18 ديسمبر، 2024 5:20 م

لافروف يفضح ويعري انتهاكات وجرائم أمريكا خلال رئاسته للمجلس الأمن حلقة (1)

لافروف يفضح ويعري انتهاكات وجرائم أمريكا خلال رئاسته للمجلس الأمن حلقة (1)

عقد مجلس الأمن الدولي، يوم 14 نيسان /أبريل 2023 جلسة كانت من أفضل الجلسات في تاريخ هذه المنظمة، التي ترأسها دولة الروسية الاتحادية ، وفتح جلسة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لمجلس الأمن الدولي لمدة شهر – مناقشة مفتوحة حول موضوع حماية مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، تحت بند “السلم والأمن الدوليان: فاعلية السياسة متعددة الأطراف وأحترام ميثاق الأمم المتحدة”. وأنتهت تلك الجلسة دون إصدار أي بيان، إلا أنها كانت جلسة مكاشفة بالحقائق ومرافعات قانونية بين القوتين الأساسيتين روسيا الاتحادية والويلات المتحدة الأمريكية. وقد سرد لافروف جرائم الويلات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي كله من أيام هيروشيما وناغازاكي ولغاية اليوم، والويلات المتحدة الأمريكية تهرب من كل ماضيها وتتحدث عن عملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فعلاً ينطبق هذا المثل العربي ” إذا لم تستحي، فأفعل ما شئت”. ولا يعترفون حتى أنهم يكذبون أكثر مما يتنفسون أننا أمام فاجعة تختزل كل مآسي شعوب العالم نتيجة تسلط أنظمة مثل الإمبريالية الأمريكية وذيولها من المعسكر الغربي كله يجاهرون بالديمقراطية والحرية وهم يكذبون حالها حال مثيلاتها من النازية وغيرها. الإمبريالية الأمريكية وذيولها من المعسكر الغربي كله التي بسطت سطوتها على أطراف الأرض لنهب ثروات تلك الدول وإبقاء شعوبها متخلفة، هكذا فعلوا حين أحتلوا العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل المزعومة، فرية معجونة بالأكاذيب والتضليل والسقوط الأخلاقي، ستبقى جريمة غزو العراق عاراً أبدياً في جبين مجلس الأمن والأمم المتحدة والتي لا تموت بالتقادم. وكان وزير الخارجية الروسي ماهراً في فضح وتعرية انتهاكات وجرائم نظام الويلات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي كله، ودفاعه عن الميثاق الذي يحتوى على لغة واضحة، تمنع استخدام القوة أو التهديد بإستخدامها، كاشفاً حجم هائل من الجرائم والانتهاكات الويلات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي كله، حيث سرد لافروف العديد من المغامرات الإجرامية التي قامت بها الويلات المتحدة على مدى العقود الماضية، في إنتهاك أرعن للميثاق، سواء في صربيا أو العراق أو ليبيا أو فيتنام أو كوبا أو الصومال أو أفغانستان وغيرهما هو أنتهاك واضح للميثاق. وحث الحاضرين على التخلي عن المعايير المزدوجة، داعياً إلى أحترام إعلان 1970 بشأن مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول. تنبثق الديمقراطية من ميثاق الأمم المتحدة، وتعكس كلماته الأولى المصدر الأساسي للسلطة الشرعية، بل ما إذا كانت العلاقات الدولية ستتشكل بالإجماع الذي يوازن المصالح، أم بالتقدم العدواني والمتقلب لهيمنة واشنطن”. وقائلاً: أن “من يختلفون في الرأي يتم وضعهم في القائمة السوداء حسب المبدأ: كل من ليس معنا فهو ضدنا”. ونوه لافروف ” الأمر لا يتعلق بأوكرانيا بمعزل عن السياق الجيوسياسي لها، وشدد إلى أن “نظام كييف النازي لا يمكن أن ينظر إليه على أنه يمثل سكان المناطق الذين رفضوا قبول نتائج إنقلاب 2014 في كييف”. وأعلن أن الاتحاد الروسي يسعى لتحقيق القضاء على التهديدات للأمن الداخلي التي أنشأها لسنوات ممثلو منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) على طول حدود موسكو، وحماية الناس من أعمال نظام كييف النازي. ودعا الحاضرين إلى أحترام مبادئ الميثاق، وتسهيل التعددية الحقيقية على الساحة الدولية، والإسراع بإصلاح مجلس الأمن لتعزيز تمثيل دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وأعلن لافروف نهاية تلك المرحلة القائمة على هيمنة المليار الذهبي. وتساءل “من الذي سمح للأقلية الغربية بالتحدث نيابة عن البشرية جمعاء؟” .
حيث أشار لافروف بشكل واضح عن نفاق ودجل وجرائم الدول الغربية، وعلى رأسها الويلات المتحدة، التي عملت على إستبدال القانون الدولي بقوانينها هي، وحاولت أن تفرض على العالم لغتها ومفاهيمها وقوانينها ورؤيتها وما خالف ذلك فهو إنتهاك للقانون الدولي “وآن الأوان لهذه المرحلة أن تنتهي وإلى الأبد”.
