية الروسية والتي تعتبر حشد القدرات العسكرية للناتو من أهم الأخطار الخارجيةالتي تواجه روسيا،، مع أن قيادة حلف الناتو بعثت رسالة فورية لموسكو  قالت فيها ان موسكو ليست هدفآ مستقبلي للحلف.
 
 
بهذه المرحلة ,,يبدو ان أقطاب هذا العالم الكبرى اصبحت غير معنية بالحديث عن التسويات السياسية فيما بينها,لأنها قد اثبتت فشلها كما يتحدثون بأكثر من ساحة صراع أقليمي او دولي بين هذه القوى المتصارعة ,وما يؤكد فرضية أن ميزات التسويات الدولي قد بدأ يصيبه بعض الانتكاسات مؤخرآ ,,هو حجم المناورات العسكرية باكثر من ساحة أشتباك دولي وأقليمي,,مناورات روسية  ,,مناورات امريكية,,وهذه المناورات العسكرية تأتي بوقت متزامن والهدف هو تبادل رسئل القوة ,,فأن حضر ألامريكان فالروس جاهزين ,وان حضر الروس فالأمريكان كذلك جاهزين ,,فالروس أعلنو عن مناورات عسكرية كبرى ستمتد لقرابة الشهر و ستشمل المنطقتين الاتحاديتين الشمالية والجنوبية من القوقاز وقواعد الجيش الروسي في أرمينيا ومنطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية المنفصلتين عن جورجيا وشبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها روسيا العام الماضي ,,وستشمل المناورات على  تدريبات عسكرية واسعة النطاق مضادة للطائرات في جنوب روسيا يشارك فيها أكثر من 2000 جندي و500 قطعة سلاح,,وعلى الجانب الأخر فقد بدأت الولايات المتحدة ألامريكية مناورات عسكرية ضخمة بالشراكة مع الكوريين الجنوبيين واستراليا وكندا والدنمارك وفرنسا وبريطانيا,, والهدف من هذه  المناورات هوتحسين القدرات العسكرية للعمليات القتالية للقوات المشتركة لردع التهديدات القادمة من بيونغ يانغ  وتستهدف سيؤول.
 
 
 
فهذه المناورات تعكس ,,حجم التصعيد بين ألاقطاب الدولية ,,وان كانت ملفات هذا التصعيد تختمر ببطئ ومن خلف الكواليس ,,لتفرز حسب مفاعيلها المتوقعة أنفجارآ دوليآ قد ينتج صدام أممي عسكري ,, ومن هنا نقرأ أن جميع المؤشرات  التي أفرزتها مفاعيل وتأثيرات ورسائل هذه المناورات العسكرية للأقطاب الدولية المتصارعة,,تؤكد بأن  منظومة السلم ألاممي  بهذه المرحلة تحديدآ,, وأكثر من أي وقت مضى اصبحت بشكل اكثر واقعية تحت مرمى الصدام العسكري ألاممي , فاليوم الناظر لمحور الصراع الشرقي الغربي ,,او تحديدآ صراع موسكو واشنطن ,,سيلاحظ أن  الروس بأتو بين مطرقة الدرع الصاروخية الامريكية التي باتت بحكم الواقع قريبة من الحدود الروسية، وتشكل خطر محدق بأمن المنظومة العسكرية الروسية،، وخطر خسارة اوكرانيا لصالح الغرب ، واحتمال فقدها لكثير من مناطق نفوذها بالشرق الاقصى والشرق الاوروبي وبالشرق العربي، وسندان تقويض جهودها التوسعيه والوصول الى مناطق ومراكز نفوذ جديده والاستغناء عن مراكز نفوذها القديمة لصالح القطب ألاوحد الامريكي والانكفاء على نفسها،،وليس بعيدآ عن كل ذلك الملف السوري وغيره من الملفات وخصوصآ الثروات الطبيعية وملفات حقول الطاقة بالدول التي تتحالف مع الروس “الثروات الطبيعية  الايرانية- كمثال ” ،،ومن جهة اخرى يدرك الروس حجم المؤامرة ألامريكية –الخليجية ,,والتي أفرزت ما يسمى  “بحرب النفط “,,والتي تستهدف اركاع القوة الروسية ,,والحد من تصاعد النفوذ الايراني بالاقليم العربي ,,ومن جهة أخرى فأن دوائرصنع القرار الامريكي بواشنطن بدأت تشعر بقلق متصاعد من التمدد الروسي وتوسع تحالفات الروس مع قوى ودول الشرق العربي والشمال الشرقي الافريقي واجزاء من الشمال الغربي الاوروبي  .
 
