23 ديسمبر، 2024 6:10 م

لاتصوتوا للشعارات … بل صوتوا للبرنامج ..

لاتصوتوا للشعارات … بل صوتوا للبرنامج ..

الانتخابات حالة صحية وجزء ايجابي من الحياة السياسية للشعوب التي تتمتع بحس ونفس ديمقراطي ، كونها تعلم يقيناً ماذا تريد ، لهذا عندما تبدأ الانتخابات في أي بلد من العالم ، تنظر الناس والناخبون إلى برنامج تلك الشخصيات المرشحة ، وتقيم أن كانت لديه مصداقية في التطبيق أم لا ، وهذا الشيء هو الآخر جعل السياسيون والمرشحون يخافون الجمهور من المعاقبة ، ولايتجرأون على الترشيح إلا بعد إن يكون قادراً على تحقيق أحلام ناخبيه , مما يجعل المرشح في اختبار قدرة على تحقيق هذه الطموحات على الأرض ، كما أن الثقافة السائدة في اغلب المجتمعات الراقية هو أن النائب ما هو إلا رجل يمثل مجموعة اختارته ليمثلها في مؤسسو تسمى ” البرلمان ” ليسعى من خلال هذه المؤسسة لقضاء حوائج هولاء الناس بدون تعباً منهم أو تكلف .
في بلادنا العربية والإسلامية ، الصورة تتمايز بين بلد وبلد ، فمنها ما كان متسقاً من مجتمعه الذي يعشيه ، ومنهم من كان ذا مهنة كالطبيب أو المهندس أو الأستاذ ، وهو يمارس عمله دون ان يكون هناك تأثيراً على عمله الأساس في خدمة شعباً اختاره ليكون عينه ويده في المطالبة في الحقوق ، ووفق برنامج معد يكون هو خارطة الطريق لأربع سنوات عضويته في البرلمان .
في العراق الجديد ، وفعلاً بدا كل شيء فيه جديد ، إذ السياسي يملك أعلى راتب ، وأغلى سيارة ، ولايعرف من هم ناخبوه ، وعندما يجتاز العتبة يرحل من منطقة سكناه إلى المنطقة الخضراء ( عليها اللعنة ) ، ناهيك عن الخدمات المقدمة للسيد النائب من علاج وجواز سفر دبلوماسي له ولعائلته ، وربما أكثر من ذلك ،هذا كله وهو لا يملك أي برنامج يقدمه للناخبين الذي انتخبوه ووضعوا ثقتهم فيه من اجل استحصال حقوقهم المشروعة في الدستور .
لهذا من المفترض إن كل مرشح قد بدأ بالفعل في إعداد حملته والانتهاء من وضع الملامح الأساسية في برنامجه الانتخابي الذي على أساسه سيختاره الناخب ويمنحه صوته ليمثله خير تمثيل في البرلمان القادم ، ومن الآن وحتى الثلاثون من نيسان المقبل موعد الانتخابات البرلمانية ومعرفة ممثلي الشعب العراقي في برلمان جديد على كل المرشحين ، أن يضعوا نصب أعينهم إن العراق بات في مرحلة حرجة، وان مجلس النواب القادم سيكون مكلفا بإعادة الثقة للشعب في هذه المؤسسة الأم ، وثقة المواطن بالقدرة على تشكيل حكومة قوية قادرة على تنفيذ برامجها في الأمن والاقتصاد، من خلال برنامج واضح لان البرنامج الانتخابي ليس مجرد أحلام لدغدغة مشاعر المواطنين ، وإنما سيتم تنفيذه بحذافيره ، وكفى ما فات من عمر العراق من سنوات عجاف تعرضت فيها لخسائر اقتصادية وسمعة دولية ، ناهيك عن تدنى المستوى السياسي لدى البعض حتى أصبحوا لايملكون صفة سياسي ،بل تحولوا إلى مهرجين في الإعلام ، يكيلون التهم التسقيط للمنافس ، وهذا حالة لم نقرا عنها في تاريخ الشعوب المتحضرة .
كما أن الشعب العراقي يتحمل مسؤولية مضاعفة ، وليجرد نفسه قليلاً عن الولاءات الحزبية الضيقة ، والتعنت في المواقف العدائية للآخرين دون قراءة واضحة للواقع المزري ، والنهوض بنفسه ، وإزالة غبار الخنوع والخضوع وعبادة الشخوص والانطلاق نحو بناء عراق جديد ، لأنه ملك لنا ولا يملكه غيرنا ، لهذا يجب الحرص على بلدنا ووطنا من خلال الاختيار الأنسب لممثلينا في مجلس النواب ، وان نعاقب من استهان بدمائنا وتاجر بها ، وجعلنا محطات اختبار في مسير حكم فاشلة أضرت كثيرا بالواقع السياسي ، وجعلته مرتهن بالاتفاقات والتواتفقات الدولية والإقليمية والمحلية .
واخيراً سوف اختم بحديث المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف ، وحرضها على ضرورة التصويت وفق البرنامج الانتخابي للمرشح ، لا الشعارات وشراء الذمم والهدايا العينية التي حرمها الشارع المقدس ، لان البرنامج الانتخابي يعكس خارطة الطريق التي يمتلكها المرشح في تقديم الخدمة لأبناء دائرته التي رشح منها ، وخير من يمكن أن برنامجاً متكاملاً هي “كتلة المواطن ” التي قدمت برنامجاً جيداً متماسكاً واقعياً تعهدت بتنفيذه في المرحلة القادمة وتشكيل الحكومة القادمة والسعي لتخفيف معاناة المواطن بعد عشر سنوات من التراجع في كافة المجالات .