19 ديسمبر، 2024 12:56 ص

لاهالي الموصل .. لا يسبقنّ السيف عذلكم

لاهالي الموصل .. لا يسبقنّ السيف عذلكم

منذ ان اعلن رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة الدكتور حيدر العبادي عن بيان النصر في مدينة الموصل بعد القضاء على التنظيمات الإرهابية فيها، حتى تعالت الاصوات من هنا وهناك في سباقٍ محموم لركوب موجة الانتصارات وتسجيل موقف يحفظ للمتورطين والمتخاذلين ماء الوجه، وهذا انما يؤشر على احتمالية رجوعنا الى المربع الاول ان تمكن هؤلاء من اختطاف المشهد من جديد خصوصا مع وجود نوايا مبيتة لاقصاء القوى الناشئة والعشائر التي شاركت في تحرير المدن .

وازاء هذا المشهد فان التحالف الوطني معنيٌ دون غيره بضرورة دعم القوى السنية التي شاركت بشكل فاعل في الحرب ضد داعش واعتبارها الممثل الحقيقي للمحافظات الغربية وعدم السماح للشخصيات التي اسهمت في تأزيم المشهد السياسي عبر دعمها للتطرف بان تعود من جديد على الرغم من كونها تسببت بدمار المناطق الغربية ولم يجنِ منها ابناء السنة سوى الويلات والدمار .

والمرجعية الدينية في النجف الاشرف كان لها رأيها في الموضوع تحديدا عبر ما صدر عن المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي في بيان حذّر فيه من وجود المؤامرات والمداهنات والصفقات السياسية التي تحاك لخطف ثمار انتصارات الشعب العراقي لترتيب اوراق مرحلة ما بعد داعش على حساب دماء الشهداء وجهود المقاتلين وتضحيات المضحين، ودعا من خلاله الى ضرورة الالتفات والحضور الفعال في الميدان بوعي وبصيرة لقطع الطريق على الانتهازيين والمداهنين والمجاملين- بصفقة هنا او اتفاق هناك – وعدم السماح لهم بإعادة العجلة الى الوراء.. والتسلق على هذا المنجز الكبير والنصر العظيم الذي ما كان ليحصل لولا دماء الشهداء وتضحيات المقاتلين بمختلف صنوفهم ومواقفهم ومعاناة عوائلهم .

ورأى المرجع اليعقوبي انه ” ليس من الانصاف ان يقطف ثمرة هذا النصر من لم يكن لهم المشاركة في هذه المواجهة، فالمسألة لا تخضع للمجاملات والمداهنات .. ولا بد ان نكون اوفياء لهؤلاء الشهداء ولتضحياتهم فالشهداء هم احق من تزف له بشرى النصر ولعوائلهم ولكل من شارك في هذا القتال وقدم التضحيات ” .

ويبدو ان هذه الشخصيات الانتهازية تسعى بقوة لاختطاف المشهد من جديد في مرحلة ما بعد داعش حيث برز ذلك جليا في الكثير من مواقفها ودعمها للمؤتمرات المزمع عقدها داخل وخارج العراق بذريعة دعم المناطق المحررة وايجاد قيادة سنية موحدة، فهي تحاول التشبث في اماكنها وعدم السماح للقوى الناشئة والعشائر السنية التي قاتلت داعش وصمدت بوجه التنظيمات الارهابية ان تعتلي صدارة المشهد السني لان ذلك يعرّضها للاحراج بعد ان اتخذت موقف المتفرج مما حصل لابناء المحافظات الغربية بل ان بعضها استقر خارج العراق في فنادق عمّان وقطر والامارات تاركا الاهالي يواجهون مصيرهم المحتوم .

والمتابع للواقع العراقي في عراق ما بعد 2003 يشخّص ببساطة المعاناة التي عاشها ابناء المناطق الغربية بسبب تخبط ممثليهم الذين امتنعوا في البداية عن المشاركة في الدولة العراقية الجديدة ثم عادوا ليشاركوا بعد سنوات ليدعوا التهميش لمناطقهم التي همشوها بانفسهم ، والحقيقة انهم اتخذوا هذه الشعارات للحصول على مكاسب شخصية وهو ما حصل فعلا فقد لاحظ الاهالي طبيعة الثراء الفاحش الذي حصل عليه ” ممثلوهم ” بين ليلة وضحاها ! .

وبعد سنوات الحرب والقتل والدمار التي تعرض لها ابناء المحافظات الغربية ارى من اللازم عليهم ان يتعضوا من تجاربهم السالفة وان يحددوا بوصلتهم بشكل دقيق فاما ان يكونوا مع العراق او ضده، وعليهم ان يعملوا بجد على اقصاء وابعاد الشخصيات التي تسببت بدمار مدنهم وكانت عاملا اساسيا في تأجيج الطائفية وحرمانهم من حقوقهم ، وان يتجهوا نحو بناء بلدانهم والاعتماد على انفسهم في افراز شخصيات تمثل واقعهم بشكل حقيقي واسهمت في الوقوف الى جانبهم في تحرير اراضيهم دون النظر الى الطائفة او القومية .

وبالمقابل فان وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة والالكترونية فضلا عن مواقع التواصل الاجتماعي مطالبة في التركيز على هذه القوى ودعمها بقوة لتتمكن من اعتلاء منصة المشهد السياسي السني في العراق وتكون خير من يمثل ابناء تلك المناطق تمثينا لتضحايتهم وتقديرا لجهادهم في الدفاع عن مناطقهم طوال الفترة الماضية .

ان الدماء الطاهرة التي اريقت على ثرى المناطق الغربية من ابطال القوات الامنية والجيش العراقي والحشد الشعبي وابناء العشائر الغيارى، كفيلة باحياء واستنهاض الاهالي هناك للعمل على الوفاء لها وتقديرها بشكل يليق بها عبر مواصلة الدرب التي سالت من اجله في الحفاظ على وحدة العراق وسلامة شعبه قبل ان يسبق السيف العذل !.