التاريخ الحديث يدلل على أن هناك ساحات اشتباك دولي كثيرة بين موسكو وواشنطن ,,وكادت ساحات ألاشتباك الدولي أن تؤدي الى اشعال فتيل حرب عالمية ثالثة ,, فبقراءة موضوعية للتاريخ الحديث ,,نقرأ انه بمطلع شهر أب من عام 2008 قامت  القوات الجورجية “وبدعم أمريكي مبطن لاستفزاز الروس ومعرفة ردة فعلهم” بهجوم عسكري من  جورجيا على مقاطعتي أبخازيا وجنوب أوسيتيا  المواليتين للروس ، وبعدها قامت القوات الروسية  بهجوم مضاد سريع وعنيف على  جورجيا لتحسم المعركة بوقت قصير جدآ”بضع عشرات من الساعات “،، ويعلم جميع  المتابعين لخفايا ماوراء الكواليس ان الروس لم يقرروا الولوج بمعركة جورجيا الا لايصال رسائلهم للغرب وامريكا،”ومضمون هذه الرسائل ان روسيا موجودة وسترد على كل من يهدد أمنها ونفوذها الاقليمي والدولي “،، وحينها وصلت الرسالة وبدأت هذه الدول وخصوصآ امريكا باعادة دراسة لسياستها الخارجية اتجاه روسيا بعد حرب جورجيا،، بعدما وصلتهم الرسالة الروسية شديدة اللهجة والانذار الاخير لهذه الدول بأن روسيا سترد على كل من يهدد امنها ومراكز نفوذها،،، فمنذ تلك الواقعة نرى الموقف الغربي في تشدد احيانآ اتجاه روسيا ببعض قضايا دولية وبتوافق باحيان اخرى وبخلاف سياسي ببعض حالات ,مع العلم أن هناك مجموعة من الخلافات حصلت بعد حرب جورجيا خلافات دبلوماسية احيانآ واقتصادية احيانآ اخرى وامنية ببعض احيان وتشابك وتعقيدات ببعض الملفات مثل ملف ايران النووي وكوريا الشماليه وافغانستان وغيرها من الملفات .
 
في مطلع عام 2011 ,,أنطلق ما يسمى “الربيع العربي” وبدأت هنا مرحلة جد يده فمراكز النفوذ بدأت بالتحول ومراكز القوى تغيرت ، وهنا  قرر الغرب  انه يجب اعادة تقسيم الكعكة العربية، ومن هنا أنطلقت أولى هذه الخلافات حول الربيع العربي وتوزيع مراكز القوى فيه ,, بين الغرب وروسيا ,وأولى هذه الخلافات كانت في ليبيا وعندها طعنت دول الغرب روسيا بالظهر في ملف ليبيا وحينها خسر الدب الروسي مركز نفوذ في المغرب العربي وشمال افريقيا كان يشكل عامل امان للروس وقوه في هذه القاره ومعبر أمان للدولة الروسية للاتساع والولوج اكثر بعلاقاتها مع باقي دول المغرب العربي وشمال افريقيا وشرقها فبعد ان ادرك الروس انهم طعنو من دول الغرب ادركو ان هناك مؤامره كبرى تستهدف مراكز نفوذهم بالمنطقة العربية,, وعندما أتسع نطاق هذا الربيع العربي ووصل الى سوريا برزت الى الاحداث “الورقة  السورية” وهنا استمات الروس بالدفاع السياسي والامداد اللوجستي العسكري والاقتصادي  للدولة العربية السورية وجيشها العربي،، ومن مبدأ انها اذا خسرت سوريا فأنها ستخسر نفوذها وقاعدتها الاخيره وحلفها الاخير مع دول المشرق العربي، فهي بسوريا تسير بخط ونهج مستقيم غير قابل للتشكيك لانها تدافع عن نفسها اليوم من سوريا فاذا سقطت سوريا فالروس يدركون ان الهدف القادم للغرب ولو تدريجيآ سيكون روسيا ولذلك هم اليوم يستميتون بسوريا.
 
