مثل شعبي قديم يردده اغلب العراقيين من شمال العراق الى جنوبه… وقصة هذا المثل تقول هناك امرأة تعيش في احد مناطق الريف العراقي وكان زوجها فلاح بسيط يعمل في الزراعة ولديه حقل زراعي قرب القرية التي يسكن فيها يخرج من الصباح الباكر ويعمل في مزرعته متنقلا بين اشجار ونخيل المزرعة وكانت زوجته جميلة جداً وتعمل ربة منزل تساعد زوجها احيانا في امور الزراعة وقد مرت على حياتهم سنين عديدة وهم على هذا الحال….
ومن باب المصادفة كان شخص يسمى سيد علي يزور قريتهم بين الحين والآخر وكانت كلمة السيد لها قدسية خاصة عند اهالي تلك المناطق وفي كل مره يأتي فيها هذا الشخص الى تلك القرية يبقى في ضيافة اهلها لمده زمنية طويلة ومن عادات تلك القرية فانه يجب على الجميع ان يقوم بتقديم واجب الضيافة له وعليه ان يزور كل البيوت الموجودة في تلك القرية…
واثناء زيارته الى منزل ذلك الفلاح البسيط قامت عائلته لهذا السيد في كل واجبات الضيافة من مأكل ومشرب ومنام نظيف وكانت الزوجة تشعر بنظرات السيد علي الثاقبة تجاهها ولكنها قالت في نفسها ربما هي نظرات عفوية الا ان الامر تطور اكثر عندما اصر السيد علي ان يبقى في منزل هذا الفلاح اكثر من يوم وقدم الاعذار لأهل القرية واعتبر ان هذا المنزل منزل مبارك ولا بد من البقاء فيه فترة طويلة كان النقاش من قبل اهل القرية ممنوع نهائيا مع السيد لانهم يخافون من قدسيته وان النقاش معه سوف يأتي بعواقب وخيمة على مواشيهم وعلى ارواحهم..
وفي صباح احد الايام فاتح السيد علي زوجة الفلاح بانه معجب بها ويرغب بزواجها ولكن الامور حدثت في اتجاه اخر واصبحت علاقتهم شبه علنية ووصل الامر الى زوجها الذي يبقى دوما مشغول في عمله واقترح عليه احد اقاربه بتركها وطلاقها خوفاً من الفضيحة ولكونهم ايضاً لا يستطيعون مواجهة السيد بذلك…فقام على الفور بطلاقها وذهبت الى بيت اهلها تنتظر قدوم السيد لخطبتها من والدها ولكن السيد يبدو انه متعود على هذه الوعود الكاذبة فلم يذهب الى هناك وبقت مطلقه لا تعرف ما لا تفعل فزوجها قد تركها وطلقها وسيد علي لم يتزوجها وهنا قالوا هذا المثل لاحظت برجيلها ولا اخذت سيد علي…
هذا المثل ينطبق اليوم على حال شعبنا العراقي المسكين الذي بقى يعاني من ويلات الحروب ومشاكله السياسية ويعاني من الفقر والفساد العام رغم امتلاكه اكبر ثروات المنطقة.. هذا الشعب الذي لم ينعم في الماضي رغم انه كانت هناك دولة وحزب واحد ولكن كان هناك نظام دكتاتوري منفرد بالسلطة وعند زواله فرح الشعب بتغيير ذلك النظام وكان يحلم بنظام سيد علي الجديد النظام الديمقراطي وفعلا طبق رجل الكابوي الامريكي النظام الديمقراطي في العراق ولكن بطريقة غريبة جدا لا تشبه اي نظام ديمقراطي في العالم فبدلاً من الديكتاتورية الواحدة اصبحت لدينا ديكتاتوريات كثيرة وبدلاً من عائلة واحدة تملك وتتصرف بكل موارد البلد اصبحت لدينا عوائل وحيتان كثيرة هي من يتصرف بموارد البلد وبدلا من الخوف من شخص واحد اصبح اليوم العراقيون يخافون من الكثير من سلطات الاحزاب التي لا ترحم احد وما زالت سفينة العراق تغوص في بحر هائج والامواج من حولها وتجري الرياح بما لا تشتهي السفن…
اليوم يمر الشعب العراقي بمحنة كبيرة وهي محنة الشعب والحكومة وبين انقسام السياسيين فيما بينهم وخوف الفقير على قوته اليومي من الانقطاع وكذلك خوف اغلب العوائل العراقية من حدوث اي مشكله لا سامح الله يكون لها عواقب وخيمة وخاصة اذا ما تم استخدام السلاح فيها خارج نطاق الدولة …
اننا اليوم نشبه زوجة ذلك الفلاح التي بقيت مطلقة في دار اهلها من اجل شهوات النفس الخاصة فهي لا تستطيع ان تذهب اينما تريد كونها مطلقة وعادات وتقاليد المجتمع لاتسمح بذلك لأنها ليست على ذمة رجل وبقت مجرد فلاحة تعمل في مزرعة اهلها الملاصقة للمنزل وموقف السيد علي قد خذلها ولم يسال حتى عنها….
فإلى متى يبقى حال العراقيين هكذا والى متى لا يفهم السياسيون معنى الشعب الجائع او الشعب المحروم……
اننا اليوم ونحن نرى على وسائل الاعلام دخول المتظاهرين الى داخل المنطقة الخضراء وسكنهم الذين لا نعرف متى ينتهي داخل بناية مجلس النواب العراقي وتصريح المسؤولين بين خائف ومتردد وبين قانون هزلي ضعيف لا يستطيع ان يفرض نفسه على ارض الواقع تجاه الاحزاب التي تتشارك في تقسيمات استلام السلطة وان المصير على ما يبدو مجهول ومبهم ولا نعرف ماذا يدور في اروقة وعقول الزعماء السياسيين المتنافرين فيما بينهم من اجل هذا الكرسي اللعين…هذا الكرسي الذي دفعنا الدماء من اجل عليه سلاطين تأمر بقتلنا….. هذا الكرسي الذي جلب لنا الجوع والخوف والمرض….. فالى متى نبقى اضحوكة لغيرنا ويضحك علينا من يحكمنا كما ضحك السيد علي الرجل الفاسق على هذه المرأة الشريفة..