” تقتضي الإشارة , رغم انها مؤشّرة اصلاً او مسبقاً , لكنما كما يقال – في الإعادة إفادة ! – , فما نذكره في العنوان عن كييف فإنّما يمثّل معسكر الغرب بمواجهة روسيا , وما اوكرانيا إلاّ وكأنها كبش فداءٍ او حقل تجاربٍ للأسلحة الغربية الحديثة , وكساحة صراع تجري فيها منازلة الرّوس , وليحدث ما يحدث من قصفٍ وتدمير للبنى التحتية والمنشآت العسكرية الأوكرانية , ولعلّ الأهم هو محاولة استنزاف الجيش الروسي وتكبيده بأكبر خسائرٍ ممكنة , بينما يدرك الكرملين وجنرالاته ذلك , وهذا يشكل احدى اسباب تباطؤ تقدم القوات الروسية , وبقدر ما يتطلبه الأمر للحساب والتحسب للمدى البعيد , وهنالك أمورٌ ابعد من ذلك وبعيدة عن اضواء الإعلام .
التصريح الأخير للرئيس زيلينسكي بأنّ دولته لن تتفاوض مع روسيا إلاّ بعد انسحابٍ كاملٍ للجيش الروسي من اراضيها المحتلة .! , وبقدر ما يثيره هذا التصريح من نقدٍ ساخر , وسيما بعد عدة جولاتٍ من المفاوضات المشتركة التي طالبوا بها الأوكرانيون مع نظرائهم الروس , ومع ايضاً استماتة الرئيس زيلينسكي لعقد لقاءٍ مباشر بينه وبين الرئيس بوتين , وهذا لا يمكن ان يحصل في المدى المنظور ” وأبعد منه قليلاً , إلاّ أنّ الرئيس الأوكراني يدرك مسبقاً استحالة تنفيذ طرحه , وما تصريحه إلاّ للإستهلاك المحلي او الداخلي , إلاّ أنه قد يفتح جبهةً نقدية اخرى من النخب الأوكرانية , وربما قد تتفاعل ببطئٍ ما .
الطرح الروسي الأخير بأستعداد موسكو للسماح بفتح الموانئ الأوكرانية واتاحة الفرصة لتصدير القمح الأوكراني الى العديد من دول العالم , مقابل إلغاء العقوبات الغربية على موسكو , انّما بقدر ما يغدو هذا الطرح كنوعٍ من الذكاء ” غير الإصطناعي ! ” , ومع ادراكٍ مسبق للقيادة الروسية بأستحالة او صعوبة تنفيذ ذلك او قبول معسكر الغرب به , إلاّ أنّه سوف يحرج الحكومات الغربية ومعهم الأمريكان , من قِبَل شعوبهم بعد تفاقم ازمة القمح وعموم الغذاء وارتفاع الأسعار بعد وقت غير معلوم , لكنّه كان على قادة الدبلوماسية الروسية أن يحاولوا طرح هذا الطرح من قِبلِ طرفٍ آخرٍ ! وليس أن تكون الصين بالدرجة الأولى لتولّي هذه المهمة , ففي المفهوم الدبلوماسي التقليدي , فإنّ ايّ ما يجري طرحه من الأتحاد الأوربي على روسيا سوف ترفضه موسكو , والعكس بالعكسِ ايضاً , وهذا لم يعد بجديدٍ في العلاقات الدولية اثناء الأزمات والحروب , وما أثبتته الأحداث منذ نحو نصفِ قرنٍ بأكثرٍ او أقلّ .
الى ذلك وسواه , فمثل هذه الجزئيات وما اكبر منها سوف تتحوّل الى بعض الأساسيات ضمن الصولات والجولات السياسية – العسكرية القادمة , وخصوصاً أنّ الساحة الأوكرانية ” تحمِل ! ” وتتحمّل لمزيدٍ من العمليات الجراحية , مهما كانت من عملياتِ إسقاطٍ واجهاض من الأطراف المتصارعة من خارج الأوكرانيين , ومهما تضائلَ او ارتفع عدد هذهنّ العمليات نوعياً وكمياً , إلاّ انها تدخل ضمن المفردات الأولية لِ ” مينيو ” قائمة الصراع , ومهما بلغت اثمانها
نشير ايضاً أنّ موسكو لم تطرح طرحها هذا , إلاّ بعد أن علمت أنّ ” انطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة في صدد الإعداد والإخراج والمونتاج ! لطرح مسألة فتح الموانئ الأوكرانية لضخّ القمح والحنطة لعديدٍ من دول العالم , وليس متوقعاً أن ينجح السيد انطونيو في مساعيه الحميدة ! وهو ما تلقّغته موسكو على عجلٍ .!