17 نوفمبر، 2024 7:19 م
Search
Close this search box.

كُنّا نُسقى ونُغنّى ـ ـ صِرنا نسقي ونغني

كُنّا نُسقى ونُغنّى ـ ـ صِرنا نسقي ونغني

قال الإمام الشافعي: “والله لو علمت أن شرب الماء يلثم مروءتي ما شربته طول حياتي “.
تتداول وسائل الإعلام بمختلف قنواتها خبر وجود تجمع سياسي من أعضاء الكتل السياسية الذين إغتنوا من المال العام يحاولون الأتفاق فيما بينهم على البدأ بمشروع أطلقوا عليه “مشروع مارشال العراقي” لإعمار مدن المنطقة الغربية والموصل بعد تحريرها من داعش، وعلى غرار “مشروع مارشال” الأوربي الذي أطلقه رئيس الأركان الأمريكي ووزير الخارجية لاحقاً “جورج مارشال” بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها لإعمار أوربا وبالأخص المانيا التي دمرتها الحرب.
كذلك تناقلت وسائل الإعلام خبر لقاء رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في يوم الأحد المصادف في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/2015م برئيس بعثة الأمم المتحدة “يان كوبيش” ومناشدته لمساعدة النازحين والمهجرين الذين يفتشرون العراء في فصل الشتاء، وحيثُ اعلنت الحكومة العراقية مراراً عن عجزها في توفير أبسط مقومات العيش الكريم لمن ترك الديار هرباً من الحرب وويلاتها.
ولا يكاد يمر يوم دون سماعنا لأصواتِ السياسيين وهم يستجدون الدول الأوربية والخليجية لمد يد العون لمساعدة العراق بالمال لإنقاذ شعبه من خطر الموت والهلاك!!.
لقد كان يزورنا في السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم رؤساء دول لم نسمع بها من أفريقيا وأسيا وحتى جزر الواق واق ومن (إخواننا) رؤساء بعض الدول العربية ليطلبوا المساعدة المالية حاملين (طاساتهم) الفارغة لنملأها بالدولارات من خيرات العراق وليعودوا بعدها الى بلدانهم مكرّمين معززين، فبتنا اليوم نستجدي المعونة في ظل فسادٍ مستشرٍ وحروب خارجية وداخلية أنهكت الشعب وأقتصاده، وحكومة تستورد بملايين الدولارات لأعضائها “الحامض حلو”، والشعب مشرّد في العراء بين نازحٍ ومهجرٍ وهاربٍ خلف الحدود، ومن تبقى منهم أصبح مشروع إستشهاد في اية لحظة ينتظر دوره على قائمة الضحايا أما بسيارة مفخخة أو بعبوة ناسفة أو بطلقة تنطلق من فوهة مسدس كاتم للصوت جاء هدية لنا بطائرات التحالف التي أفرغت حمولاتها في مطاراتنا الدولية.
 وبعدما كان العراقي في تلك الفترة وخاصة في السبعينات من القرن المنصرم يذهب للإصطياف كسائح مرغوب به محمّل بالدولارات الى تركيا واليونان ودول أوربا الشرقية والغربية والى مصر ولبنان فيأخذون له الف تعظيم سلام، بات اليوم يذهب الى تلك الدول كلاجئ عبر طرق شرعية وغير شرعية تنقله قوارب الموت أو شاحناته ليُطارد كالمنبوذ براً وبحراً وجواً، وحيثُ لم يترك مدّعو الإيمان شيئاً له غير رحمة الله بعد أن سرقوا منه حتى أحلامه.
فنحن لسنا بحاجة الى “مشروع مارشال العراقي”، وإنما بكل تأكيد بحاجة ماسة الى “مشروع ما شالَ السياسي” أي ما حملَ وأخذ السياسي من أموال الشعب وبطرق غير قانونية، وهذا المشروع كفيل بإعادة إعمار العراق من الفاو حتى زاخو ومن خانقين حتى طريبيل في حالة إسترداد تلك الأموال المنهوبة.
أفلم يكن من الأفضل أيها الساسة أن تجتمعوا للتباحث عن كيفية إرجاع الأموال التي سرقتموها من خزينة الدولة العراقية لتكفيكم شرّ الحرج الذي ستقعون فيه وأنتم تتوسلون الدول الغربية وشيوخ الخليج وأمراءه وتتسولون الأموال منهم، في الوقت الذي تجاوزت فيه حساباتكم في المصارف الخارجية الأصفار التسعة بحسابات الأرقام العددية، وحيثُ أن مَنْ تستجدونهم على علمٍ بأن جيوبكم قد إمتلئت من مال الشعب ومن مشاريعكم المارشالية السابقة التي حصلتم فيها على المساعدات من هذه الدول، لكنها لم تذهب الى الطرف المستفيد بل وجدت الطريق الأقصر الى حساباتكم المصرفية!!.
فمِثلكم ينطبق عليهم المثل العراقي القائل: “مْجَدّي وعليچته قَديفه”(1).
 
إنتباهة:
(1)القديفة: أو القطيفة نوع من أنواع الأقمشة الحريرية أو القطنية المخملية والتي كانت محصورة على الميسورين فقط من أبناء الشعب.

أحدث المقالات