مرت التجربة العراقية في مجال الصناعة بمراحل متعددة منذ سبعينيات القرن الماضي وواجهت تحديات مختلفة مع إختلاف السياسات وتأثير المشاريع الدولية على الداخل والقرار الوطني وتعدد أوجه المنافسة والمشاكل التي واجهت هذا القطاع بسبب الحروب والحصار ولكن في المجمل فإن قطاع الصناعة قدم إنموذجا جيدا في مجالات عدة تتعلق بالتغيير المستمر والديناميكية العالية التي يحتاجها الوطن والمواطن والخروج من دائرة الهيمنة التي يفرضها الخارج ويريد أن يجعل العراق مجرد سوق لا أكثر لصناعات ومنتجات ذلك الخارج الذي لا يرحم لأنه لا يفكر سوى بمصالحه ولا يهتم لمصالح بلد على القائمين عليه أن يهتموا بها ويعملوا على تأمينها بالطرق الممكنة .
وزارة الصناعة العراقية من أهم وأخطر الوزارات التي تقع عليها مسؤوليات جمة وخطيرة ترتبط بمحاولات تغيير معادلة التأثير الدولي على الداخل العراقي حيث يختل الميزان التجاري مع أغلب الدول التي تتفوق صناعيا وتغطي حاجات العراق ولكنها تستنزف العملة الصعبة التي يعاني العراق من العجز في توفيرها لسداد مطالب الخارج وتغطية الديون التي تستحق السداد والفوائد المترتبة عليها كما أن هناك حاجة لشراء منتجات صناعية من مناشئ متعددة ولكنها جميعا تتطلب المزيد من الأموال التي لا تتوفر دائما خاصة مع إنخفاض أسعار النفط العالمية وتخفيض الإنتاج النفطي وصعوبة الحصول على موارد أخرى وهو ما يتطلب أن يكون هناك تغيير في المنهجية التي تتبعها الدولة العراقية ولذلك نتمنى على وزارة الصناعة تبني مواقف وإستراتيجيات أكثر نجاعة وتحقيق التوازن بين الحاجات والإمكانات ولذلك فأي منجز تحققه الوزارة يعد تحولا وسلوكا جديدا يغادر دائرة التردد الذي عشناه في مراحل التغيير الأولى .
إفتتاح مشاريع كبرى صناعية وتوفير إحتياجات السوق المحلية في مجالات عدة ومع سياسات جديدة ، مخطط لها بشكل منهجي ومهني وفكر متطور تتعبها او يتعبها هرم وزارة الصناعة ، قد تبدا بالفعل مسيرة جديدة ومبشرة على مدى المستقبل القريب ومطالبة بالتركيز على تخفيف الإعتماد على الخارج وحماية العملة الصعبة من أن تستنزف وتحمي العملة الوطنية من الانهيار لتخلق سوق قوي وطني حر بعيدًا عن الضغوطات والإرادات التي همها ضرب الصناعة الوطنية .