هناك الکثير من التناقض والتضارب في التصريحات والمواقف المعلنة بشأن محادثات فيينا وماقد يمکن أن يتمخض عنها، وجوهر وأساس هذا التناقض والتضارب مرتبط بالنظام الايراني ذاته والذي لايبدو أن المجتمع الدولي قد تمکن لحد الان من إيجاد ثمة طريقة أو وسيلة من أجل السيطرة عليه وجعله ينقاد للمطالب الدولية المشروعة، وحتى إن الاتفاق النووي في عام 2015، والذي شرع النظام الايراني وبإعتراف المخابرات الالمانية والسويدية وحتى الامريکية وغيرها بإنتهاك بنود الاتفاقية وخرقها وذلك من خلال المضي قدما في مساعيه السرية المشبوهة من أجل إنتاج القنبلة الذرية.
في الوقت الذي يشاع فيه بأن بوادر التوصل الى إتفاق نووي في محادثات فيينا قد باتت قريبة، فإن هناك وبنفس الدرجة بوادر عن إمکان إنهيار المحادثات وإستحالة التوصل لإتفاق نووي. وفي الوقت الذي أکد فيه وزير الخارجية الامريکي بلينکن وبصورة واضحة بأن التوصل لإتفاق نووي مع النظام الايراني لن تکون حاسمة لأنه وکما قال: “أن أفضل خيار الآن هو العودة إلى الالتزامات النووية، لكن لا ينبغي أن ننسى أن إيران تكتسب المزيد من القدرات والمعرفة النووية خلال هذه الفترة، والحقيقة أنه حتى لو تم إحياء الاتفاق النووي، فإن فوائده لن تكون كما كانت من قبل”، وهذا الکلام يعني بأن يد النظام مفتوحة بقدر أکبر من ذلك الذي کان متاحا له عقب إتفاق عام 2015، والاکثر أهمية من هذا هو إنه وبالتزامن مع تصريحات بلينکن هذه، فقد نقل موقع “أكسيوس” الإلكتروني عن مسؤول أميركي لم يكشف عن هويته، قوله “نحن قريبون إما من التوصل للاتفاق أو انهيار المحادثات”!
من هنا يبدو واضحا بأن محادثات فيينا صارت أشبه بذلك الشئ الذي يحتوي الشئ ونقيضه، وإنه وکما کانت الصورة غير واضحة بشأن ماقد تتمخض عنه محادثات فيينا خلال الجولات التي خاضتها، فإن الصورة الان وبعد زيارة رئيسي لموسکو تبدو أيضا غير واضحة، لکن الذي يجب أن نشير إليه هنا هو إنه وکما صرح بلينکن فإن “أحد مطالب إيران في محادثات فيينا هو إعطاء ضمانات من الولايات المتحدة بأنها لن تنسحب مرة أخرى من الاتفاق النووي، لكن في النظام السياسي الأميركي لا تستطيع الإدارة إعطاء مثل هذه الضمانات بسرعة وحزم.”، وفي الوقت الذي يعلم فيه النظام الايراني جيدا بأن أية إدارة أمريکية لايمکن أن تضمن الادارة التي ستعقبها من حيث مواقفها من مختلف الامور، فإنه ومن أجل التلاعب والمراوغة واللف والدوران يقوم بطرح هکذا شرط لتحقيق أکثر من هدف وفي مقدمته إطالة أمد المحادثات والقفز على الحقائق من أجل توفير الاجواء المناسبة للإستمرار في مساعيه السرية من أجل إنتاج القنبلة النووية، والحقيقة الاهم التي يجب هنا الانتباه إليها جيدا هو إن السبب الاساسي لتضارب وتناقض المواقف والاراء بشأن إمکانية التوصل أو عدم التوصل لإتفاق نووي مع النظام الايراني هو لأنه نظام لايمکن الوثوق به!