22 ديسمبر، 2024 8:27 م

لافتة اولى .. بدأت الزيارة وانتهت

لافتة اولى .. بدأت الزيارة وانتهت

بدأت زيارة الاربعين بكل ممكنات السير إلى مرقد الامامين الثائرين الحسين والعباس عليهما السلام سبطي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذكرى اربعينية استشهادهما في واقعة الطف عام 61 هجرية وهذه الزيارة ان كانت سيراً على الاقدام ام بالسيارات او بالطائرات انتهت وعاد الجميع إلى دياره مزهواً بسمو النفس لإتمامه مراسيم دينية يقصد بها اولاً وآخراً القربى إلى الله سبحانه وتعالى على امل ان يمد الله في اعمارهم ليشهدوا ذات الجمع المؤمن في ذات البقعة المباركة من العام القادم.
لافتة ثانية .. سباق خدمة الزائرين
تسابق العراقيون شيباً وشباباً رجالاً ونساءً لخدمة الزوار على اختلاف البلدان التي وردوا منها والقوميات التي ينتمون اليها ومن مختلف الاديان والمذاهب , وبحسب مسؤولين محليين في محافظة كربلاء المقدسة شاركت شعوب تمثل ستين جنسية في مراسيم الزيارة الاربعينية لهذا العام , تسابق الجميع لتقديم الخدمات والتي شكلت بكل ما تعنيه الكلمة جهداً بشرياً جباراً لا تقوى على تأديته اقوى دول العالم اقتصاداً حتى بلغ بالأخ الايراني الجنسية حسين من اهالي عبادان الايرانية القول موجهاً كلامه لي (ابهرني ما شاهدت من عظيم الحفاوة بالزائرين دخلت ولاية امريكية في موسوعة غينيس للأرقام القياسية لأنها اطعمت خمسة آلاف شخص وجبة غداء واحدة فأي موسوعة ستدخل خدمة زوار الحسين (ع) على مدار ايام متواصلة واطعام متواصل طيلة اليوم) , اطعمت الجموع المليونية ولا اعتقد بل اجزم بان لا احد اشتكى من جوع او عطش , ولا ننسى ان مدناً مثل البصرة والعمارة والكوت على وجه التحديد قد استضافت الزوار الايرانيين في بيوت مواطنيها قبل انطلاقهم الى كربلاء المقدسة كونها تقع على حدود دولة ايران , ولم ينظر اي عراقي الى عمله بأنه مقدم الى شخص اجنبي قد لا ينفعه بشيء ان سافر هو في مناسبة قريبة الى ذاك البلد وهذا راجع على ما يبدو الى امرين اثنين الاول انه يفعل ذلك بوازع ديني فالإسلام دين الاخوة لا فرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى أو لأن العراق بلد متعدد القوميات شاء الله ان تنصهر وتذوب دمائهم في عرق واحد هو العراق فهو بذلك لا ينظر إلى مفهوم القومية بأنه امر ذي بال.  
لافتة ثالثة .. ضجة انتهاك الحدود
قامت الدنيا ولم تقعد لان جموعاً من الزوار الايرانيين ومعهم قليل من الافغان قد اخترقوا المعايير الدولية فيما يتعلق بالحدود باجتيازهم الحدود دون تأشيرة دخول , ومع تأكيدنا عدم دفاعنا عن هذا الفعل لأنه يمس سيادة العراق نؤكد ان ما حصل مصفوح عنه مغفورُ عنه لأنه جاء باسم الحسين اولاً ولأن الجموع كانت اكبر من ان يتم بضع انفار من الموظفين في منفذ زرباطية (عرفة) الحدودي مهام انجاز تأشيرات دخولهم إلى البلاد لإتمام مراسيم الزيارة, وقد تناسى البعض ان حدوداً لدول عملاقة في مجال السيطرة قد تم اجتيازها عنوةً من قبل العراقيين او السوريين خلال العام الحالي متمثلة بالمانيا والنمسا وايطاليا واليونان وتركيا وغيرها هرباً من الارهاب وسوء الاوضاع في كلا البلدين.
لافتة رابعة .. نحو كونفدرالية عراقية ايرانية
تشير الوقائع التاريخية الى ان اول حالة اتصال بين العراق وايران هي الحالة التي شهدتها مدة حكم الملك انميبراكيسي في دويلة كيش جنوب العراق في الالف الثالث قبل الميلاد وتحديداً في العصر السومري القديم (2800-2370 ق . م) والتي يشير فيها هذا الملك إلى قيامه بحملة عسكرية على بلاد عيلام , وعيلام هي الجذر التاريخي الاصيل لبلاد ايران الحالية ووصولاً إلى العصر الاكدي (2371 – 2160 ق . م) نجد ان ملوك هذه الدولة او الامبراطورية قد اكدوا على حكمهم جهات العالم الاربعة التي بضمنها ايران طبعاً إذ على سبيل المثال يشير الملك الاكدي نرام سن (2291 – 2255 ق . م) إلى امتداد رقعة بلاده في الشرق لتشمل بلاد عيلام وحالة الاتصال الوثيق سلماً او حرباً استمرت في عهود الفرس الاخمينين والفرثيين والساسانيين وفي عهود الفتح الاسلامي التي تمت انطلاقاً من ارض العراق مروراً بالعلاقات العراقية الايرانية في التاريخ الحديث والمعاصر وصولاً إلى الحالة المثلى التي تجسدت في زيارة الاربعين من تمازج بين الشعبين العراقي والايراني اجدني في ظل كل حالة التاريخ الذي يجمع الشعبين وان كان في بعض صفحاته اسوداً انفصم فيها عرى الود بين الشعبين مرغمين اجدني واضعاً لفكرة مشروع يؤطر هذه العلاقة وبحسب المصطلحات السياسية المعاصرة يرقى إلى مستوى كونفدرالية تجمع ما بين البلدين وهي بطبيعة الحال ستكون اقوى فعلاً واجدى نفعاً من اية اتفاقية حالية تجمع بينهما ولعل الوضع السياسي والامني على مستوى المنطقة التي يشغلها كلا البلدين العراق وايران وعلى مستوى الشرق الاوسط والعالم اجمع يدعو الى تقديم مثل هكذا مشروع فهو بالنسبة للعراق سيتيح الاستفادة من الترسانة العسكرية  الايرانية وعلى وجه التأكيد الصاروخية في ضرب الارهاب وعلى وجه الخصوص (داعش) الذي بات يشكل خطراً على وجود العراق كدولة في ظل التدخلات الاقليمية والخارجية في شؤونه الداخلية متخذةً من هذا الارهاب مبرراً لها للتدخل والفائدة المتوخاة من هذا التعاون ستتمثل في تأمين السلاح مجاناً إلى جانب ضمان دخول الجيش الايراني بكل ما يمثله من قوة لمشاركة العراق في حربه على الارهاب بشكل رسمي وشرعي وان ما ستجنيه ايران من هذا الاتحاد الكونفدرالي لا يقل اهمية لها عن العراق وعلى وجه التحديد ضمان امنها بتحقق امن العراق , وكذا الحال فيما يتعلق بالمصالح الاقتصادية وعلى وجه الخصوص في ظل العودة القريبة الايرانية للأسواق النفطية.