كيف نواجه أزمة مياه هي الاسوأ منذ 90 عاماً؟

كيف نواجه أزمة مياه هي الاسوأ منذ 90 عاماً؟

عقد في مقر وزارة الموارد المائية، اجتماع تشاوري مشترك، لبحث الحلول والمعالجات العاجلة لأزمة الجفاف وشح المياه، وضم الاجتماع وزراء الموارد المائية والزراعة والبيئة، وأكد وزير الموارد المائية عون ذياب، أن العراق يمر بأسوأ السنوات المائية منذ أكثر من 90 عاماً، مرجعاً السبب إلى التغيرات المناخية واستمرار دول المنبع، وخاصة تركيا، في إنشاء المشاريع الخزنية والإروائية على منابع الأنهر. وأكد وزير الموارد المائية خلال الاجتماع على أن العراق “يمر حالياً بأشد سنوات الجفاف بشكل غير مسبوق”، واصفاً السنة الحالية بأنها “من أسوأ السنوات المائية منذ أكثر من 90 عاماً”. وأرجع أسباب هذه الأزمة إلى التغيرات المناخية واستمرار دول المنبع، وخاصة الجارة تركيا، في إنشاء المشاريع الخزنية والاروائية على منابع الأنهر، مما انعكس سلباً على الواردات المائية لنهري دجلة والفرات وأثر في الواقع البيئي والزراعي في البلاد. وشمل الاجتماع تقديم عرض توضيحي مفصّل حول الإيرادات المائية للسنة الحالية 2024-2025 مقارنة بالعام الماضي وواقع خزين السدود والتأثيرات على حوضي دجلة والفرات والخزينالمائي المتوقع خلال شهر تشرين الثاني المقبل ونسبة التراكيز الملحية في نهري دجلة والفرات والأرتفاع غير المسبوق في ملوحة شط العرب والجهود المبذولة للحفاظ على معدلات مقبولة شمال مدينة البصرة. من جهته، شدد وزير الموارد المائية عون ذياب على أن تأمين مياه الشرب والاستخدامات البشرية يعد من الأولويات القصوى لعمل الوزارة، مع الحفاظ على الحدود الدنيا للجريان البيئي. بدوره، قدم وزير البيئة إيجازاً عن مشكلة التلوث في مجاري الأنهار نتيجة رمي الملوثات والمخلفات الصناعية، مؤكداً على العمل لوضع آلية للحد من هذه الظاهرة حفاظاً على صحة المواطن.
من ناحيته، أكد وزير الزراعة الدكتور عباس المالكي على أهمية التكيف مع الوضع المائي الراهن، الذي وصفه بـ “الأقسى منذ سنوات”، داعياً إلى ترشيد استهلاك المياه وتقنين ا ستخدامها في القطاع الزراعي.

وحملت أوساط سياسية وإعلامية عراقية بشدّة على قرار حكومة رئيس الوزراء محمّد شياعالسوداني إجراء المزيد من المفاوضات مع تركيا بهدف تأمين الكميات الضرورية لتلبية حاجة العراق من المياه خلال المدى المنظور,,, وجاء ذلك إثر الإعلان، عن اتفاق ثلاثة وزراء في الحكومة على التفاوض مع الجانب التركي لتأمين المياه للبلاد خلال الشهرين المقبلين الأمر الذي اعتبره منتقدو السياسات الحكومية في مجال المياه دليل عجز عن إيجاد حلول حقيقية للمعضلة التي باتت تشكل تهديدا وجوديا للعراق وسكانه، وعدم القدرة على فرض حصول البلد على حقوقة المائية من جارته الشمالية بقوة القانون الدولي، وكحقوق مشروعة لا كهبات,,ويستند هؤلاء إلى كون المفاوضات لم تنقطع أصلا ولم تفض إلى أيّ اختراق في الموقف التركي المتشدّد إزاء مسألة تقاسم مياه نهري دجلة والفرات، حيث أدلى الجانب التركي بما لديه عارضا على الجانب العراقي “تنازلات” طفيفة بعيدة كل البعد عن حل أزمته المائية المستفحلة، ومقترحا على بغداد مساعدات تقنية في ترشيد استهلاك الماء وحسن التصرّف فيه

ويبدو العراق قد تجاوز الخط الأحمر في أزمة المياه التي أصبح نقصها وحتى ندرتها في بعض الأحيان ماثلة للعيان من خلال خلو مجاري الأنهار من الماء وانحساره عن مناطق غدت جافة بالكامل ومتشققة بعد أن كانت مغمورة بالمياه وتمارس فيها أنشطة زراعية على نطاق واسع مثل زراعة الأرز المغمور وتربية الجواميس وحتى الصيد السمكي بالقوارب التي باتت أعداد كبيرة منها مهجورة وملقاة في أماكن جافة ومغبرّة كما لو أنها لم تكن يوما بركا طافحة بالمياه وغنية بالأسماك ,, ويظهر قصر المدى الزمني للهدف المراد تحقيقه والمحدّد بشهرين فقط وكذلك ترتيب الأوليات الحكومية إلى درجة تأخير مسألة الزراعة المرتبطة بالأمن الغذائي للبلاد مدى حراجة الأزمة وطابعها الاستعجالي لذا يعتبر التفاهم مع تركيا على زيادة الاطلاقات المائية بما يتناسب مع حاجة العراق المستقبلية وليس الشهرين القادمين فقط ,, كما أكدت لجنة الزراعة في البرلمان العراقي،، أن العراق يواجه خطراً كبيراً بعد أن قلصت وزارة الزراعة الخطط الزراعية في جميع المناطق العراقية بسبب ندرة المياه، وهو ما يهدد الأمن الغذائي والمائي معاً , وطالبت الحكومة العراقية بـ“اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة مع جميع الدول المتشاطئة، وفي مقدمتها تركيا وإيران وسورية، لضمان التزامها بالاتفاقيات الدولية والإقليمية الخاصة بتقاسم المياه، وتثبيت حصة العراق المائية بشكل واضح وثابت مع  ضرورة تدويل الملف إذا استمر عدم الالتزام. “، أن الأزمة الحالية لا تقتصر على نقص المياه المخصصة للزراعة، بل تمتد لتؤثر على إنتاج الطاقة الكهرومائية، و”تؤدي إلى تفاقم أزمة الجفاف في الأهوار، وتراجع الثروة السمكية، وهجرة آلاف الأسر من مناطقها بسبب انعدام مصادر المعيشة”. وأشار إلى ضرورة اعتماد سياسات مائية داخلية صارمة

ولا يبدي المهتمون بملف المياه في العراق أيّ تفاؤل بإمكانية حلّ المعضلة المائية عبر التفاوض مع تركيا متوقّعين أن المقترح الوزاري في حال تنفيذه لن يقود سوى إلى إغراق العراق في متوالية لا متناهية من التفاوض مع أنقرة التي أظهرت براعة في إطالة أمد المفاوضات مغدقة الوعود على بغداد بهدف محدّد هو الحفاظ على العلاقات الحيوية المتنامية معها دون تمكينها بالفعل من أيّ مكاسب حقيقية في مجال المياه التي تقول تركيا إنّها تواجه بدورها نقصا حادّا فيها وإنها في حاجة إلى الحفاظ على كل قطرة منها لتلبية طموحاتها التنموية الكبيرة والاستجابة لمشاريعها الصناعية والزراعية الضخمة التي أقامت بسببها سلسلة من السدود لاحتجاز كميات ضخمة من الماء على حساب حصة الجارتين سوريا والعراق