الحلقة الأولى: الفساد المالي
كلنا سمع بكتاب أو موسوعة جينيس للارقام القياسية وهي الموسوعة العالمية التي تهتم بإدراج أفضل الأرقام القياسية وأغربها في العالم , فمثلا أطول إنسان في العالم واقصر شخص على الأرض وأطول مدة يقضيها إنسان تحت الماء وأعلى قفز لمظلي وأطول شعر واكبر بطيخة والكثير من الأرقام القياسية للكثير من القضايا الغريبة التي يشهدها الإنسان على أصقاع المعمورة , ولم ينتبه احد بان العراق ممكن أن يدخل ضمن هذه الموسوعة لرفع علمه عاليا في المحافل الدولية بغض النظر عما يتنافس فيه من رقم قياسي ولكون العراق لم يحقق رقما قياسيا في موضوع مشرف فلا يهم أن يكون الدخول إلى الموسوعة بموضوع مخزي لأن الموسوعة فيها الكثير من المواضيع المخزية التي يرغب أصحابها تحقيق أرقاما قياسية فيها , فمثلا البولندية ليفيسكا البالغة من العمر عشرين عاما تود الدخول للموسوعة كأكثر فتاة تمارس الجنس مع أشخاص مختلفين ومنهم من دخل الكتاب لأطول فترة تقبيل علني وغيرها من المواضيع التي تتنافى و الأخلاق العامة, وفي رأي انه لا يوجد موضوع أكثر خزيا ويستحق الدخول إلى الموسوعة غير الفساد المالي في العراق خصوصا وان هذا البلد أصبح موضع اهتمام المؤسسات العالمية المعنية بإصدار تقارير الفساد المالي حول العالم والذي تفوق على كل دول العالم سواء أ كان ذلك على مستوى الفساد الحكومي أم على مستوى فساد المافيا وعصابات المخدرات والتهريب والاتجار بالبشر وغيرها ولو أخذنا الفساد المالي عبر التاريخ فسوف لن نجد بلدا بالعالم سرق منه ما سرق من العراق بل لم يسجل في أي بلد في العالم وعبر التاريخ أن مسئوليه قد حصلوا على امتيازات ومرتبات ومستحقات تقاعدية مثلما سجل في العراق, ولأجل أن يدخل العراق إلى هذه الموسوعة فلا بد من أن يكون له رقما عالميا يفوق الأرقام المسجلة سابقا وربما وفي رأي فأن العراق سوف لن يكتفي بالدخول لهذه الموسوعة برقم جديد بل سيتربع على عرش الأرقام لفترة زمنية غير محسوبة خصوصا وأن الأرقام الفلكية التي سجلت وبشهادة مؤسسات حكومية عراقية لا يمكن لا لدولة ولا لرئيس ولا لمافيا أو عصابة دولية منظمة الوصول لها أو كسرها؟؟؟ لقد دعت هيئة النزاهة في الأسبوع الماضي إلى تضافر الجهود الدولية لاستعادة ما يزيد عن تريليون دولار قد سرقت من أموال العراق وهربت إلى الخارج ؟؟؟ نعم تريلون دولار ؟؟؟؟ أي اثني عشر صفرا على يمين الرقم؟؟؟ في أول وهلة خيل لي أن المبلغ هو مليار أو عدة مليارات لكنني رفعت نظارتي ولصقت وجهي في شاشة حاسوبي لأتأكد من الرقم, لقد صعقت من عظمة هذا المبلغ ودخت في كيفية خروج هذا المبلغ ومن الذي أخرجه وفي أي بنك تم إيداعه ومن ساهم في تهريبه و…و….و عشرات التساؤلات التي ألهبت النار في قلبي وبالتأكيد في قلب كل عراقي وحتى غير عراقي بين متمني بأن يحظى ولو بعدة ألاف من الدولارات من هذا المبلغ وبين متأسي ومتأسف على ما يحصل في هذا البلد الذي أصبح نصف شعبه جائع ليهنأ ثلة صغيرة ممن استحوذ على السلطة بتلك الأموال.