قدم لافروف تاريخاً لتأسيس المنظمة الدولية التي كان من المفروض أن تكون مركزاً لنظام عالمي جديد يحكمه القانون العادل، إلا أن هذا النظام ظل يعاني من أزمة عميقة. والسبب الجذري لذلك هو رغبة بعض الدول الأعضاء في إستبدال القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بـ”نظام قائم على القواعد والقوانين” التي تسنها هي. قائلاً “إن تلك القواعد صيغت وطُبقت لمواجهة العملية الطبيعية لإنشاء مراكز تنمية جديدة ومستقلة بعيداً عن الهيمنة الغربية. لكن الغرب ظل يحاول ردع مثل هذه التشكيلات الجديدة عن طريق إجراءات أحادية غير مشروعة، بما في ذلك منع الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة والخدمات المالية، ومصادرة الممتلكات، وتدمير البنية التحتية الحيوية للمنافسين. “إن صندوق النقد الدولي الذي تتحكم فيه الويلات المتحدة تحول الآن إلى أداة لتحقيق أهداف الويلات المتحدة وحلفائها – بما في ذلك الأهداف ذات الطبيعة العسكرية”. لقد وجد الغرب أنه من غير الملائم التوصل إلى اتفاقات ذات صيغة عالمية تخدم الجميع، فقام بإنشاء تجمعات ونواد اقتصادية، يتم اختيار أعضائها بطريقة مصممة لتقويض التعددية (مثل مجموعة الدول السبع) من أجل فرض مفاهيم انقسامية وحصرية وفوقية، بدل التوصل إلى صيغ توافقية تخدم الجميع.
علماً أن الأمم المتحدة، التي تم إنشاؤها لمنع أهوال الحروب، أصوات القوى المسؤولة والعقلانية تدعو إلى إظهار الحكمة السياسية، لإحياء ثقافة حوار تطغى على أولئك الذين أتخذوا مساراً لتقويض المبادئ الأساسية للاتصال بين الدول.
المليار الذهبي
ركز لافروف حول مصطلح “المليار الذهبي”، قائلاً ” إن هذا المصطلح متداول لدى قيادات حلف الناتو منذ عام 1990 بعد إنهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي، والمقصود بالمليار الذهبي هو مجموع سكان دول أوروبا الغربية والويلات المتحدة، إضافة إلى حلفائها الأساسيين مثل كندا واليابان وأستراليا والكيان الصهيوني. هؤلاء هم من يستحقون الحماية والثروة والصحة والمصادر الطبيعية والتكنولوجيا والرفاهية. أما بقية سكان العالم فلهم الفتات والهامش والكَبد واللهاث، واللجوء والهجرة، والحروب والأوبئة والسعي وراء لقمة العيش. لقد انتشرت نظرية المليار الذهبي في روسيا بعد أن صاغها الكاتب الروسي أناتولي تشيكونوف عام 1990 في كتاب تحت عنوان: “مؤامرة الحكومة العالمية: روسيا والمليار الذهبي”. ثم أصبح منهجاً ثابتاً في الصحافة الروسية لتوعية شعوب العالم، وقد أكد الكاتب الروسي سيرغي كارا- ميرزا، أن المليار الذهبي يستحوذ على نصيب الأسد من المصادر الطبيعية في العالم، ولو اقتطع نصف حصة المليار الذهبي فقط ووزعت على بقية العالم، ما بقي فيه جائع أو مريض، وأكد أن نظرية نقص المصادر الطبيعية ونشر الرعب من تآكل المواد الأولية ليس صحيحاً على الإطلاق، والهدف منه نشر روح اليأس لدى بقية سكان الأرض، كي ينعم المليار الذهبي بخيرات الكرة الأرضية. فبينما تقوم حكومات المليار الذهبي بتوفير كل احتياجات سكانها ليعيشوا في بحبوحة، يعملون على إبقاء الدول النامية متخلفة وغير قادرة على التصنيع، لتسهيل شفط المواد الأولية من تلك الدول. فنظرية إستغلال شعوب الدول النامية متأصلة في فكر وعقلية الدول الإستعمارية، التي بسطت سطوتها على أطراف الأرض لنهب ثروات تلك الدول وإبقاء شعوبها متخلفة، بينما ترفع من مستوى معيشة شعوبها بشكل شبه شامل. ولكي نعرف ما قامت به حكومات المليار الذهبي، يمكننا مراجعة القليل من الجرائم التي ارتكبتها بحق شعوب المناطق المستعمرة قبل الأستقلال، واستغلال مصادر الدول النامية بعد الأستقلال والتدخل في حكوماتها، والإطاحة بكل من يعترض عليها، وغزو الكثير من الدول لاخضاعها وتدبير المؤامرات على كل قائد وطني يعمل على حماية استقلال بلاده واستغلال ثرواتها لصالح الشعب المحلي.
بعد كل تلك الحقائق المعروفة لدى الشعوب التي سردها لافروف ، ما زالت الويلات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي كله، يستخدم القوة في محاولة الهيمنة على العالم وبعد ذلك يتحدثونك عن ميثاق الأمم المتحدة ويدافعون عن القانون الدولي وهم متلبسون بالجرم المشهود في عدوانهم على بلدان مستقلة أعضاء في الأمم المتحدة .
