انظر إلى اعالي السماء واقلب بصري بين النجوم والكواكب ويسبح خيالي الليلي بعيدا , ليعود بذاكرتي الى الوراء القبلتاريخي!, ليطل على زمن كانا فيه كيوبيد وبسايكي حاضران في اعيننا واذهاننا, وليقف على كلمة لامعة في قاموس الماضي اسمها الحب الكيوبيدي, الذي اصاب الجميع بسهامه الفتاكة البريئة !ليعلن عن فصل جديد في مملكة الحب والنقاء الأبدي, وليعلن ايضا عن تطهير جميع خطايانا التي اثقلت كاهله, ليس من أجل نقاءنا فحسب , بل من أجل ان يحافظ على بسايكي كما عهدها هي, كي لا تتلوث بالخطايا والرذائل التي زرعها إبليس في جناتنا, فتوغل ذاكرتي بالماضي اكثر لتصل الى “فينوس” و”افروديت”, وكل ما كان يحمل للحب والجمال معنً, غير ذلك المعنى الذي جاء من ادبياتنا الحقيرة!, اما كيوبيد فكان مميزا بنشر الحب والنقاء بين جميع المخلوقات الأليفة والمتوحشة على السواء!, فجناحيه الصغيرين كانا يسعفانه على الطيران بين ارجاء الكون ليبحث عمن لم يصب بعدوى الحب!, وليرديه بسهمه بعد ذلك عاشقا مجنونا!, فقد كانت السماء تبعث ضياءا قوس قزحيا, عندما يحلق فيها والأرض تنمو حدائق غناء, تزهو بالورود والألوان الزاهية عندما يمر فوقها, وهكذا لم تستمر ذاكرتي بالإستمرار اكثر لكن سرعان ما استوطنت في ذهني ذاكرة أخرى, فنيت كل شيئ من ذلك الزمن البهي, وهربت بخيالي الليلي الى الأمام الى العالم العلوي, الذي يشبه الضباب في كوكبنا الأرضي!, لتقف عند مسافة بعيدة يظهر فيها تمثال يستوطن بقعة معينة, لم تستطع ذاكرتي تمييزه بوضوح بسبب زحمة الضباب, لكن سرعان ما همس لي صوت خافت قال لي انه روح بسايكي, وقال لي ان هذا التمثال ليس سوى اطلال قديمة, لم يعد لها وجود يذكر بسبب عوامل الزمن الطويل, اطلال تبكي وتتباكى على الماضي السحيق وهي لم تيأس لحظة من أمل البكاء, عله يعود هذا الزمن من جديد فالزمن الذي نعيش تحت ظلاله اليوم, جعل كيوبيد يفضل الهروب الى العالم العلوي, ليظل هناك اطلالا بعيدة, لم تفقد الأمل من أجل العودة الى الحياة .
عندها أفقت من ذاكرتي الطويلة, ولم انفك من النهوض حتى وجدت عيني واقعة على نجم صغير في السماء, يشبه الملاك المجنح الذي يحمل القوس في احدى ذراعه المضيئة, ادركت حينها ان كيوبيد قد اصابني بإحدى سهامه في يوم من الأيام والسبب ذاكرتي ! .
[email protected]