اليوم لايمكن أنكار ان ساحات ألاشتباك الدولي والاقليمي بين موسكو وواشنطن قد تمددت بشكل واسع فليس أولها أوكرانيا ولا اخرها سورية ,,فاليوم لايمكن لأي متابع ان ينكر حقيقة ان الروس يواجهون مشروعآ غربيآ الهدف منه تقويض الجهود الروسية في الوصول الى مراكز قوى جديده ومناطق نفوذ أوسع ,مع محاولات غربية- أمريكية لتفجير الداخل الروسي ,وما يدلل على ذلك هو حجم الدعم الامريكي –الغربي والعلني للأحتجاجات التي أنطلقت بموسكو مؤخرآ للتنديد بقضية اغتيال المعارض الروسي” بوريس نيمتسوف”,وهذا ماردت عليه حنكة القيادة الروسية بالافراج عن المعارض الروسي “أليكسي نافالني “كرسالة حسن نية للمعارضة الروسية التي يحاول الغرب أستقطابها ,,ومن هنا يبدو أن مفاعيل ومسارح ألاشتباك الدولي بين موسكو وواشنطن قد وصل الى درجة الخطوط الحمراء ,,والتي لايمكن ان يصمت عليها الروس تحديدآ .
 
ختامآ ,,أعتقد أنه لايمكن للروس بأي حال من الاحوال ان يصمتو طويلآ على أستفزازت واشنطن وحلفائها لموسكو ,,واعتقد ان “موسكو بوتين ” لن  ترضخ امام كل هذه الضغوط، التي تفرضها عليها واشنطن وحلفائها اقتصاديآ وامنيآ وسياسيآ،، واعتقد أن الدب الروسي سيكشر عن انيابه من جديد ليعيد الكره الى الملعب الاول عن طريق الولوج  بساحة أشتباك أمني  وعسكري  وسياسي  مع واشنطن وحلفائها ,,ومن غير المستبعد أن تكون بداية هذا الاشتباك  من دونيتسك ولوغانسك شرقي اوكرانيا رغم  وجود أتفاق مينسك الهش ورغم اتفاق “قادة رباعية النورماندي ” ،ولكن لايمكن للروس ان يصمتوا طويلآ وهم يشاهدو قلاعهم تنهار أمامهم وهم لايحركون ساكنآ ، والهدف من هذا  العمل العسكري المتوقع وبقوة  “هو ايصال  رسائل  موسكو مجددآ للغرب وحلفائه  بأن الروس موجودين ولن يتنازلو عن مناطق نفوذهم وسيستمرو بالتوسع بكل الاتجاهات، وان روسيا هي من تملك لوحدها مفاتيح ضبط واعادة تريبب اوراقها من جديد وخصوصآ بالداخل الروسي الذي بدأت ملامح رياح الغرب وفتنهم  السامة تحرك بعض من فيه ,,ولكن أن أقدمت  موسكو على عمل عسكري وبعملية دفاعية بحتة للدفاع عن مصالحها بشرق اوكرانيا ,,فهل ستصمت واشنطن وحلفائها بالغرب ,, وخصوصآ أن هناك تأكيدات من قبل قادة ما يسمى “بحلف الناتو ‘على عدم السماح لروسيا باحتلال أي جزء من اوكرانيا وفق تعبيرهم،، وهذا ما اكده آولاند وكاميرون،، واكد عليه باراك اوباما فقد قدم الرئيس الامريكي ضمانات للرئيس الاوكراني بيترو بوروشينكوعلى ان الغرب لن يسمح للروس باستباحة ارض اوكرانيا على حسب تعبيره ولو كان الثمن لذلك هو الدخول بحرب مفتوحة وشاملة مع الروس,,وهذا ما يعني ان حجم الصراع الشرقي الغربي على ألارض ألاوكرانية قد وصل الى مستوى التصعيد العسكري ألاممي ,,فهل نحن امام حرب عالمية أممية ثالثة ,,وهنا سنترك كل هذه التكهنات والتساؤلات للقادم من الايام لتجيبنا عليها وتعطينا صورة أوضح لملامح وشكل موازين القوى بالعالم الجديد التي يتم صنع موازين القوى ومراكز النفوذ فيه من جديد .

[email protected]