إنتهاك القانون الدولي
دول المليار الذهبي لا شك أنجزت كثيراً من المخترعات الحديثة من عقول المهاجرة، ساهمت في تقدم البشرية ودخول عصر الاتصالات والإنترنت والأقمار الصناعية والحواسيب والأتصالات، وغيرها الكثير. لكن هذه الدول هي نفسها التي أرتكبت جريمة الاستعمار وجريمة الرق التي لا تموت بالتقادم. كيف لشعوب الدول النامية أن تنسى ما ارتكبته قوى “المليار الذهبي” من جرائم بحقها. هل ينسى الشعب الجزائري جرائم فرنسا؟ هل ينسى الشعب المصري جريمة العدوان الثلاثي؟ هل تنسى فيتنام الملايين الخمسة التي أبادها الأمريكيون؟ هل ينسى الشعب الإيراني الإطاحة بالقائد الوطني محمد مصدق عبر إنقلاب مخابراتي أمريكي ـ بريطاني؟ هل ينسى الشعب العراقي إحتلال أمريكا وبريطانيا لبلاده من دون وجه حق لمدة عشرين عاماً وما زالت محتلة وكل سنوات الحصار والقصف الجوي وقتل ملايين؟ هل ينسى شعبنا العراقي جريمة ملجأ العامرية هي أبشع الجرائم ضد الإنسانية، أرتكبها سلاح الجو الأمريكي ضد مدنيين عزل غالبيتهم من النساء والأطفال، جريمة يندى لها جبين الإنسانية، مذكرة بحروب الإبادة التي ارتكبتها طوال تاريخها، في هيروشيما وناكازاكي وفي فيتنام، ثم في أفغانستان والعراق بعد احتلالهما. إن هذه الفاجعة الأليمة التي وصفها العراقيون باليوم الأسود، ستظل دليلاً واضحاً على همجية أمريكا وزيف ادعاءاتها بحماية حقوق الإنسان. هل ينسى شعبنا العراقي جرائم فضيحة التعذيب في سجن أبو غريب ؟ وتعبيراً جلياً عن القيم الأمريكية التي يدافع عنها البيت الأسود (الأبيض) بقوة هذه الأيام. هل ينسى الشعب الليبي ما دمرته غارات الناتو بحجة حماية منطقة حظر الطيران؟ هل تنسى مدغشقر حرب الإبادة التي شنتها فرنسا؟ هل ينسى سكان رواندا وبوروندي جرائم المستعمر البلجيكي، أم ينسى سكان جنوب أفريقيا نظام الفصل العنصري؟ هل يغفر الشعب الكوبي لأمريكا كل سنوات الحصار؟ هل ينسى الفلسطينيون جريمة بريطانيا في زرع نظام استعماري احتلال عنصري في وطنه وتشريد ثلاثة أرباع السكان؟ كيف يمكن للعالم أن ينسى إبادة ملايين السكان الأصليين في أمريكا الشمالية وكندا وأستراليا؟ هل تطورت صناعة الأسلحة الفتاكة إلا في دول “المليار الذهبي”؟ وهل جرائم المخدرات والاتجار بالبشر والجريمة المنظمة والإستغلال الجنسي والمثلثين والعنصرية إلا من منتوجات تلك الدول؟
أكد وزير خارجية الروسي سيرغي لافروف، بصورة حازمة قائلاً : إنني أتفهم هذا الموقف الذي عاني منه سكان البلدان التي خضعت للاستعمار والاحتلال والهيمنة ونهب الثروات، وتدمير النسيج الاجتماعي، وزرع الفتن وشن الحروب. يؤيدون الالتزام بالقانون الدولي عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا وكوريا الشمالية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعراق وفلسطين والسودان واليمن وليبيا وسوريا وأفغانستان يتناسون حق هذه الشعوب في الدفاع عن نفسها؟ من يعلن على الملأ تأييد مستوطنة إسرائيل في قرارها بضم الجولان المحتل، ويعلن القدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني ويسكت على جريمة الاحتلال وبناء المستوطنات، وزج الألوف في السجون وبناء الجدار العنصري، لا نريد أن نسمع منهم خطاباً عن ميثاق الأمم المتحدة وأحترام القانون الدولي ونحن نعرف أنهم كاذبون ومنافقون وعنصريون.
الحقيقة واضحة للعين أن رأس الأفعى الأمريكي والغرب الذي يدور في فلك الإمبريالية الأمريكية تستخدم أوكرانيا كدرع بشري لاستعداء دولة الروسية، ودفعها إلى الإنهيار الإقتصادي. ويتم إلى الآن شحن الطائرات الأمريكية المحملة بالأسلحة عبر بولندا ومن ثم إلى أوكرانيا. والآلاف من المقاتلين الأجانب من بلدان عديدة يقاتلون في الفيلق الدولي الأوكراني ضد روسيا. ناهيك من حصرها في مستشارين عسكريين بريطانيين وأمريكيين لا أكثر، فالأمور عكس ما يجري تسويقه إعلامياً .