لقد عدت إلى زمن الطاغية لأجد وبعملية حسابية بسيطة أن ما بدده صدام من أموال العراق على الحروب والنزوات في السيطرة على المنطقة وما سرق في عهده سواء على يده وأيادي أفراد عائلته أم على أيدي بعض المقربين من حاشيته وبحكم دموي مستبد دام أكثر من ثلاثة عقود لم يصل إلى المبلغ الذي ذكرته هيئة النزاهة والذي فقد في احد عشر عاما ؟؟؟ لقد كان العراق يخسر يوميا في حربه الضروس مع إيران من تسليح ومصاريف عسكرية ولوجستية مبلغا يقدر بحوالي 55 مليون دولار , ولو ضربنا هذا الرقم ب 2850 يوم وهو عدد أيام الحرب التي بدأت في أيلول من العام 1980 وانتهت في آب من العام 1988 لكان المبلغ الكلي (156750000000) مئة وسبعة وخمسون مليار وسبعمائة وخمسون مليون دولار, ولو أضفنا لهذا الرقم ما خسره العراق في حربه مع الكويت وما وجب عليه من تعويضات ضربت في حينها في 10 من قبل الإخوة الكويتيين ووصل فيها الرقم إلى 200 مليار دولار لأصبح الرقم الإجمالي (000000035675) ثلاثمائة وسبعة وخمسون مليار وسبعمائة وخمسون مليون دولار ولو احتسبنا خسائر العراق التي سببها الحصار الاقتصادي على مدى ثلاثة عشر عاما و على فرض أن العراق لم يصدر برميلا واحدا طيلة فترة الحصار التي بلغت 4630 يوم ابتداء من 12 آب 1990 وحتى 9 نيسان 2003 وبمعدل تصدير (2000000) مليوني برميل نفط يوميا وفقا لحصة العراق في التصدير وعلى فرض بأن سعر البرميل 50 دولار علما أن هذا الرقم مبالغ فيه كثيرا لأن السعر العالمي كان اقل بكثير فستكون خسارة العراق (463000000000) أربعمائة وثلاثة وستون مليار دولار ولو أضفنا هذا الرقم إلى الأرقام السابقة لأصبح المجموع الكلي (819750000000) ثمانمائة وتسعة عشر مليار و وسبعمائة وخمسون مليون دولار أي أن الرقم لم يصل إلى التريليون ؟؟؟؟ علما ان كل ما افترضناه كان مبالغا فيه لأن العراق لو لم يكن يصدر فإنه لم يخسر لأن النفط سيبقي في باطن الأرض مع ازدياد سعره يوما بعد يوم وهو استثمار وليس خسارة , فمع كل هذه المبالغة في حساب الأرقام لم يخسر العراق أموالا بقدر ما خسر في السنوات الإحدى عشرة الماضية؟؟؟ ومع كل تلك الحروب والخسائر كانت عجلة البناء مستمرة والأعمار كان مصدر إعجاب دول المنطقة والعالم ففي الوقت الذي كان يخسر العراق 55 مليون دولار يوميا كانت أرقى الشركات العالمية تبني الشوارع السريعة وفنادق الدرجة الأولى والمطارات المتطورة وشبكات الاتصالات العملاقة والنقل الداخلي ولم تغرق بغداد أو المدن الأخرى يوما ما؟؟؟؟ وعودة لما بدأت به حديثي عن موسوعة جينيس للأرقام القياسية لأدعو العراقيين للقيام بحملة وطنية شاملة للعمل على إدخال العراق في هذه الموسوعة لرفع علم العراق عاليا في المحافل الدولية خصوصا وأنه الأول وبدون منازع في الفساد المالي وفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية محتلا المركز الأول في قائمة الفساد وكذلك لكونه البلد الذي شهد اكبر عملية سرقة في التاريخ وبشهادة هيئة النزاهة فيه والتي زاد فيها ما سرق عن تريليون دولار ….ولنا معكم لقاء في حلقة قادمة من مسلسل الفساد والله يعينك تريليون مرة يا عراق.