قِيلَ قَدِيمًا ( اَلْأُمُّ مَدْرَسَةً إِذَا أَعْدَدْتُهَا أَعْدَدْتُ شَعْبًا طَيِّب اَلْأَعْرَاقِ ) وَهَذَا نَاتِجٌ عَنْ أَهَمِّيَّةِ دَوْرِ اَلْأُمِّ فِي اَلْمُجْتَمَعِ بِصُورَةٍ عَامَّةٍ وَالْأُسْرَةِ بِصُورَةٍ خَاصَّةٍ فَهِيَ من تبذر بذورا فِي اَلْمُجْتَمَعِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عودا صُلْبا صامدا امام العواصف أَوْ يَكُونُ هَشا تكسره الرياح . وَقِيلَ أَيْضًا ( كُلُّ يَدٍ تَدْعِي بِأَنَّهَا أَحن مِنْ يَدٍ أُمِّيٍّ فَهِيَ يَدٌ كَاذِبَةٌ ) وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ حُنُوَّ اَلْأُمِّ وَعَطْفِهَا وَحُبِّهَا لِأَوْلَادِهَا وحرصها عليهم لَا يُعَادِلُهُ شيئا فِي اَلدُّنْيَا ، إِذًا لَا شَك أَنَّ اَلْأُمَّ هِيَ مَصْدَرُ اَلْحَيَاةِ وَمَصْدَرِ عَطَاءٍ لَا يَنْضُبُ دُونَ مُقَابِلٍ ، وَهِيَ مُلْهِمَةٌ وَصَانِعَةٌ لِلْأَجْيَالِ وعاطفتها واستخدامها الامثل في التربية عامل مؤثر في صناعة شخصية الطفل مستقبلا وهَذِهِ حَقِيقَةُ مُسْلِمٍ بِهَا .
وان امعنا النظر في هَذَين القولين نرى ارتباطهما الوثيق ببعضهما فَإِنَّ أَرَدْنَا جِيلاً يَمْتَلِكُ مُقَوِّمَاتِ اَلْمُجْتَمَعِ اَلسَّلِيمِ يَجِبُ أَنْ تَتَخَلَّى اَلْأُمُّ عَنْ بَعْضٍ مِنْ عَاطِفَتِهَا ، اي ان تتنازل عن بعض الحنان والعطف في سبيل تحقيق تربية كامله ، وَمِنْ اَلطَّبِيعِيِّ أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةُ اَلْأُمِّ مَمْزُوجَةً بالتعامل مع اوْلَادِهَا لَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اَلْعَاطِفَةِ عَلَى قَدْرٍ يَفِي بِمَسْؤُولِيَّتها في التربية الصحيحه .
، فَالتَّرْبِيَةُ اَلصَّحِيحَةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِنْ اَلْعَاطِفَةِ اَلْمُفْرِطَةِ
فَعَاطِفَةُ اَلْأُمِّ سَيْف ذُو حَدَّيْنِ وَيَجِبُ اَلتَّعَامُلُ مَعَ هَذَا اَلسَّيْفِ بصُورَةِ أَمْنِهِ لِتَلَافِي أَذِيَّتِهِ بسبب سوء استخدامه .
أَنَّ اَلتَّعَامُلَ مَعَ اَلْأَبْنَاءِ بِعَاطِفَةِ اَلتَّسَامُحِ اَلْقَائِمِ عَلَى مَبْدَأٍ ( هَذَا اِبْنِي وَهُوَ خَطٌّ أَحْمَرَ ) هُوَ مَبْدَأُ خَاطِئٌ لَايْخِلَفْ إِلَّا جِيلاً مُعَاق ، مَرِيضٌ ، هَزِيل . لَايفَقَهْ مِنْ اَلْحَيَاةِ شَيْئًا ، فَالْإِبْدَاعُ وَالتَّفَوُّقُ وَالصِّحَّةُ وَالسَّلَامَةُ وَفَهْمُ اَلْحَيَاةِ عَلَى صُورَتِهَا اَلْحَقِيقِيَّةِ ياتِي مِنْ رَحِمِ معاناة الام وصبرها على اخفاء مشاعرها الحقيقية الكامنة في صدرها تجاه اطفالها ، في سبيل ان يكونوا مبدعين وافرادا فاعلين بالمجتمع .
ان التربية اَلْقَائِمَةِ عَلَى أُمُورٍ تراها بعض الامهات بسيطة وهي لاتحتاج الى ازعاج اطفالها بمساعدتها بانجاز هذه الاعمال هو خطأ شائع ويجب تفاديه ، لَكِنَّ هَذِهِ اَلْأَعْمَالِ اَلْبَسِيطَةِ وَاَلَّتِي يَنْشَأُ عَلَيْهَا اَلطِّفْلُ وَتُصْبِحُ رُوتِينًا لَدَيْهِ هِيَ مِنْ تَقُومُهُ فَالْغَايَةُ هُنَا اَلتَّعْلِيمَ وَلَيْسَتْ اَلْمُسَاعَدَةَ ، اَلْغَايَةُ هُنَا اَلْمُشَارَكَةَ وَشُعُور بِالِانْتِمَاءِ لِلْأُسْرَةِ ، وَلَيْسَتْ اَلْمُسَاعَدَةَ ، فَتَعْوِيدُ اَلطِّفْلِ عَلَى تَنْظِيمِ سَرِيرِ نَوْمِهِ . اَلْغَايَةُ مِنْهُ هِيَ زَرْعُ مَبْدَأِ اَلِاعْتِمَادِ عَلَى اَلنَّفْسِ فِي إِنْجَازِ مَهَامِّ حَيَاتِهِ مُسْتَقْبَلاً وَنَبْذَ اَلِاعْتِمَادِ عَلَى اَلْغَيْرِ .
اذا من اجل ان نجنب ابناءنا عوق الاتكال علينا اشاركهم بكل مايخصهم .
. دمتم بخير