17 نوفمبر، 2024 7:47 م
Search
Close this search box.

كيف يمنع العبادي محاولات إسقاط حكومته

كيف يمنع العبادي محاولات إسقاط حكومته

منذ ان تسلم السيد حيدر العبادي مسؤولياته كرئيس لمجلس الوزراء و العراقييون يتطلعون لإنجازاته و ما سيقوم به بعد كل سنوات الفشل التي أوصلت العراق الى ما هو عليه اليوم من حالة أمنية مضطربة واقتصاد متأزم.

و قد اعتاد العراقيون على توصيف ما يتحمله العبادي من اعباء بأنه “تركة ثقيلة” لكنه وصف غير دقيق لأن العبادي ما زال يواجه ذات التيار المسؤول عن تلك التركة. فهناك محاولات عديدة اليوم لإسقاط الأمل في حكومة العبادي و إظهارها بمظهر العاجز عن الإنجاز ، في حين انه قد بات واضحا اليوم ان من يريد إسقاط العبادي هو من تضرر من سياسته و  يخشى من التأييد الشعبي الكبير الذي يحظى به.

و يصطدم هذا التأييد بإرادات الكتل السياسية التي تتقاسم مجلس الوزراء و تحاول الضغط بشكل او بآخر للحصول على مكاسب سياسية و منافع مادية بدلا من ان تدعم البرنامج الحكومي للسيد العبادي.

و كلما حاول رئيس الوزراء اجراء مقاربات محلية و إقليمية خرجت تلك الأصوات التي تدعي حرصها على العراق لتتهم الحكومة بالانبطاحية تارة و التبعية تارة اخرى. حتى أن البعض ممن يدعي أنه جزء من العملية السياسية بات يستغل ما ينشره تنظيم داعش الإرهابي من شائعات حول أداء الجيش في المعارك لتحميل العبادي مسؤولية أي خرق أو خطأ و ذلك في محاولة واضحة للطعن بكفاءته و قدرته على إدارة المعركة.

و قد استدعى هذا الأمر أن يجتمع العبادي بالرئاسات الأخرى في العملية السياسية لاستيضاح الموقف و توحيد الكلمة و سد الباب أمام تلك المحاولات المغرضة التي لا تؤثر فقط على أداء الحكومة و إنما على سير العمليات العسكرية و تزعزع الثقة بين المواطن و الجيش من جهة و بين الجنود و قياداتهم من جهة أخرى.

و يبدو ان رئيس الوزراء حيدرالعبادي اليوم في موقف لا يحسد عليه ، فهو محليا أسير لكتلته التي تضم أحد كبار منافسيه في السلطة. و هو مطالب أيضاً من قبل المكون السني ممثلاُ باتحاد القوى بتنفيذ ما اتفق عليه في الوثيقة السياسية. بالإضافة لذلك يحاول العبادي تجنب الدخول في سياسة المحاور و الصراع الإقليمي بين دول المنطقة. 

و حتى في موضوع الحشد الشعبي الذي تشكل لطرد داعش من العراق فإن البعض يحاول استغلاله للحصول على مكاسب سياسية في مرحلة ما بعد داعش.

 امام هذه التحديات يقف العبادي حائرا بين صراعات الكتل و الدول على النفوذ و وضع اقتصادي لا يمكنه حتى من تلبية حاجات المواطنين البسيطة.

و يعتقدالبعض ان إفشال حكومة العبادي هو نجاح لسياساتهم و اعادة لعقارب الساعة الى الوراء في حين انه في الواقع ضياع للفرصة الاخيرة لإنقاذ البلد من كل مشاكله السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.

لذلك فإن إسراع العبادي في التخلص من قيود التكتلات السياسية مهم جداً لمحاربة الفساد و تنفيذ البرنامج الحكومي.

إن  نجاح العبادي في الخروج من هذه الأزمات منتصراً سيعيد الثقة بالإدارة السياسية للبلاد و سيؤسس لتيار شعبي جديد ، يمهد لتكتل سياسي من الشخصيات الوطنية و الكفوءة ، و هو أمر بات ضرورة ملحة لتشكيل مجموعات ضغط تقف في وجه كل من يحاول عرقلة خطط العبادي الطموحة في بناء الدولة.

إن مصارحة العبادي للعراقيين بالجهات التي تقف عائقاً أمام مصالحهم و تحطم اقتصادهم و تهدد أمنهم هو مطلب شعبي يدرك العراقيون صعوبة تحقيقه في الوقت الراهن لاعتبارات العملية السياسية ، لكن بالمقابل من ذلك فإن مصالحة الشرفاء الوطنيين الذين أبعدتهم الحكومة السابقة عن الساحة سيكون بادرة جيدة لتطبيق الخطط المستقبلية و ضمانها.

و من أخطر المهمات التي تواجه العبادي الإسراع في محاسبة سراق المال العام ، قديما و حديثا ، لأنهم لا يشكلون خطرا على اقتصاد العراق و وحدته فحسب بل على حكومة العبادي نفسها. و اذا كان هذا الفساد ناخرا حتى في جسد الحكومة فإن السيد العبادي أولى بمعالجته و ذلك بتفعيل دور القضاء و تعزيز استقلاليته و اعطائه دفعة من الدعم للقيام بواجبه في محاربة من يسرق العراقيين بيد ، و يلوح بأموالهم لشراء الذمم و المواقف السياسية باليد الاخرى.

إن قدرة السيد العبادي على محاربة الفساد  و تحويل العراق الى ساحة للاستثمار الدولي بدلا من ملعب لصراع إقليمي بغيض ، يحتاج إلى جملة من القوانين المشجعة على الاستثمار الحقيقي و ليس الوهمي الذي كلّف العراق ترليون دولار دون تحقيق اي منجز على الارض.

ان كسر القيود التي تعيق عمل السيد العبادي يحتاج لإرادة صلبة بالتغيير و دعم شعبي واسع . و لا يمكن ابدا ان يجلس العراقيون بكل توجهاتهم الفكرية و تياراتهم المختلفة ينظرون الى العبادي و هو يجابه حيتان الفساد و السياسة وحيدا دون ان يقدموا له الدعم و السند. لكن على العبادي ايضا أن يكون اكثر انفتاحا على الشعب في تعرية من يعمل على إفشال برنامجه  إذا ما استمروا بمحاولات إسقاط حكومته.

أحدث المقالات