تصنف الامم المتحدة ومنظمة العمل الدولية نظام الكفيل السائد في بعض الدول بانه أشبه بنظام العبودية ، وفي تقارير المنظمة الدولية السنوية التي تتناول حقوق ووضع العمل والعمال تطالب دائما بالغاء هذا النظام الجائر الذي يقيد حرية العامل في اختيار عمله او الانتقال الى عمل اخر ، وتشتط بعض الدول وخاصة القطاع الخاص والافراد في تطبيقه وتقوم باحتجاز جوازات السفر هؤلاء العمال وغير ذلك من اجراءات تقيد من حركة العامل الاجنبي وتجعله رهينة بيد رب العمل ، وقد تعهدت بعض الدول التي تاخذ بنظام الكفيل وبعد هذه المطالبات والاحتجاجات الدولية بالغاءه ووضع نهاية له ، وهذه خطوات محمودة قوبلت بارتياح من منظمة العمل الدولية ،
العراق لم يأخذ بهذا النظام في تاريخه وخاصة الفترات الذي استقدم فيها ملايين العمال من الدول العربية والاجنبية فترة السبعينات فترة تنفيذ وخطط التنمية الانفجارية ، وكان العمال الوافدين يتمتعون بنفس حقوق المواطن العراقي وربما اكثر في بعض الحالات ، وبعد الاحتلال وفي ضوء الاضطرابات والمشاكل التي عانت منها بعض مناطق العراق بدأنا نسمع بطلب كفيل من قبل حكومة اقليم كردستان حيث كانت شمال البلاد / كردستان تتمتع باستقرار امني ، ولذا قصدها الكثير من العراقيين الباحثين عن الامن او العلاج او العمل فأخذ الاكراد يطلبون من العراقيين الذين يقصدون الاقليم من غير ابنائه كفيل وكان هذا الاجراء محل استنكار من العراقيين حيث يتسائل الناس اذا كنا حقا ابناء بلد واحد ونعيش في دولة واحدة ، ولكن الامر يتكرر خاصة لابناء الانبار امام السيطرات العسكرية عند مداخل بغداد اذ نشاهد الان الالاف من ابناء الانبار امام السيطرات العسكرية في مداخل بغداد يمنعون من الدخول اليها لان هذه السيطرات تطلب منهم كفيل وكانهم في بلد اخر ودولة اخرى غير بلدهم ودولتهم ، وقد اشتكى بعض نواب الانبار من هذه التصرفات ومن طريقة تعامل القوات العسكرية مع النازحين وانها مخالفة لقرارات مجلس النواب والدستور العراقي ، وسمعت امس احد النواب وهويتحدث الى الفضائيات من امام احدى السيطرات في مدخل بغداد الجنوبي ويستغيذ برئيس الوزراء ويطالبه الغاء اجراءات السيطرات وتسهيل دخول الانباريين الى بغداد . لا نعلم ان كانت هذه السيطرات تنفذ تعليمات رئيس الوزراء القائد العام ام انها تتصرف من عندها وفي كل الاحوال فان الانبار عانت وتعاني من غياب الدولة العراقية لاكثر من عشر سنوات بسبب سوء تصرفات نوري المالكي وحكومته التي فاقمت سياستها الاوضاع في الانبار وبدلا من ان يعالج مشاكل ومطالب المنطقة عمد المالكي الى الاساءة الى اهلها والاستهزاء بمطالبهم المشروعة حتى ان الرئيس الامريكي اعتبر بان تمدد داعش كان نتيجة لتصرفات ورعونة الحكومة السابقة ، الانبار تشكل اكثر من ثلث مساحة العراق ولها حدود مهمة مع ثلاثة دول وطريق دولي يربط بينها فهي لا تستحق هذا الاهمال المتعمد ولذا فالامل ان لا تقع الحكومة الحالية بنفس اخطاء الحكومة السابقة الكارثية والتي ادت الى ما نشهده اليوم من انحسار الدولة العراقية والمفروض ان يبادر رئيس الوزراء الى تبني استراتيجية جديدة تستجيب لمطالب اهالي الانبار المشروعة وان يبدأ القائد العام باصدار اوامره الى القوات العسكرية بتسهيل دخول النازحين من الانبار الى بغداد والمحافظات الاخرى وخاصة كربلاء حيث الحدود المشتركة التي لا نشك بكرم اهلها وترحيبهم باخوانهم الانباريين ولهم سوابق يشكرون عليها ، وليدرك من
يضع العراقيل او يتشفى بالانباريين بان هذه المحافظة استقبلت ورحبت بالالاف من ابناء بغداد والمحافظات الاخرى في فترات سابقة وخاصة اثناء العدوان على العراق عام 1991 . وان هذه الممارسات ضد ابناء الانبار ومنها طلب الكفيل من النازحين عن بيوتهم وممتلكاتهم ليست من الوطنية ولا الدين ولا الانسانية وهي نقطة سوداء في سجل من يقوم بها ضد ابناء بلده .